مقاييس اللغة — ابن فارس (٣٩٥ هـ)

(عَمَرَ) الْعَيْنُ وَالْمِيمُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءٍ وَامْتِدَادِ زَمَانٍ، وَالْآخَرُ عَلَى شَيْءٍ يَعْلُو، مِنْ صَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ.
فَالْأَوَّلُ الْعُمْرُ وَهُوَ الْحَيَاةُ، وَهُوَ الْعَمْرُ أَيْضًا. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: لَعَمْرُكَ، يَحْلِفُ بِعَمْرِهِ أَيْ حَيَاتِهِ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: عَمْرَكَ اللَّهَ، فَمَعْنَاهُ أُعَمِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا، أَيْ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ، تُحَلِّفُهُ بِاللَّهِ وَتَسْأَلُهُ طُولَ عُمْرِهِ. وَيُقَالُ: عَمِرَ النَّاسُ: طَالَتْ أَعْمَارُهُمْ. وَعَمَّرَهُمُ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - تَعْمِيرًا. وَمِنَ الْبَابِ عِمَارَةُ الْأَرْضِ، يُقَالُ عَمَّرَ النَّاسُ الْأَرْضَ عِمَارَةً، وَهُمْ يَعْمُرُونَهَا، وَهِيَ عَامِرَةٌ مَعْمُورَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: عَامِرَةٌ، مَحْمُولٌ عَلَى عَمَرَتِ الْأَرْضُ، وَالْمَعْمُورَةُ مَنْ عُمِرَتْ. وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ الْعُمْرَانُ: وَاسْتَعْمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - النَّاسَ فِي الْأَرْضِ لِيُعَمِّرُوهَا. وَالْبَابُ كُلُّهُ يُؤَوَّلُ إِلَى هَذَا.
وَأَمَّا الْآخَرُ فَالْعَوْمَرَةُ: الصِّيَاحُ وَالْجَلَبَةُ. وَيُقَالُ: اعْتَمَرَ الرَّجُلُ، إِذَا أَهَلَّ بِعُمْرَتِهِ، وَذَلِكَ رَفْعُهُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ لِلْعُمْرَةِ. فَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ أَحْمَرَ:
يُهِلُّ بِالْفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرْ
فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ بِالْعُمْرَةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْمُعْتَمِرُ: الْمُعْتَمُّ. وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ مِنَ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَالْعَمَارُ: كُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ عَلَى رَأْسِكَ، مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ إِكْلِيلٍ أَوْ تَاجٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كُلُّهُ عَمَارٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الْكَرَى ... سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا عَمَارَا
وَقَالَ قَوْمٌ: الْعَمَارُ يَكُونُ مِنْ رَيْحَانٍ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعَمَارُ: التَّحِيَّةُ. يُقَالُ عَمَّرَكَ اللَّهُ، أَيْ حَيَّاكَ. وَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ هَذَا لِرَفْعِ الصَّوْتِ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ الْعَظِيمُ يُسَمَّى عِمَارَةً لِمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَلَبَةٍ وَصِيَاحٍ. قَالَ: لِكُلِّ أُنَاسٍ مِنْ مَعَدٍّ عِمَارَةٌٍ ... عُرُوضٌ إِلَيْهَا يَلْجَؤُونَ وَجَانِبُ
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ: الْعَمْرُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ. وَكَانَ فُلَانٌ يَسْتَاكُ بِعَرَاجِينَ الْعَمْرِ. وَرُبَّمَا قَالُوا الْعُمْرِ.
وَمِنْ هَذَا أَيْضًا الْعَمْرُ: مَا بَدَا مِنَ اللِّثَةِ، وَهِيَ الْعُمُورُ. وَمِنْهُ اشْتُقَّ اسْمُ عَمْرٍو

مفردات ألفاظ القرآن — الراغب الأصفهاني (٥٠٢ هـ)

العِمَارَةُ: نقيض الخراب: يقال: عَمَرَ أرضَهُ: يَعْمُرُهَا عِمَارَةً. قال تعالى: ﴿وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ [التوبة : 19] . يقال: عَمَّرْتُهُ فَعَمَرَ فهو مَعْمُورٌ. قال: ﴿وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها﴾ [الروم : 9] ، ﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ [الطور : 4] ، وأَعْمَرْتُهُ الأرضَ واسْتَعْمَرْتُهُ: إذا فوّضت إليه العِمَارَةُ، قال: ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾ [هود : 61] . والْعَمْرُ والْعُمُرُ: اسم لمدّة عمارة البدن بالحياة، فهو دون البقاء، فإذا قيل: طال عُمُرُهُ، فمعناه: عِمَارَةُ بدنِهِ بروحه، وإذا قيل: بقاؤه فليس يقتضي ذلك، فإنّ البقاء ضدّ الفناء، ولفضل البقاء على العمر وصف الله به، وقلّما وصف بالعمر. والتَّعْمِيرُ: إعطاء العمر بالفعل، أو بالقول على سبيل الدّعاء. قال: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ﴾ [فاطر : 37] ، ﴿وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ [فاطر : 11] ، ﴿وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾ [البقرة : 96] ، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾ [يس : 68] ، قال تعالى: ﴿فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [القصص : 45] ، ﴿وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء : 18] . والعُمُرُ والْعَمْرُ واحد لكن خُصَّ القَسَمُ بِالْعَمْرِ دون العُمُرِ(١) ، نحو: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ﴾ [الحجر : 72] ، وعمّرك الله، أي: سألت الله عمرك، وخصّ هاهنا لفظ عمر لما قصد به قصد القسم، والِاعْتِمَارُ والْعُمْرَةُ: الزيارة التي فيها عِمَارَةُ الودّ، وجعل في الشّريعة للقصد المخصوص. وقوله: ﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ﴾ [التوبة : 18] ، إمّا من العِمَارَةِ التي هي حفظ البناء، أو من العُمْرَةِ التي هي الزّيارة، أو من قولهم: عَمَرْتُ بمكان كذا، أي: أقمت به لأنه يقال: عَمَرْتُ المكانَ وعَمَرْتُ بالمكانِ، والعِمَارَةُ أخصّ من القبيلة، وهي اسم لجماعة بهم عِمَارَةُ المكانِ، قال الشاعر:
333- لكلّ أناس من معدّ عمارة(٢)
والعَمارُ: ما يضعه الرّئيس على رأسه عِمَارَةً لرئاسته وحفظا له، ريحانا كان أو عمامة. وإذا سمّي الرَّيْحان من دون ذلك عَمَاراً فاستعارة منه واعتبار به. والْمَعْمَرُ: المَسْكَنُ ما دام عَامِراً بسكّانه. والْعَوْمَرَةُ(٣) : صَخَبٌ يدلّ على عمارة الموضع بأربابه. والعُمْرَى في العطية: أن تجعل له شيئا مدّة عمرك أو عمره كالرّقبى(٤) ، وفي تخصيص لفظه تنبيه أنّ ذلك شيء معار.
والعَمْرُ: اللّحم الذي يُعْمَرُ به ما بين الأسنان، وجمعه عُمُورٌ. ويقال للضّبع: أمّ عَامِرٍ(٥) ، وللإفلاس: أبو عُمْرَةَ(٦) .

(١) راجع: أعجب العجب ص 38، والمخصص 2/ 64.
(٢) هذا شطر بيت، وعجزه: عروض يلجئون إليها وجانب
وهو للأخنس بن شهاب التغلبي في اللسان (عمر) ، وجمهرة اللغة 2/ 387، والمفضليات ص 204.
(٣) يقال: تركت القوم في عومرة: أي: صياح وجلبة. انظر: اللسان (عمر) ، والمجمل 3/ 629، والجمهرة 2/ 387.
