مقاييس اللغة — ابن فارس (٣٩٥ هـ)

(قَصَدَ) الْقَافُ وَالصَّادُ وَالدَّالُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ، يَدُلُّ أَحَدُهَا عَلَى إِتْيَانِ شَيْءٍ وَأَمِّهِ، وَالْآخَرُ عَلَى اكْتِنَازٍ فِي الشَّيْءِ.
فَالْأَصْلُ: قَصَدْتُهُ قَصْدًا وَمَقْصَدًا. وَمِنَ الْبَابِ: أَقْصَدَهُ السَّهْمُ، إِذَا أَصَابَهُ فَقُتِلَ مَكَانَهُ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحِدْ عَنْهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
فَأَقْصَدَهَا [سَهْمِي] وَقَدْ كَانَ قَبْلَهَا ... لِأَمْثَالِهَا مِنْ نِسْوَةِ الْحَيِّ قَانِصَا
وَمِنْهُ: أَقْصَدَتْهُ حَيَّةٌ، إِذَا قَتَلَتْهُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: قَصَدْتُ الشَّيْءَ كَسَرْتُهُ. وَالْقِصْدَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا تَكَسَّرَ، وَالْجَمْعُ قِصَدٌ. [وَمِنْهُ قِصَدُ] الرِّمَاحِ. وَرُمْحٌ قَصِدٌ، وَقَدِ انْقَصَدَ. قَالَ:
تَرَى قِصَدَ الْمُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا ... تَذَرُّعٌ خُِرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ
وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ: النَّاقَةُ الْقَصِيدُ: الْمُكْتَنِزَةُ الْمُمْتَلِئَةُ لَحْمًا. قَالَ الْأَعْشَى: قَطَعْتُ وَصَاحِبِي سُرُحٌ كِنَازٌ ... كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصِيدُ
وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْقَصِيدَةُ مِنَ الشِّعْرِ قَصِيدَةً لِتَقْصِيدِ أَبْيَاتِهَا، وَلَا تَكُونُ أَبْيَاتُهَا إِلَّا تَامَّةَ الْأَبْنِيَةِ.

مفردات ألفاظ القرآن — الراغب الأصفهاني (٥٠٢ هـ)

القَصْدُ: استقامة الطريق، يقال: قَصَدْتُ قَصْدَهُ، أي: نحوت نحوه، ومنه: الِاقْتِصَادُ، والِاقْتِصَادُ على ضربين: أحدهما محمود على الإطلاق، وذلك فيما له طرفان: إفراط وتفريط كالجود، فإنه بين الإسراف والبخل، وكالشّجاعة فإنّها بين التّهوّر والجبن، ونحو ذلك، وعلى هذا قوله: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ [لقمان : 19] وإلى هذا النحو من الاقتصاد أشار بقوله: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا(١) [الفرقان : 67] . والثاني يكنّى به عمّا يتردّد بين المحمود والمذموم، وهو فيما يقع بين محمود ومذموم، كالواقع بين العدل والجور، والقريب والبعيد، وعلى ذلك قوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ [فاطر : 32] ، وقوله: ﴿وَسَفَراً قاصِداً﴾ [التوبة : 42] أي: سفرا متوسّط غير متناهي هي البعد، وربما فسّر بقريب. والحقيقة ما ذكرت، وأَقْصَدَ السّهم: أصاب وقتل مكانه، كأنه وجد قَصْدَهُ قال:
368- فأصاب قلبك غير أن لم تقصد(٢)
وانْقَصَدَ الرّمحُ: انكسر، وتَقَصَّدَ: تكسّر، وقَصَدَ الرّمحَ: كسره، وناقة قَصِيدٌ: مكتنزة ممتلئة من اللّحم، والقَصِيدُ من الشّعر: ما تمّ شطر أبنيته(٣) .