(٤) الرّقبى: أن يهب شخصا دارا مثلا ويقول له: إن متّ قبلي رجعت إليّ، وإن متّ قبلك فهي لك. وراجع أحكام العمرى والرقبى في كتب الفقه.
(٥) انظر: اللسان (عمر) ، وحياة الحيوان 1/ 634، وثمار القلوب ص 258.
(٦) قال ابن فارس: ويقال للإفلاس: أبو عمرة، وقال ابن منظور: وأبو عمرة كنية الجوع. قال الثعالبي: أبو عمرة: كنية الإفلاس وكنية الجوع، وأنشد: إنّ أبا عمرة حلّ حجرتي ... وحلّ نسج العنكبوت برمتي
راجع: المجمل 3/ 629، واللسان (عمر) ، وثمار القلوب ص 248.

لسان العرب — ابن منظور (٧١١ هـ)

عمر: العَمْر والعُمُر والعُمْر: الْحَيَاةُ. يُقَالُ قَدْ طَالَ عَمْرُه وعُمْرُه، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، فإِذا أَقسموا فَقَالُوا: لَعَمْرُك فَتَحُوا لَا غَيْرُ، وَالْجَمْعُ أَعْمار. وسُمِّي الرَّجُلُ عَمْراً تَفَاؤُلًا أَن يَبْقَى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي القسَم: لَعَمْرِي ولَعَمْرُك، يَرْفَعُونَهُ بِالِابْتِدَاءِ وَيُضْمِرُونَ الْخَبَرَ كأَنه قَالَ: لَعَمْرُك قَسَمِي أَو يَمِينِي أَو مَا أَحْلِفُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَمِمَّا يُجِيزُهُ الْقِيَاسُ غَيْرَ أَن لَمْ يَرِدْ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ خَبَرُ العَمْر مِنْ قَوْلِهِمْ: لَعَمْرُك لأَقومنّ، فَهَذَا مبتدأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ، وأَصله لَوْ أُظهر خَبَرُهُ: لَعَمْرُك مَا أُقْسِمُ بِهِ، فَصَارَ طولُ الْكَلَامِ بِجَوَابِ الْقَسَمِ عِوَضاً مِنَ الْخَبَرِ؛ وَقِيلَ: العَمْرُ هَاهُنَا الدِّينُ؛ وأَيّاً كَانَ فإِنه لَا يُسْتَعْمَلُ فِي القسَم إِلا مَفْتُوحًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ؛ لَمْ يقرأْ إِلا بِالْفَتْحِ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ أَبو خِرَاشٍ فِي الطَّيْرِ فَقَالَ:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيْرِ المُرِنّة عُذْرةً ... عَلَى خالدٍ، لَقَدْ وَقَعْتَ عَلَى لَحْمِ(١).
أَي لَحْمِ شَرِيفٍ كَرِيمٍ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَعَمْرُكَ
أَي لَحَيَاتُكَ. قَالَ: وَمَا حَلَفَ اللَّهُ بِحَيَاةِ أَحد إِلا بِحَيَاةِ النَّبِيِّ، ﷺ.
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: النَّحْوِيُّونَ يُنْكِرُونَ هَذَا وَيَقُولُونَ مَعْنَى لعَمْرُك لَدِينُك الَّذِي تَعْمُر وأَنشد لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيْلًا، ... عَمْرَكَ اللهَ كَيْفَ يَجْتَمِعان؟
قَالَ: عَمْرَك اللهَ عِبَادَتَكَ اللهَ، فَنَصَبَ؛ وأَنشد:
عَمْرَكِ اللهَ سَاعَةً، حَدِّثِينا، ... وذَرِينا مِن قَوْلِ مَن يُؤْذِينا
فأَوْقَع الفعلَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ عَمْرَك اللَّهَ. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ: لَعَمْرُك إِنهم وعَيْشِك وإِنما يُرِيدُ العُمْرَ. وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: أَضْمَر لَهُ مَا رَفَعَه لَعَمْرُك المحلوفُ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ الأَيْمان يَرْفعها جَوَابَاتُهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَى لَعَمْرُ اللَّهِ وعَمْر اللَّهِ أَحْلِفُ بِبَقَاءِ اللَّهِ ودوامِه؛ قَالَ: وإِذا قُلْتَ عَمْرَك اللهَ فكأَنك قُلْتَ بِتَعْمِيرِك اللَّهَ أَي بإِقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ؛ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
عَمْرَك اللهَ كَيْفَ يَجْتَمِعَانِ
يُرِيدُ: سأَلتُ اللَّهَ أَن يُطيل عُمْرَك لأَنه لَمْ يُرِد الْقَسَمَ بِذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: وَتَدْخُلُ اللَّامُ فِي لَعَمْرُك فإِذا أَدخلتها رَفَعْت بِهَا بِالِابْتِدَاءِ فَقُلْتَ: لَعَمْرك ولَعَمْرُ أَبيك، فإِذا قُلْتَ لَعَمْرُ أَبيك الخَيْرَ، نَصَبْتَ الْخَيْرَ وَخَفَضْتَ، فَمَنْ نَصَبَ أَراد أَن أَباك عَمَرَ الخيرَ يَعْمُرُه عَمْراً وعِمارةً، فَنَصَبَ الْخَيْرَ بِوُقُوعِ العَمْر عَلَيْهِ؛ ومَن خَفَضَ الْخَيْرَ جَعَلَهُ نَعْتًا لأَبيك، وعَمْرَك اللهَ مِثْلُ نَشَدْتُك اللهَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سأَلت الْفَرَّاءَ لمَ ارْتَفَعَ لَعَمْرُك؟ فَقَالَ: عَلَى إِضمار قَسَمٍ ثَانٍ كأَنه قَالَ وعَمْرِك فلَعَمْرُك عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ لَحياتُك مِثْلُهُ، قَالَ: وصِدْقُه الأَمرُ، وَقَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ، كأَنه أَراد: وَاللَّهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ، فأَضمر الْقَسَمَ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ عَمْرَك اللهَ: إِن شِئْتَ جَعَلْتَ نصْبَه بفعلٍ أَضمرتَه، وإِن شِئْتَ نَصَبْتَهُ بِوَاوٍ حَذَفْتَهُ وعَمْرِك(٢). اللَّهَ، وإِن شِئْتَ كَانَ عَلَى قَوْلِكَ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً ونَشَدْتُك اللَّهَ نَشِيداً ثُمَّ وضعتَ عَمْرَك فِي مَوْضِعِ التَّعْمِير؛ وأَنشد فِيهِ:
عَمَّرْتُكِ اللهَ أَلا مَا ذَكَرْتِ لَنَا، ... هَلْ كُنْتِ جارتَنا، أَيام ذِي سَلَمِ؟
يُرِيدُ: ذَكَّرْتُكِ اللهَ؛ قَالَ: وَفِي لُغَةٍ لَهُمْ رَعَمْلُك، يُرِيدُونَ لَعَمْرُك. قَالَ: وَتَقُولُ إِنّك عَمْرِي لَظَرِيفٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لَعَمْرُك ولَعَمْرُ أَبيك ولَعَمْرُ اللَّهِ، مَرْفُوعَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اشْتَرَى مِنْ أَعرابي حِمْلَ خَبَطٍ فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ قَالَ لَهُ: اخْتَرْ، فَقَالَ لَهُ الأَعرابيّ: عَمْرَكَ اللهَ بَيْعاً
أَي أَسأَلُ اللَّهَ تَعْمِيرَك وأَن يُطيل عُمْرك، وبَيِّعاً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ أَي عَمَّرَك اللهُ مِن بَيِّعٍ. وَفِي حَدِيثِ لَقِيط: لَعَمْرُ إِلَهِك؛ هُوَ قسَم بِبَقَاءِ اللَّهِ ودوامِه. وَقَالُوا: عَمْرَك اللهَ افْعَلْ كَذَا وأَلا فَعَلْتَ كَذَا وأَلا مَا فَعَلْتَ عَلَى الزِّيَادَةِ، بِالنَّصْبِ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ المتروكِ إِظهارُه؛ وأَصله مِنْ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً فَحُذِفَتْ زِيَادَتُهُ فَجَاءَ عَلَى الْفِعْلِ. وأُعَمِّرُك اللهَ أَن تَفْعَلَ كَذَا: كأَنك تُحَلِّفه بِاللَّهِ وتسأَله بِطُولِ عُمْرِه؛ قَالَ:
عَمَّرْتُكَ اللهَ الجَلِيلَ، فإِنّني ... أَلْوِي عليك، لَوَ أنّ لُبَّكَ يَهْتَدِي
الْكِسَائِيُّ: عَمْرَك اللهَ لَا أَفعل ذَلِكَ، نُصِبَ عَلَى مَعْنَى عَمَرْتُك اللهَ أَي سأَلت اللَّهَ أَن يُعَمِّرَك، كأَنه قَالَ: عَمَّرْتُ اللَّهَ إِيَّاك. قَالَ: وَيُقَالُ إِنه يَمِينٌ بِغَيْرِ وَاوٍ وَقَدْ يَكُونُ عَمْرَ اللهِ، وَهُوَ قَبِيحٌ. وعَمِرَ الرجلُ يَعْمَرُ عَمَراً وعَمارةً وعَمْراً وعَمَر يَعْمُرُ ويَعْمِر؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، كِلَاهُمَا: عاشَ وَبَقِيَ زَمَانًا طَوِيلًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وعَمَرْتُ حَرْساً قَبْلَ مَجْرَى داحِسٍ، ... لَوْ كَانَ لِلنَّفْسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
وأَنشد مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ كَلِمَةَ جَرِيرٍ:
لَئِنْ عَمِرَتْ تَيْمٌ زَماناً بِغِرّةٍ، ... لَقَدْ حُدِيَتْ تَيْمٌ حُداءً عَصَبْصَبا
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَطال اللَّهُ عَمْرَك وعُمْرَك، وإِن كَانَا مَصْدَرَيْنِ بِمَعْنًى إِلا أَنه اسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ أَحدُهما وَهُوَ الْمَفْتُوحُ. وعَمَّرَه اللهُ وعَمَرَه: أَبقاه. وعَمَّرَ نَفْسَه: قدَّر لَهَا قدْراً مَحْدُودًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ؛ فُسِّرَ عَلَى وَجْهَيْنِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا يُطَوَّلُ مِن عُمُرِ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُرِه، يُرِيدُ الْآخَرَ غَيْرَ الأَول ثُمَّ كَنَّى بِالْهَاءِ كأَنه الأَول؛ وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ: عِنْدِي دِرْهَمٌ ونصفُه؛ الْمَعْنَى وَنِصْفٌ آخَرُ، فَجَازَ أَن تَقُولَ نَصِفُهُ لأَن لَفْظَ الثَّانِي قَدْ يَظْهَرُ كَلَفْظِ الأَول فكُنِيَ عَنْهُ كَكِنَايَةِ الأَول؛ قَالَ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ: مَا يُعَمَّر مِن مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَص مِن عُمُرِه، يَقُولُ: إِذا أَتى عَلَيْهِ الليلُ، وَالنَّهَارُ نَقْصًا مِنْ عُمُرِه، وَالْهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى للأَول لَا لِغَيْرِهِ لأَن الْمَعْنَى مَا يُطَوَّل وَلَا يُذْهَب مِنْهُ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ مُحْصًى فِي كِتَابٍ، وكلٌّ حَسَنٌ، وكأَن الأَول أَشبه بِالصَّوَابِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالثَّانِي قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. والعُمْرَى: مَا تَجْعَلُهُ لِلرَّجُلِ طولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُمْرَى أَن يَدْفَعَ الرَّجُلُ إِلى أَخيه دَارًا فَيَقُولُ: هَذِهِ لَكَ عُمُرَك أَو عُمُرِي، أَيُّنا مَاتَ دُفِعَت الدَّارُ إِلى أَهله، وَكَذَلِكَ كَانَ فعلُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَدْ عَمَرْتُه أَياه وأَعْمَرْته: جعلتُه لَهُ عُمُرَه أَو عُمُرِي؛ والعُمْرَى المصدرُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ كالرُّجْعَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعْمِرُوا وَلَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أُعْمِرَ دَارًا أَو أُرْقِبَها فَهِيَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ العُمْرَى والرُّقْبَى. يُقَالُ: أَعْمَرْتُه الدَّارَ عمْرَى أَي جَعَلْتُهَا لَهُ يَسْكُنُهَا مُدَّةَ عُمره فإِذا مَاتَ عَادَتْ إِليَّ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فأَبطل ذَلِكَ، وأَعلمهم أَن مَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا أَو أُرْقِبَه فِي حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِن بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى ذَلِكَ والفقهاءُ فِيهَا مُخْتَلِفُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَجْعَلُهَا تَمْلِيكًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا كَالْعَارِيَةِ ويتأَول الْحَدِيثَ. قَالَ الأَزهري: والرُّقْبى أَن يَقُولَ الَّذِي أُرْقِبَها: إِن مُتَّ قَبْلِي رجعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ. وأَصل العُمْرَى مأَخوذ مِنَ العُمْر وأَصل الرُّقْبَى مِنَ المُراقبة، فأَبطل النَّبِيُّ، ﷺ، هَذِهِ الشُّرُوطَ وأَمْضَى الْهِبَةَ؛ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصل لِكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَة فَشَرَطَ فِيهَا شرطاً بعد ما قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَن الْهِبَةَ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَعْمَرْتُه دَارًا أَو أَرضاً أَو إِبِلًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا البِرّ إِلَّا مُضْمَراتٌ مِنَ التُقَى، ... وَمَا المالُ إِلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ
وَمَا المالُ والأَهْلُون إِلا وَدائِعٌ، ... وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
أَي مَا البِرُّ إِلا مَا تُضْمره وَتُخْفِيهِ فِي صَدْرِكَ. وَيُقَالُ: لَكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ عُمْرَى حَتَّى تَمُوتَ. وعُمْرِيُّ الشجرِ: قديمُه، نُسِبَ إِلى العُمْر، وَقِيلَ: هُوَ العُبْرِيّ مِنَ السِّدْرِ، وَالْمِيمُ بَدَلٌ. الأَصمعي: العُمْرِيّ والعُبْرِيّ مِنَ السِّدْر الْقَدِيمِ، عَلَى نَهْرٍ كَانَ أَو غَيْرِهِ، قَالَ: والضّالُ الحديثُ مِنْهُ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفت العَواطِي، ... ضُروبَ السِّدْر عُبْرِيّاً وَضَالَا(٣).