 

لسان العرب — ابن منظور (٧١١ هـ)

قصد
قصد: الْقَصْدُ: اسْتِقَامَةُ الطَّرِيقِ. قَصَد يَقْصِدُ قَصْدًا، فَهُوَ قاصِد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ؛ أَي عَلَى اللَّهِ تَبْيِينُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ والدعاءُ إِليه بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ، وَمِنْهَا جَائِرٌ أَي وَمِنْهَا طَرِيقٌ غَيْرُ قَاصِدٍ. وطريقٌ قَاصِدٌ: سَهْلٌ مُسْتَقِيمٌ. وسَفَرٌ قاصدٌ: سَهْلٌ قَرِيبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَفَرًا قَاصِدًا أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قَالَ أَبو اللِّحَامِ التَّغْلِبِيُّ، وَيُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، والأَول الصَّحِيحُ:
عَلَى الحَكَمِ المأْتِيِّ، يَوْمًا إِذا قَضَى ... قَضِيَّتَه، أَن لَا يَجُورَ ويَقْصِدُ
قَالَ الأَخفش: أَراد وَيَنْبَغِي أَن يَقْصِدَ فَلَمَّا حَذَفَهُ وأَوقع يَقْصِدُ مَوْقِعَ يَنْبَغِي رَفَعَهُ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمَرْفُوعِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَفَعَهُ لِلْمُخَالَفَةِ لأَن مَعْنَاهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ فَخُولِفَ بَيْنَهُمَا فِي الإِعراب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ عَلَى الْحَكَمِ المرْضِيِّ بِحُكْمِهِ المأْتِيِّ إِليه لِيَحْكُمَ أَن لَا يَجُورَ فِي حُكْمِهِ بَلْ يَقْصِدُ أَي يَعْدِلُ، وَلِهَذَا رَفَعَهُ وَلَمْ يَنْصِبْهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَن لَا يَجُورَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لأَنه يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: عَلَيْهِ أَن لَا يَجُورَ وَعَلَيْهِ أَن لَا يَقْصِدَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ بَلِ الْمَعْنَى: وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يَقْصِدَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الأَمر أَي وَلْيَقْصِدْ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ؛ أَي لِيُرْضِعْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَصدَ القصدَ تَبْلُغُوا
أَي عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ مِنَ الأَمور فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَهُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ المؤَكد وَتَكْرَارُهُ للتأْكيد. وَفِي الحديث:
كان صلاتُه قَصْداً وخُطبته قَصْداً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ هَدْياً قَاصِدًا
أَي طَرِيقًا مُعْتَدِلًا. والقَصْدُ: الاعتمادُ والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ لَهُ وأَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، وَهُوَ قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وَكَوْنُهُ اسْمًا أَكثر فِي كَلَامِهِمْ. والقَصْدُ: إِتيان الشَّيْءِ. تَقُولُ: قصَدْتُه وقصدْتُ لَهُ وقصدْتُ إِليه بِمَعْنًى. وَقَدْ قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وَقَالَ:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ ... كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَصَدْتُ قَصْدَه: نَحَوْتُ نَحْوَهُ.
والقَصْد فِي الشَّيْءِ: خلافُ الإِفراطِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الإِسراف وَالتَّقْتِيرِ. وَالْقَصْدُ فِي الْمَعِيشَةِ: أَن لَا يُسْرِفَ وَلَا يُقَتِّر. يُقَالُ: فُلَانٌ مُقْتَصِدٌ فِي النَّفَقَةِ وَقَدِ اقْتَصَدَ. وَاقْتَصَدَ فُلَانٌ فِي أَمره أَي اسْتَقَامَ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ؛ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالسَّابِقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا عالَ مُقْتَصِدٌ وَلَا يَعِيلُ
أَي مَا افْتَقَرَ مَنْ لَا يُسْرِفُ فِي الإِنفاقِ وَلَا يُقَتِّرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ
وَاقْصِدْ بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ عَلَى نفسِك. وَقَصَدَ فُلَانٌ فِي مَشْيِهِ إِذا مَشَى مُسْتَوِيًا، وَرَجُلٌ قَصْد ومُقْتَصِد وَالْمَعْرُوفُ مُقَصَّدٌ: لَيْسَ بِالْجَسِيمِ وَلَا الضئِيل. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
الجُرَيْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَطوف بِالْبَيْتِ مَعَ أَبي الطُّفَيْلِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحد رأَى رسولَ اللَّهِ، ﷺ، غَيْرِي، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ورأَيته؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَكَيْفَ كان صفته؟ قال: كَانَ أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً؛ قَالَ: أَراد بِالْمُقَصَّدِ أَنه كَانَ رَبْعة بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ وَلَا ناقِص فَهُوَ قَصْد، وأَبو الطُّفَيْلِ هُوَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسقع. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقَصَّدُ مِنَ الرِّجَالِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَهُوَ الرَّبْعَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المقصَّد مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ بِجَسِيمٍ وَلَا قَصِيرٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا النَّعْتُ فِي غَيْرِ الرِّجَالِ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْمَقْصِدِ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ وَلَا جَسِيمٍ كأَنَّ خَلْقه يجيءُ بِهِ القَصْدُ مِنَ الأُمور والمعتدِلُ الَّذِي لَا يَمِيلُ إِلى أَحد طَرَفَيِ التَّفْرِيطِ والإِفراط. والقَصْدَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْعَظِيمَةُ الهامةِ الَّتِي لَا يَرَاهَا أَحد إِلَّا أَعجبته. والمَقْصَدَةُ: الَّتِي إِلى القِصَر. وَالْقَاصِدُ: الْقَرِيبُ؛ يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ لَيْلَةٌ قَاصِدَةٌ أَي هَيِّنَةُ السَّيْرِ لَا تَعَب وَلَا بُطء. والقَصِيدُ مِنَ الشِّعْر: مَا تمَّ شَطْرُ أَبياته، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَطْرَا بِنْيَتِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَمَالِهِ وَصِحَّةِ وَزْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كَانَ مَا قَصُر مِنْهُ وَاضْطَرَبَ بناؤُه نَحْوَ الرمَل والرجَز شِعْرًا مُرَادًا مَقْصُودًا، وَذَلِكَ أَن مَا تمَّ مِنَ الشِّعْر وَتَوَفَّرَ آثرُ عِنْدَهُمْ وأَشَدُّ تَقَدُّمًا فِي أَنفسهم مِمَّا قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا مَا طَالَ ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مَقْصُودًا، وإِن كَانَ الرَّمَلُ وَالرَّجَزُ أَيضاً مُرَادَيْنِ مَقْصُودَيْنِ، وَالْجَمْعُ قَصَائِدُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: قَصِيدَة. الْجَوْهَرِيُّ: القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدة كسَفِين جَمْعُ سَفِينَةٍ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ قصائدُ وقصِيدٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: فإِذا رأَيت الْقَصِيدَةَ الْوَاحِدَةَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْقَصِيدُ بِلَا هَاءٍ فإِنما ذَلِكَ لأَنه وُضِعَ عَلَى الْوَاحِدِ اسمُ جِنْسٍ اتِّسَاعًا، كَقَوْلِكَ: خَرَجْتُ فإِذا السَّبُعُ، وَقَتَلْتُ الْيَوْمَ الذِّئْبَ، وأَكلت الْخُبْزَ وَشَرِبْتُ الْمَاءَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ احْتَفَلَ لَهُ فَنَقَّحَهُ بِاللَّفْظِ الجيِّد وَالْمَعْنَى الْمُخْتَارِ، وأَصله مِنَ الْقَصِيدِ وَهُوَ الْمُخُّ السَّمِينُ الَّذِي يَتَقَصَّد أَي يَتَكَسَّرُ لِسِمَنِه، وَضِدُّهُ الرِّيرُ والرَّارُ وَهُوَ الْمُخُّ السَّائِلُ الذَّائِبُ الَّذِي يَمِيعُ كَالْمَاءِ وَلَا يتقصَّد، وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ السِّمَنَ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ فَتَقُولُ: هَذَا كَلَامٌ سَمِينٌ أَي جَيِّد. وَقَالُوا: شِعْرٌ قُصِّدَ إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ الشِّعْرُ التامُّ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ جَعَلَهُ مِنْ بَالِهِ فَقَصَدَ لَهُ قَصْداً وَلَمْ يَحْتَسِه حَسْياً عَلَى مَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ، بَلْ رَوَّى فِيهِ خَاطِرَهُ وَاجْتَهَدَ فِي تَجْوِيدِهِ وَلَمْ يقتَضِبْه اقْتِضَابًا فَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْقَصْدِ وَهُوَ الأَمُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لَهَا؟ ... زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لَهَا
أَراد قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابْنُ بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ مِنَ الْقَصِيدِ والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وَوَاصَلَ عَمَلَ الْقَصَائِدِ؛ قَالَ:
قَدْ وَرَدَتْ مِثلَ الْيَمَانِي الهَزْهاز، ... تَدْفَعُ عَنْ أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ عَلَى مُقْصِدِنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يُرَادُ بِهِ هاهنَا مُفَعِّل لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ، يَدُلُّ عَلَى أَنه لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مُحْسِن ومُجْمِل وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى تَكْثِيرٍ لأَنه لَا تَكْرِيرَ عَيَّنَ فِيهِ أَنه قَرَنَهُ بالرَّجَّاز وَهُوَ فعَّال، وفعَّال مَوْضُوعٌ لِلْكَثْرَةِ. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ الأَخفش: وَمِمَّا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الشِّعْرِ الْبَيْتَانِ المُوطَآن لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيْتٌ وَالْبَيْتَانِ المُوطَآن، وَلَيْسَتِ الْقَصِيدَةُ إِلا ثَلَاثَةُ أَبيات فَجَعَلَ الْقَصِيدَةَ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الأَخفش جَوَازٌ، وَذَلِكَ لِتَسْمِيَتِهِ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات قَصِيدَةً، قَالَ: وَالَّذِي فِي الْعَادَةِ أَن يُسَمَّى مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات أَو عَشَرَةٍ أَو خَمْسَةَ عَشَرَ قِطْعَةً، فأَما مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فإِنما تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ قَصِيدَةً. وَقَالَ الأَخفش: الْقَصِيدُ مِنَ الشِّعْرِ هُوَ الطَّوِيلُ وَالْبَسِيطُ التَّامُّ وَالْكَامِلُ التَّامُّ وَالْمَدِيدُ التَّامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ وَالرَّجَزُ التَّامُّ وَالْخَفِيفُ التَّامُّ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَغَنَّى بِهِ الرُّكْبَانُ، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ يَتَغَنَّوْنَ بِالْخَفِيفِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ الْمَدِيدُ التامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ يُرِيدُ أَتم مَا جَاءَ مِنْهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَعني الضَّرْبَيْنِ الأَوّلين مِنْهَا، فأَما أَن يَجِيئَا عَلَى أَصل وَضْعِهِمَا فِي دَائِرَتَيْهِمَا فَذَلِكَ مَرْفُوضٌ مُطَّرَحٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصل [ق ص د] وَمَوَاقِعُهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ والنهودُ والنهوضُ نَحْوَ الشَّيْءِ، عَلَى اعْتِدَالٍ كَانَ ذَلِكَ أَو جَوْر، هَذَا أَصله فِي الْحَقِيقَةِ وإِن كَانَ قَدْ يُخَصُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِقَصْدِ الِاسْتِقَامَةِ دُونَ الْمَيْلِ، أَلا تَرَى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ تَارَةً كَمَا تَقْصِدُ الْعَدْلَ أُخرى؟ فَالِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ شَامِلٌ لَهُمَا جَمِيعًا. والقَصْدُ: الْكَسْرُ فِي أَيّ وَجْهٍ كَانَ، تَقُولُ: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه، وَقِيلَ: هُوَ الْكَسْرُ بِالنِّصْفِ قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ عَلَى ثَفِناتِها ... عَلَى قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ
شَبَّهَ صَوْتَ النَّاقَةِ بِالْمَزَامِيرِ؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة مِنْهُ، وَالْجَمْعُ قِصَد. يُقَالُ: الْقَنَا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مَكْسُورٌ. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ: تَكَسَّرَتْ. ورُمْحٌ أَقصادٌ وَقَدِ انْقَصَدَ الرمحُ: انْكَسَرَ بِنِصْفَيْنِ حَتَّى يَبِينَ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ قِصْدة، وَرُمْحٌ قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشْتَقُّوا لَهُ فِعْلًا قَالُوا انْقَصَدَ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ قَصِدَ إِلا أَنَّ كُلَّ نَعْتٍ عَلَى فَعِلٍ لَا يَمْتَنِعُ صُدُورُهُ مِنِ انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِقَيْسِ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها ... تَذَرُّعُ خُرْصانٍ [خِرْصانٍ] بأَيدي الشَّواطِبِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا
يُرِيدُ أَمشي إِليهم عَلَى كِسَرِ الرِّماحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ المُداعَسَةُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّدَتْ
أَي تَكسَّرَت وَصَارَتْ قِصَداً أَي قِطَعًا. والقِصْدَةُ، بِالْكَسْرِ: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْكَسَرَ؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قَالَ الأَخفش: هَذَا أَحد مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ. وقَصَدَ لَهُ قِصْدَةً مِنْ عَظْم وَهِيَ الثُّلُثُ أَو الربُع مِنَ الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ. وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وَقَدِ انقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ. والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، وَاحِدَتُهُ قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وهمْ تَرَكُوكمْ لَا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ ... هُزالًا، وَكَانَ العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: أَراد ذَا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ: المُخَّةُ إِذا خَرَجَتْ مِنَ الْعَظْمِ، وإِذا انْفَصَلَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا أَو خَرَجَتْ قِيلَ: انقَصَدَتْ. أَبو عُبَيْدَةَ: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وَهُوَ دُونَ السَّمِينِ وَفَوْقَ الْمَهْزُولِ. اللَّيْثُ: القَصِيدُ الْيَابِسُ مِنَ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَ أَبي زُبَيْدٍ:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحمَ ... قَصِيداً مِنْهُ وغَيرَ قَصِيدِ
وَقِيلَ: القَصِيدُ السَّمِينُ هَاهُنَا. وَسَنَامُ الْبَعِيرِ إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قَالَ الْمُثَقِّبُ:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابْنُ شُمَيْلٍ: القَصُودُ مِنَ الإِبل الجامِسُ المُخِّ، وَاسْمُ المُخِّ الجامِس قَصِيدٌ. وَنَاقَةٌ قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سَمِينَةٌ مُمْتَلِئَةٌ جَسِيمَةٌ بِهَا نِقْيٌ أَي مُخٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً، ... قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ الْيَابِسُ؛ قَالَ الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ الَّتِي قَدْ عَلِمْتُمُ، ... يَكُنْ زادُكُمْ فِيهَا قَصِيدُ الأَباعِرِ
والقَصَدَةُ: العُنُقُ، وَالْجَمْعُ أَقْصادٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ: وَهَذَا نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني أَن يَكُونَ أَفعالٌ جَمْعَ فَعَلَةٍ إِلا عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ وَالْمَعْرُوفُ القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: كُلُّ ذَلِكَ مَشْرَةُ العِضاهِ وَهِيَ بَراعيمُها وَمَا لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وَقَدْ أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصْدُ يَنْبُتُ فِي الْخَرِيفِ إِذا بَرَدَ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَلَا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا ... عَلَيْهَا ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
اللَّيْثُ: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تُخْرِجُ بَعْدَ الْقَيْظِ الْوَرَقَ فِي الْعِضَاهِ أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فَسَمَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَصَدة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القَصَدَةُ مِنْ كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ أَن يَظْهَرَ نَبَاتُهَا أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ. الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الْقَتْلُ عَلَى الْمَكَانِ، يُقَالُ: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مَكَانَهُ. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ مكانَه. وأَقْصَدَتْه حَيَّةٌ: قَتَلَتْهُ؛ قَالَ الأَخطل:
فإِن كنْتِ قَدْ أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي ... بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ وَلَا يَدري
أَي ولا يخْتُلُ [يخْتِلُ]. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها؛ أَقْصَدْتُ الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بِسَهْمٍ فَلَمْ تُخْطئْ مَقاتلَه فَهُوَ مُقْصَد؛ وَفِي شِعْرِ حميد ابن ثَوْرٍ:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا، ... إِنْ خَطَأً مِنْهَا وإِنْ تَعَمُّدا
والمُقْصَدُ: الَّذِي يَمْرَضُ ثُمَّ يَمُوتُ سَرِيعًا. وتَقَصَّدَ الكلبُ وَغَيْرُهُ أَي مَاتَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسابِ وضُرِّجَتْ ... بِدَمٍ، وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُحامُها وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: الْعَصَا؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً ... رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه بِهَا يُقْصَدُ الإِنسانُ وَهِيَ تَهدِيهِ وتَؤُمُّه، كَقَوْلِ الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلادِ ... صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.