وَقَالَ: الظِّبَاءُ لَا تَكْنِس بِالسِّدْرِ النَّابِتِ عَلَى الأَنهار. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلمة ومُحارَبتِه مَرْحَباً قَالَ الرَّاوِي(٤) لِحَدِيثِهِمَا. مَا رأَيت حَرْباً بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَطُّ قَبْلَهُمَا مثلَهما، قَامَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ عِنْدَ شَجَرَةٍ عُمْرِيَّة، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يلوذ بها من صَاحِبِهِ، فإِذا اسْتَتَرَ مِنْهَا بِشَيْءٍ خَذَم صاحبُه مَا يَلِيه حَتَّى يَخْلُصَ إِليه، فَمَا زَالَا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهَا غُصْن وأَفضى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّجَرَةُ العُمْريَّة هِيَ الْعَظِيمَةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي أَتى عَلَيْهَا عُمْرٌ طَوِيلٌ. يُقَالُ لِلسِّدْرِ الْعَظِيمِ النَّابِتِ عَلَى الأَنهار: عُمْرِيّ وعُبْرِيّ عَلَى التَّعَاقُبِ. وَيُقَالُ: عَمَر اللهُ بِكَ منزِلَك يَعْمُره عِمارة وأَعْمَره جعلَه آهِلًا. وَمَكَانٌ عامِرٌ: ذُو عِمَارةٍ. وَمَكَانٌ عَمِيرٌ: عامِرٌ. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ أَعْمَر الرجلُ منزلَه بالأَلف. وأَعْمَرْتُ الأَرضَ: وَجَدْتُهَا عَامِرَةً. وثوبٌ عَمِيرٌ أَي صَفِيق. وعَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فَهُوَ عامِرٌ أَي مَعْمورٌ، مِثْلُ دافقٍ أَي مَدْفُوقٌ، وَعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ أَي مَرْضِيّة. وعَمَر الرجلُ مالَه وبيتَه يَعْمُره عِمارةً وعُموراً وعُمْراناً: لَزِمَه؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لأَبي نُخَيْلَةَ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
أَدامَ لَهَا العَصْرَيْنِ رَيّاً، وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَا ضَنَّ عَنْ عُمْرانِها بِالدَّرَاهِمِ
وَيُقَالُ: عَمِرَ فُلَانٌ يَعْمَر إِذا كَبِرَ. وَيُقَالُ لِسَاكِنِ الدَّارِ: عامِرٌ، وَالْجَمْعُ عُمّار. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ بِإِزَاءِ الْكَعْبَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلف مَلَكٍ يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يَعُودُونَ إِليه. والمَعْمورُ: المخدومُ. وعَمَرْت رَبِّي وحَجَجْته أَي خَدَمْتُهُ. وعَمَر المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ وعَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وأَعْمَره المكانَ واسْتَعْمَره فِيهِ: جَعَلَهُ يَعْمُره. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها؛ أَي أَذِن لَكُمْ فِي عِمارتها واستخراجِ قومِكم مِنْهَا وجعَلَكم عُمَّارَها. والمَعْمَرُ: المَنْزِلُ الْوَاسِعُ مِنْ جِهَةِ الْمَاءِ والكلإِ الَّذِي يُقامُ فِيهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:
يَا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ
وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعُ: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا، يَبْغِينَك في الأَرض مَعْمَرا أَي يَبْغِينَ لَكَ منزلًا، كقوله تعالى: يَبْغُونَها عِوَجاً*؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فرأَيتُ مَا فِيهِ فثُمَّ رُزِئْتُه، ... فبَقِيت بَعْدَك غيرَ رَاضِي المَعْمَرِ
وَالْفَاءُ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ: فثُمَّ رُزِئته، زَائِدَةٌ وَقَدْ زِيدَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ مِنْهَا بَيْتُ الْكِتَابِ:
لَا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه، ... فإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذَلِكَ فاجْزَعِي
فَالْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ لَا تَكُونُ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةَ، وَذَلِكَ لأَن الظَّرْفَ مَعْمُولُ اجْزَع فَلَوْ كَانَتِ الْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ جَوَابَ الشَّرْطِ لَمَا جَازَ تَعَلُّقُ الظَّرْفِ بِقَوْلِهِ اجْزَعْ، لأَن مَا بعد هذا الْفَاءِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا، فإِذا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْفَاءُ الأُولى هِيَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ أَرضَ بَنِي فُلَانٍ فأَعْمَرْتُها أَي وَجَدْتُهَا عامِرةً. والعِمَارةُ: مَا يُعْمَر بِهِ الْمَكَانُ. والعُمَارةُ: أَجْرُ العِمَارة. وأَعْمَرَ عَلَيْهِ: أَغناه. والعُمْرة: طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والعُمْرة فِي الْحَجِّ: مَعْرُوفَةٌ، وَقَدِ اعْتَمر، وأَصله مِنَ الزِّيَارَةِ، وَالْجَمْعُ العُمَر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى العُمْرة فِي الْعَمَلِ الطوافُ بِالْبَيْتِ والسعيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَطْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ والعُمْرةِ أَن العُمْرة تَكُونُ للإِنسان فِي السَّنَة كُلِّهَا وَالْحَجُّ وَقْتٌ وَاحِدٌ فِي السَّنَةِ؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَن يُحْرَمَ بِهِ إِلا فِي أَشهر الْحَجِّ شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وتمامُ العُمْرة أَن يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْحَجُّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ يومَ عَرَفَةَ. والعُمْرة: مأَخوذة مِنَ الاعْتِمار، وَهُوَ الزِّيَارَةُ، وَمَعْنَى اعْتَمر فِي قَصْدِ الْبَيْتِ أَنه إِنما خُصَّ بِهَذَا لأَنه قَصَدَ بِعَمَلٍ فِي مَوْضِعٍ عَامِرٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للمُحْرِم بالعُمْرةِ: مُعْتَمِرٌ، وَقَالَ كُرَاعٌ: الاعْتِمار العُمْرة، سَماها بِالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ العُمْرة والاعْتِمار فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الزِّيَارَةُ وَالْقَصْدُ، وَهُوَ فِي الشَّرْعِ زِيَارَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ بِالشُّرُوطِ الْمَخْصُوصَةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَفِي حَدِيثِ الأَسود قَالَ: خَرَجْنَا عُمّاراً فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَرَرْنا بأَبي ذَرٍّ؛ فَقَالَ: أَحَلَقْتم الشَّعَث وَقَضَيْتُمُ التَّفَثَ عُمّاراً؟
أَي مُعْتَمِرين؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَمْ يَجِئْ فِيمَا أَعلم عَمَر بِمَعْنَى اعْتَمَر، وَلَكِنْ عَمَر اللهَ إِذا عَبَدَهُ، وعَمَر فلانٌ رَكْعَتَيْنِ إِذا صَلَّاهُمَا، وَهُوَ يَعْمُر ربَّه أَي يُصَلِّي وَيَصُومُ. والعَمَار والعَمَارة: كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الرأْس مِنْ عِمَامَةٍ أَو قَلَنْسُوَةٍ أَو تاجٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدِ اعْتَمَر أَي تَعَمَّمَ بِالْعِمَامَةِ، وَيُقَالُ للمُعْتَمِّ: مُعْتَمِرٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
فَلَمَّا أَتانا بُعَيْدَ الكَرى، ... سَجَدْنا لَهُ ورَفَعْنا العَمارا
أَي وَضَعْنَاهُ من رؤوسنا إِعْظاماً لَهُ. واعْتَمرة أَي زارَه؛ يُقَالُ: أَتانا فُلَانٌ مُعْتَمِراً أَي زَائِرًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَعشى بَاهِلَةَ:
وجاشَت النَّفْسُ لَمَّا جاءَ فَلُّهمُ، ... وراكِبٌ، جَاءَ مِنْ تَثْلِيثَ، مُعْتَمِرُ
قَالَ الأَصمعي: مُعْتَمِر زَائِرٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مُتَعَمِّمٌ بِالْعِمَامَةِ؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها، ... كَمَا يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ الأَصمعي: إِذا انْجلى لَهُمُ السحابُ عَنِ الفَرْقَدِ أَهَلّوا أَي رَفَعُوا أَصواتهم بِالتَّكْبِيرِ كَمَا يُهِلّ الرَّاكِبُ الَّذِي يُرِيدُ عُمْرَةَ الْحَجِّ لأَنهم كَانُوا يَهْتَدُونَ بالفَرْقَد، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُرِيدُ أَنهم فِي مَفَازَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الْمِيَاهِ فإِذا رأَوْا فَرْقَدًا، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، أَهلّوا أَي كَبَّرُوا لأَنهم قَدْ عَلِمُوا أَنهم قَدْ قَرُبُوا مِنَ الْمَاءِ. وَيُقَالُ للاعْتِمار: الْقَصْدُ. واعْتَمَر الأَمْرَ: أَمَّه وَقَصَدَ لَهُ: قَالَ الْعَجَّاجُ:
لَقَدْ غَزَا ابنُ مَعْمَرٍ، حِينَ اعْتَمَرْ، ... مَغْزًى بَعِيداً مِنْ بَعيد وضَبَرْ
الْمَعْنَى: حِينَ قَصَدَ مَغْزًى بَعِيدًا. وضبَرَ: جَمعَ قَوَائِمَهُ ليَثِبَ. والعُمْرةُ: أَن يَبْنِيَ الرجلُ بامرأَته فِي أَهلها، فإِن نَقَلَهَا إِلى أَهله فَذَلِكَ العُرْس؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. والعَمَارُ: الآسُ، وَقِيلَ: كُلُّ رَيْحانٍ عَمَارٌ. والعَمّارُ: الطَّيِّب الثَّنَاءِ الطَّيِّب الرَّوَائِحِ، مأْخوذ مِنَ العَمَار، وَهُوَ الْآسُ. والعِمَارة والعَمارة: التَّحِيَّةُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِ الأَعشى [وَرَفَعْنَا الْعَمَّارَا] أَي رَفَعْنَا لَهُ أَصواتنا بِالدُّعَاءِ وَقُلْنَا عمَّرك اللَّهُ وَقِيلَ: العَمَارُ هَاهُنَا الرَّيْحَانُ يُزَيَّنُ بِهِ مَجْلِسُ الشَّرَابِ، وَتُسَمِّيهِ الفُرْس ميُوران، فإِذا دَخَلَ عَلَيْهِمْ دَاخِلٌ رَفَعُوا شَيْئًا مِنْهُ بأَيديهم وحيَّوْه بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده [ووَضَعْنا العَمارا] فَالَّذِي يَرْوِيهِ وَرَفَعْنَا العَمَارا، هُوَ الرَّيْحَانُ أَو الدُّعَاءُ أَي اسْتَقْبَلْنَاهُ بِالرَّيْحَانِ أَو الدُّعَاءِ لَهُ، وَالَّذِي يَرْوِيهِ [وَوَضَعْنَا الْعَمَارَا] هُوَ العِمَامة؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عَمّرَك اللهُ وَحَيَّاكَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ وَقِيلَ: العَمارُ هُنَا أَكاليل الرَّيْحان يجعلونها على رؤوسهم كَمَا تَفْعَلُ الْعَجَمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. وَرَجُلٌ عَمّارٌ: مُوَقًّى مَسْتُورٌ مأْخوذ مِنَ العَمَر، وَهُوَ الْمِنْدِيلُ أَو غَيْرُهُ، تُغَطِّي بِهِ الْحُرَّةُ رأْسها. حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: إِن العَمَرَ أَن لَا يَكُونَ للحُرّة خِمار وَلَا صَوْقَعة تُغطّي بِهِ رأْسها فَتُدْخِلُ رأْسها فِي كُمِّهَا؛ وأَنشد:
قامَتْ تُصَلّي والخِمارُ مِن عَمَرْ
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَمَر ربَّه عبَدَه، وإِنه لعَامِرٌ لِرَبِّهِ أَي عابدٌ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: تَرَكْتُهُ يَعمرُ ربَّه أَي يَعْبُدُهُ يُصَلِّي وَيَصُومُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَجُلٌ عَمّار إِذا كَانَ كثيرَ الصَّلَاةِ كَثِيرَ الصِّيَامِ. وَرَجُلٌ عَمّار، وَهُوَ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ الإِيمان الثَّابِتُ فِي أَمره الثَّخينُ الوَرَعِ: مأْخوذ مِنَ العَمِير، وَهُوَ الثَّوْبُ الصَّفِيقُ النسجِ القويُّ الغزلِ الصَّبُورُ عَلَى الْعَمَلِ، قَالَ: وعَمّارٌ المجتمعُ الأَمر اللازمُ لِلْجَمَاعَةِ الحَدِبُ عَلَى السُّلْطَانِ، مأْخوذ مِنَ العَمارةِ، وَهِيَ الْعِمَامَةُ، وعَمّارٌ مأْخوذ مِنَ العَمْر، وَهُوَ الْبَقَاءُ، فَيَكُونُ بَاقِيًا فِي إِيمانه وَطَاعَتِهِ وَقَائِمًا بالأَمر وَالنَّهْيِ إِلى أَن يَمُوتَ. قَالَ: وعَمّارٌ الرَّجُلُ يَجْمَعُ أَهل بَيْتِهِ وأَصحابه عَلَى أَدَبِ رسول الله، ﷺ، والقيامِ بسُنّته، مأْخوذ مِنَ العَمَرات، وَهِيَ اللُّحُمَاتُ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ اللَّحْي، وَهِيَ النَّغانِغُ واللَّغادِيدُ؛ هَذَا كُلُّهُ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. اللِّحْيَانِيُّ: سَمِعْتُ العامِريّة تَقُولُ فِي كَلَامِهَا: تَرَكْتُهُمْ سامِراً بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وعامِراً؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: فسأَلت مُصْعَبًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مُقِيمِينَ مُجْتَمِعِينَ. والعِمَارة والعَمارةُ: أَصغر مِنَ الْقَبِيلَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الحيُّ الْعَظِيمُ الَّذِي يَقُومُ بِنَفْسِهِ، يَنْفَرِدُ بِظَعْنِها وإِقامتها ونُجْعَتِها، وَهِيَ مِنَ الإِنسان الصَّدْرُ، سُمِّي الحيُّ الْعَظِيمُ عِمَارة بعِمارة الصَّدْرِ، وَجَمْعُهَا عَمَائِرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
يَجُوسُ عِمارة، ويَكُفّ أُخرى ... لَنَا، حَتَّى يُجاوزَها دَليل
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَمَارة الْقَبِيلَةُ وَالْعَشِيرَةُ؛ قَالَ التَّغْلَبِيُّ:
لِكُلِّ أُناسٍ مِنْ مَعَدٍّ عَمارةٍ ... عَرُوضٌ، إِليها يَلْجأُون، وجانِبُ
وعَمارة خُفِضَ عَلَى أَنه بَدَلٌ مِنْ أُناس. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَتَبَ لِعَمَائر كَلْب وأَحْلافها كِتَابًا؛ العَمَائرُ: جَمْعُ عِمَارَةٍ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فَمَنْ فَتَحَ فَلالْتفاف بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ كالعَمارة العِمامةِ، وَمَنْ كَسَرَ فلأَن بِهِمْ عِمارةَ الأَرض، وَهِيَ فَوْقَ البَطْن مِنَ الْقَبَائِلِ، أَولها الشَّعْب ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ العِمارة ثُمَّ البَطْن ثُمَّ الفَخْذ. والعَمْرة: الشَّذْرة مِنَ الْخَرَزِ يُفَصَّلُ بِهَا النَّظْمُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة عَمْرة؛ قَالَ:
وعَمْرة مِن سَرَوات النساءِ، ... يَنْفَحُ بالمِسْك أَرْدانُها
وَقِيلَ: العَمْرة خَرَزَةُ الحُبّ. والعَمْر: الشَّنْف، وَقِيلَ: العَمْر حَلْقَةُ الْقُرْطِ الْعُلْيَا والخَوْقُ حَلْقَةُ أَسفل الْقُرْطِ. والعَمَّار: الزَّيْن فِي الْمَجَالِسِ، مأْخوذ مِنَ العَمْر، وَهُوَ الْقُرْطُ. والعَمْر: لَحْمٌ مِنَ اللِّثَة سَائِلٌ بَيْنَ كُلِّ سِنَّيْن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوْصاني جِبْرِيل بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ عَلَى عُمورِي؛ العُمُور: مَنَابِتُ الأَسنان وَاللَّحْمُ الَّذِي بَيْنَ مَغارِسها، الْوَاحِدُ عَمْر، بِالْفَتْحِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُضَمُّ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَخْلَفَ العَمْرُ، ... وتَبَدَّلَ الإِخْوانُ والدَّهْرُ
وَالْجَمْعُ عُمور، وَقِيلَ: كُلُّ مُسْتَطِيلٍ بَيْنَ سِنَّيْنِ عَمْر. وَقَدْ قِيلَ: إِنه أَراد العُمْر. وَجَاءَ فُلَانٌ عَمْراً أَي بَطِيئًا؛ كَذَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصَنَّفِ، وَتَبِعَ أَبا عُبَيْدٍ كُرَاعٌ، وَفِي بَعْضِهَا: عَصْراً. اللِّحْيَانِيُّ: دارٌ مَعْمورة يَسْكُنُهَا الْجِنُّ، وعُمَّارُ الْبُيُوتِ: سُكّانُها مِنَ الْجِنِّ. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ:
إِنّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوامِرَ فإِذا رأَيتم مِنْهَا شَيْئًا فحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا؛ العَوامِرُ: الْحَيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ، وَاحِدُهَا عامِرٌ وَعَامِرَةٌ، قِيلَ: سُمِّيَتْ عَوامِرَ لِطُولِ أَعمارها. والعَوْمَرةُ: الاختلاطُ؛ يُقَالُ: تَرَكْتُ الْقَوْمَ فِي عَوْمَرةٍ أَي صياحٍ وجَلبة. والعُمَيْرانِ والعُمَيْمِرانِ والعَمَّرتان(٥). والعُمَيْمِرتان: عَظْمَانِ صَغِيرَانِ فِي أَصل اللِّسَانِ. واليَعْمورُ: الجَدْيُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: اليَعامِيرُ الجِداءُ وصغارُ الضأْن، وَاحِدُهَا يَعْمور؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ الطَّائِيُّ:
تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلًا، ... مِثْلَ الذَّمِيم عَلَى قَرْم اليَعامِير
أَي يَنْسُل اللَّبَنَ مِنْهَا كأَنه الذَّمِيمُ الَّذِي يَذِمّ مِنَ الأَنف. قَالَ الأَزهري: وَجَعَلَ قُطْرُبٌ اليَعامِيرَ شَجَرًا، وَهُوَ خطأٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واليَعْمورة شَجَرَةٌ، والعَمِيرة كُوَّارة النَّحْل. والعُمْرُ: ضربٌ مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: مِنَ التَّمْرِ. والعُمور: نخلُ السُّكَّر(٦). خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ العُمُر، بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَالَ مُرَّةً: هِيَ العَمْر، بِالْفَتْحِ، وَاحِدَتُهَا عَمْرة، وَهِيَ طِوال سُحُقٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَمْرُ والعُمْرُ نَخْلُ السُّكّر، وَالضَّمُّ أَعلى اللُّغَتَيْنِ. والعَمْرِيّ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ أَنه قَالَ: العَمْر ضَرْبٌ مِنَ النَّخِيلِ، وَهُوَ السَّحُوق الطَّوِيلُ، ثُمَّ قال: غلظ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ العَمْر، والعَمْرُ نَخْلُ السُّكَّر، يُقَالُ لَهُ العُمُر، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهل الْبَحْرِينِ؛ وأَنشد الرِّيَاشِيُّ فِي صِفَةِ حَائِطِ نخل:
أَسْوَد كالليل تَدَجَّى أَخْضَرُهْ، ... مُخالِط تَعْضوضُه وعُمُرُه،
بَرْنيّ عَيْدانٍ قَلِيل قَشَرُهْ
والتَّعْضوض: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ سِرِّيّ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ تُمْران هجَر، أَسود عَذْبُ الْحَلَاوَةِ. والعُمُر: نَخْلُ السُّكّر، سَحُوقًا أَو غَيْرَ سَحُوقٍ. قال: وكان الخليل ابن أَحمد مِنْ أَعلم النَّاسِ بِالنَّخِيلِ وأَلوانِه وَلَوْ كَانَ الكتابُ مِن تأْليفه مَا فَسَّرَ العُمُرَ هَذَا التَّفْسِيرَ، قَالَ: وَقَدْ أَكلت أَنا رُطَبَ العُمُرِ ورُطَبَ التَّعْضوضِ وخَرَفْتُهما مِنْ صِغَارِ النَّخْلِ وعَيدانِها وجَبّارها، وَلَوْلَا المشاهدةُ لَكُنْتُ أَحد الْمُغْتَرِّينَ بِاللَّيْثِ وخليلِه وَهُوَ لِسَانُهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ كَثِير بَثِير بَجِير عَمِير إِتباع؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا قَالَ بِالْعَيْنِ. والعَمَرانِ: طَرَفَا الكُمّين؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ عَلَى عَمَرَيْهِ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ، التَّفْسِيرُ لِابْنِ عَرَفَةَ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ وَغَيْرُهُ. وعَمِيرة: أَبو بَطْنٍ وَزَعَمَهَا سِيبَوَيْهِ فِي كلْب، النسبُ إِليه عَمِيرِيّ شَاذٌّ، وعَمْرو: اسْمُ رَجُلٍ يُكْتَبُ بِالْوَاوِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَر وتُسْقِطها فِي النَّصْبِ لأَن الأَلف تَخْلُفُهَا، وَالْجَمْعُ أَعْمُرٌ وعُمور؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَفْتَخِرُ بأَبيه وأَجداده:
وشَيَّدَ لِي زُرارةُ باذِخاتٍ، ... وعَمرو الْخَيْرِ إِن ذُكِرَ العُمورُ الباذِخاتُ: الْمَرَاتِبُ الْعَالِيَاتُ فِي الشَّرَفِ وَالْمَجْدِ. وعامِرٌ: اسْمٌ، وَقَدْ يُسَمَّى بِهِ الْحَيُّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ فِي الْحَيِّ:
فَلَمَّا لَحِقنا وَالْجِيَادَ عشِيّة، ... دَعَوْا: يَا لَكَلْبٍ، واعْتَزَيْنا لِعامِر
وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمِمَّنْ ولَدُوا عامِرُ ... ذُو الطُّول وَذُو العَرْض
فإِن أَبا إِسحق قَالَ: عَامِرُ هُنَا اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْهُ، وَقَالَ ذُو وَلَمْ يَقُلْ ذَاتٌ لأَنه حَمَلَهُ عَلَى اللَّفْظِ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:
قامَتْ تُبَكِّيه عَلَى قَبْرِه: ... مَنْ ليَ مِن بَعدِك يَا عامِرُ؟
تَرَكْتَني فِي الدَّارِ ذَا غُرْبةٍ، ... قَدْ ذَلَّ مَن لَيْسَ لَهُ ناصِرُ
أَي ذَاتِ غُرْبة فَذَكَّرَ عَلَى مَعْنَى الشَّخْصِ، وإِنما أَنشدنا الْبَيْتَ الأَول لِتَعْلَمَ أَن قَائِلَ هَذَا امرأَة وعُمَر وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْهُ فِي حَالِ التَّسْمِيَةِ لأَنه لَوْ عَدَلَ عَنْهُ فِي حَالِ الصِّفَةِ لَقِيلَ العُمَر يُراد العامِر. وعامِرٌ: أَبو قَبِيلَةَ، وَهُوَ عامرُ بْنِ صَعْصَعَة بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ. وعُمَير وعُوَيْمِر وعَمَّار ومَعْمَر وعُمارة وعِمْران ويَعْمَر، كُلُّهَا: أَسماء؛ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
أَحَوْليَ تَنْفُضُ اسْتُك مِذْرَوَيْها ... لِتَقْتُلَني؟ فَهَا أَنا ذَا عُمارا
هُوَ تَرْخِيمُ عُمارة لأَنه يَهْجُو بِهِ عُمارةَ بْنَ زِيَادٍ الْعَبْسِيَّ. وعُمارةُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ: أَدِيبٌ جِدًّا. والعَمْرانِ: عَمْرو بْنُ جَابِرِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عُقَيْل بْنِ سُمَيّ بْنِ مَازِنِ بْنِ فَزارة، وبَدْر بْنُ عَمْرِو بْنِ جُؤيّة بْنِ لَوْذان بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَزارة، وهما رَوْقا فزراة؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لقُراد بْنِ حَبَشٍ الصَّارِدِيِّ يَذْكُرُهُمَا:
إِذا اجْتَمَعَ العَمْران: عَمْرو بنُ جَابِرٍ ... وبَدْرُ بْنُ عَمْرٍو، خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا
وأَلْقَوْا مَقاليدَ الأُمورِ إِليهما، ... جَمِيعاً قِماءً كَارِهِينَ وطُوَّعا
والعامِرانِ: عامِرُ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَهُوَ أَبو بَرَاءٍ مُلاعِب الأَسِنَّة، وَعَامِرُ بْنَ الطُّفَيْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَهُوَ أَبو عَلِيٍّ. والعُمَران: أَبو بَكْرٍ وعُمَر، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ قَالَ مُعاذٌ الهَرَّاء: لَقَدْ قِيلَ سِيرةُ العُمَرَيْنِ قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لأَنهم قَالُوا لِعُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ: تَسْلُك سِيرةَ العُمَرَيْن. قَالَ الأَزهري: العُمَران أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ، غُلِّبَ عُمَر لأَنه أَخَفّ الِاسْمَيْنِ، قَالَ: فإِن قِيلَ كَيْفَ بُدِئ بِعُمَر قَبْلَ أَبي بَكْرٍ وَهُوَ قَبْلَهُ وَهُوَ أَفضل مِنْهُ، فإِن الْعَرَبَ تَفْعَلُ هَذَا يبدأُون بالأَخسّ، يَقُولُونَ: رَبيعة ومُضَر وسُلَيم وَعَامِرٌ وَلَمْ يَتْرُكْ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الأَزهري فِيهِ افْتِئات عَلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِن العرب يبدأُون بالأَخس وَلَقَدْ كَانَ لَهُ غُنية عَنْ إِطلاق هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِجَلَالَةِ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُتَشَرِّفِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ فِي مثالٍ مضروبٍ لعُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْلُهُ غُلِّب عُمر لأَنه أَخفّ الِاسْمَيْنِ يَكْفِيهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ إِلى هُجْنة هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَحَيْثُ اضْطَرَّ إِلى مِثْلِ ذَلِكَ وأَحْوَجَ نفسَه إِلى حُجَّةٍ أُخرى فَلَقَدْ كَانَ قِيادُ الأَلفاظ بِيَدِهِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَن يَقُولَ إِن الْعَرَبَ يُقَدِّمُونَ الْمَفْضُولَ أَو يُؤَخِّرُونَ الأَفضل أَو الأَشرف أَو يبدأُون بِالْمَشْرُوفِ، وأَما أَفعل عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ فإِن إِتيانه بِهَا دَلَّ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يُطْلِقه مِنَ الأَلفاظ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وإِن كَانَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَفضل فَلَا يُقَالُ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخسّ، عَفَا اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُ. وَرُوِيَ
عَنْ قَتَادَةَ: أَنه سُئِلَ عَنْ عِتْق أُمهات الأَولاد فَقَالَ: قَضَى العُمَران فَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الخُلَفاء بِعِتْقِ أُمّهات الأَولاد؛ فَفِي قَوْلِ قَتَادَةَ العُمَران فَمَا بَيْنَهُمَا أَنه عُمر بْنُ الْخَطَّابِ وعُمَر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ لأَنه لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبي بَكْرٍ وعُمَر خليفةٌ. وعَمْرَوَيْهِ: اسْمٌ أَعجمي مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما عَمْرَوَيْه فإِنه زَعَمَ أَنه أَعجمي وأَنه ضَرْبٌ مِنَ الأَسماء الأَعجمية وأَلزموا آخِرَهُ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمِ الأَعْجميّة، فَكَمَا تَرَكُوا صَرْفَ الأَعجمية جَعَلُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّوْتِ، لأَنهم رَأَوْه قَدْ جَمَعَ أَمرين فخطُّوه درجة عن إِسمعيل وأَشباهه وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ غاقٍ مُنَوَّنَةٍ مَكْسُورَةٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِن نَكَّرْتَه نَوَّنْتُ فَقُلْتَ مَرَرْتُ بعَمْرَوَيْهِ وعَمْرَوَيْهٍ آخَرَ، وَقَالَ: عَمْرَوَيْه شَيْئَانِ جُعِلَا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ سِيبَوَيْهِ ونَفْطَوَيْه، وَذَكَرَ الْمُبَرِّدُ فِي تَثْنِيَتِهِ وَجَمْعِهِ العَمْرَوَيْهانِ والعَمْرَوَيْهُون، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَن مَنْ قَالَ هَذَا عَمْرَوَيْهُ وسِيبَوَيْهُ ورأَيت سِيبَوَيْهَ فأَعربه ثَنَّاهُ وَجَمَعَهُ، وَلَمْ يَشْرُطْهُ الْمُبَرِّدُ. وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَر العَدْوانيّ: لَا يَنْصَرِفُ يَعْمَر لأَنه مِثْلُ يَذْهَب. ويَعْمَر الشُّدّاخ [الشِّدّاخ]: أَحد حُكّام الْعَرَبِ. وأَبو عَمْرة: رسولُ الْمُخْتَارِ(٧). وَكَانَ إِذا نَزَلَ بِقَوْمٍ حَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْحَرْبِ وَكَانَ يُتَشاءم بِهِ. وأَبو عَمْرة: الإِقْلالُ؛ قَالَ:
إِن أَبا عَمْرة شرُّ جَارِ
وَقَالَ:
حَلَّ أَبو عَمْرة وَسْطَ حُجْرَتي
وأَبو عَمْرة: كُنْيَةُ الْجُوعِ. والعُمُور: حيٌّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جَعَلْنَا النِّساءَ المُرْضِعاتِكَ حَبْوةً ... لِرُكْبانِ شَنٍّ والعُمُورِ وأَضْجَما
شَنٌّ: مِنْ قَيْسٍ أَيضاً. والأَضْجَم: ضُبَيْعة بْنُ قَيْسِ ابن ثَعْلَبَةَ. وَبَنُو عَمْرِو بْنِ الحرث: حَيٌّ؛ وَقَوْلُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَنس الْهُذَلِيِّ:
لعلكمُ لَمَّا قُتِلْتُم ذَكَرْتم، ... وَلَنْ تَتْركُوا أَن تَقْتُلوا مَن تَعَمَّرا
قِيلَ: مَعْنَى مَن تَعَمَّر انْتَسَبَ إِلى بَنِي عَمْرِو بن الحرث، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ جَاءَ العُمْرة. واليَعْمَريّة: مَاءٌ لَبَنِي ثَعْلَبَةَ بوادٍ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ مِنَ الشَّرَبّة. واليَعامِيرُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ:
يَقُولُونَ لَمَّا جَمّعوا لغدٍ شَمْلَكم: ... لَكَ الأُمُّ مِمَّا باليَعامِير والأَبُ(٨).
وأَبو عُمَيْر: كُنْيَةُ الفَرْج. وأُمُّ عَمْرو وأُم عَامِرٍ، الأُولى نَادِرَةٌ: الضبُعُ مَعْرُوفَةٌ لأَنه اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ النَّوْعُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا أُمَّ عَمْرٍو، أَبْشِري بالبُشْرَى، ... مَوْتٌ ذَرِيعٌ وجَرادٌ عَظْلى
وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
لَا تَقْبِرُوني، إِنّ قَبْرِي مُحَرَّم ... عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَبْشِري، أُمَّ عَامِرِ
يُقَالُ لِلضَّبُعِ أُمّ عَامِرٍ كأَن وَلَدَهَا عَامِرٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وكَمْ مِن وِجارٍ كجَيْبِ القَمِيص، ... بِهِ عامِرٌ وبه فُرْعُلُ وَمِنْ أَمثالهم: خامِرِي أُمَّ عَامِرٍ، أَبْشِري بجرادٍ عَظْلى وكَمَرِ رجالٍ قَتْلى، فتَذِلّ لَهُ حَتَّى يكْعَمها ثُمَّ يَجُرَّهَا وَيَسْتَخْرِجَهَا. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ إِلى وجارِها فيسُدُّ فمه بعد ما تَدْخُلُهُ لِئَلَّا تَرَى الضَّوْءَ فَتَحْمِلُ الضبعُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهَا هَذَا الْقَوْلَ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُخْدع بِلِينِ الكلام.
عمبر: ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ عَنْبَرٍ: حَكَى سِيبَوَيْهِ عَمْبر، بِالْمِيمِ عَلَى الْبَدَلِ، قَالَ: فَلَا أَدري أَيّ عنبر عنى: أالعلم أَم أَحد الأَجناس الْمَذْكُورَةِ فِي عَنْبَرٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها فِي جَمِيعِهَا مَقُولَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
عنبر: العَنْبر: مِنَ الطِّيبِ مَعْرُوفٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ عَنْ زَكَاةِ الْعَنْبَرِ فَقَالَ: إِنما هُوَ شَيْءٌ دَسَره البحرُ، هو هَذَا الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ، وَجَمَعَهُ ابْنُ جِنِّي عَلَى عَنابِر، فلا أَدري أَحفظ لك أَم قَالَهُ ليُرِينَا النُّونَ مُتَحَرِّكَةً، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ عَنابِر، والعَنْبَر: الزَّعْفَرَانُ وَقِيلَ الوَرْس، والعَنْبَرُ: التُّرْسُ، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ سَمَكَةٍ بَحْرِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا العَنْبَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، ﷺ، بعث سَريَّة إِلى نَاحِيَةِ السِّيف فَجَاعُوا، فأَلقى اللَّهُ لَهُمْ دابة يقال لها العَنْبر فأَكَل مِنْهَا جماعةُ السَّرِيّة شَهْراً حَتَّى سَمِنُوا، هِيَ سَمَكَةٌ كَبِيرَةٌ بَحريّة تُتَّخذ مِنْ جِلْدِهَا التِّراسُ، وَيُقَالُ للتُّرْسِ عَنْبر. والعَنْبَر: أَبو حَيٍّ مِنْ تَمِيمٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ العَنْبَر بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بأَحد هَذِهِ الأَشياء. وعَنْبَرُ الشِّتَاء وعَنْبَرتُه: شدّتُه، الأُولى عَنْ كُرَاعٍ. الْكِسَائِيُّ: أَتَيْتُه فِي عَنْبَرةِ الشِّتَاءِ أَي فِي شِدَّتِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَمْبر بِالْمِيمِ عَلَى الْبَدَلِ فَلَا أَدري أَيّ عَنْبَرٍ عنى أَالعلم أَم أَحد هَذِهِ الأَجناس، وَعِنْدِي أَنها فِي جَمِيعِهَا مَقُولَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَلْعَنْبَر هُمْ بَنُو العَنْبَر، حَذَفُوا النُّونَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي باب الثاء في بلحرث.
عنتر: العَنْتَر: الشُّجَاعُ. والعَنْتَرَةُ: الشَّجَاعَةُ فِي الْحَرْبِ. وعَنْتَره بِالرُّمْحِ: طعَنَه. وعَنْتَر وعَنْتَرة: اسْمَانِ مِنْهُ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَدْعُون: عَنْتَرُ، والرِّماحُ كأَنها ... أَشْطانُ بِئرٍ فِي لَبانِ الأَدْهَمِ(٩).
فَقَدْ يَكُونُ اسْمُهُ عَنْتراً كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ أَراد يَا عَنْترةُ، فَرَخَّمَ عَلَى لُغَةٍ مَنْ قَالَ يَا حارُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ النُّونُ فِي عَنْتَر أَصلًا وَلَا تَكُونُ زَائِدَةً كَزِيَادَتِهَا فِي عَنْبَس وعَنْسَلٍ لأَن ذَيْنَكَ قَدْ أَخرجهما الِاشْتِقَاقُ، إِذ هُمَا فَنْعل مِنَ العُبُوس والعَسَلان وأَما عَنْتر فَلَيْسَ لَهُ اشْتِقَاقٌ يُحْكَمُ لَهُ بِكَوْنِ شَيْءٍ مِنْهُ زَائِدًا فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَضَاءِ فِيهِ بِكَوْنِهِ كُلِّهِ أَصلًا. والعَنْتَر والعُنْتَر والعَنْتَرةُ، كُلُّهُ: الذُّبَابُ، وَقِيلَ: العَنْتَر الذُّبَابُ الأَزرق، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ عَنْتراً لِصَوْتِهِ، وَقَالَ النَّضْرُ: العَنْتَرُ ذُباب أَخضر؛ وأَنشد:
إِذا عَرَّدَ اللُّفَّاحُ فِيهَا، لِعَنْترٍ، ... بمُغْدَوْدِنٍ مُسْتَأْسِدِ النَّبْت ذِي خَمْرِ
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ وأَضيافِه، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا عَنْتر، هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الذُّبَابُ شَبَّهَهُ بِهِ تَصْغِيرًا لَهُ وَتَحْقِيرًا، وَقِيلَ: هُوَ الذُّبَابُ الْكَبِيرُ الأَزرق شَبَّهَهُ بِهِ لِشِدَّةِ أَذاه، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والعَنْتَرَةُ: السُّلُوكُ فِي الشَّدَائِدِ،. وعَنْتَرة: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ عَنْتَرَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ شدّاد العبسي(١٠).

(١) . قوله: [عذرة] هكذا في الأَصل
(٢) . قوله: بواو حذفته [وعمرك إِلخ] هكذا في الأَصل
(٣) . قوله: [إِذا تجوفت] كذا بالأَصل هنا بالجيم، وتقدم لنا في مادة عبر بالخاء وهو بالخاء في هامش النهاية وشارح القاموس
(٤) . قوله: [قال الراوي] بهامش الأَصل ما نصه قلت راوي هذا الحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنصاري كما قاله الصاغاني كتبه محمد مرتضى
(٥) . قوله: [العمرتان] هو بتشديد الميم في الأَصل الذي بيدنا، وفي القاموس بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وصوب شارحه تشديد الميم نقلًا عن الصاغاني
(٦) . قوله: [السكر] هو ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ جَيِّدٌ
(٧) . قوله: [المختار] أَي ابن أبي عبيد كما في شرح القاموس
(٨) . هذا الشطر مختل الوزن ويصح إِذا وضع [فيه] مكان [لغدٍ] هذا إِذا كان اليعامير مذكراً، وهو مذكور في شعر سابق ليعود إِليه ضمير فيه
(٩) . في معلقة عنترة: يدعون عنتر، بنصب عنتر على المفعولية
(١٠) . المشهور أنه ابن شدّاد لا ابن معاوية