عرض
(عَرَضَ)
الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالضَّادُ بِنَاءٌ تَكْثُرُ فُرُوعُهُ، وَهِيَ
مَعَ كَثْرَتِهَا تَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ
الْعَرْضُ الَّذِي يُخَالِفُ الطُّولَ. وَمَنْ حَقَّقَ النَّظَرَ
وَدَقَّقَهُ عَلِمَ صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ شَرَحْنَا ذَلِكَ
شَرْحًا شَافِيًا.
فَالْعَرْضُ: خِلَافُ الطُّولِ. تَقُولُ مِنْهُ:
عَرُضَ الشَّيْءُ
يَعْرُضُ
عِرَضًا، فَهُوَ
عَرِيضٌ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ:
عَرُضَ
عَرَاضَةً. وَأَنْشَدَ:
إِذَا ابْتَدَرَ الْقَوْمُ الْمَكَارِمَ عَزَّهُمْ ...
عَرَاضَةُ أَخْلَاقِ ابْنِ لَيْلَى وَطُولُهَا
وَقَوْسٌ
عُرَاضَةٌ:
عَرِيضَةٌ.
وَأَعْرَضَتِ الْمَرْأَةُ أَوْلَادَهَا: وَلَدَتْهُمْ
عِرَاضًا، كَمَا يُقَالُ أَطَالَتْ فِي الطُّولِ.
وَمِنَ الْبَابِ:
عَرَضَ الْمَتَاعَ
يَعْرِضُهُ
عَرْضًا. وَهُوَ كَأَنَّهُ فِي ذَاكَ قَدْ أَرَاهُ
عَرْضَهُ.
وَعَرَّضَ الشَّيْءَ
تَعْرِيضًا: جَعَلَهُ
عَرِيضًا.
وَمِنْ ذَلِكَ
عَرْضُ الْجُنْدِ: أَنْ تُمِرَّهُمْ عَلَيْكَ، وَذَلِكَ
كَأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى
الْعَارِضِ مِنْ حَالِهِمْ. وَيُقَالُ
لِلْمَعْرُوضِ مِنْ ذَلِكَ:
عَرَضٌ مُتَحَرِّكَةٌ، كَمَا يُقَالُ قَبَضَ قَبَضًا، وَقَدْ
أَلْقَاهُ فِي الْقَبَضِ.
وَعَرَضُوهُمْ عَلَى السَّيْفِ
عَرْضًا، كَأَنَّ السَّيْفَ أَخَذَ
عَرْضَ الْقَوْمِ فَلَمْ يَفُتْهُ أَحَدٌ.
وَعَرَضْتُ الْعُودَ عَلَى الْإِنَاءِ
أَعْرُضُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ، إِذَا وَضَعْتَهُ عَلَيْهِ
عَرْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
«هَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ بِعُودٍ
تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ» . وَيُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ:
عَرَضَ
يَعْرِضُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَمَا
عَرَضْتُ لِفُلَانٍ وَلَا
تَعْرِضْ لَهُ، وَذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ
عَرْضَكَ بِإِزَاءِ
عَرْضِهِ. وَيُقَالُ:
عَرَضَ الرُّمْحَ
يَعَرِضُهُ
عَرْضًا. قَالَ النَّابِغَةُ:
لَهُنَّ عَلَيْهِمْ عَادَةٌ قَدْ عَرَفْنَهَا ... إِذَا
عَرَضُوا الْخَطِّيَّ فَوْقَ الْكَوَاثِبِ
وَعَرَضَ الْفَرَسُ فِي عَدْوِهِ
عَرْضًا، كَأَنَّهُ يُرِي النَّاظِرَ
عَرْضَهُ. قَالَ:
يَعْرِضُ حَتَّى يَنْصِبَ الْخَيْشُومَا قَالُوا: إِذَا عَدَا
عَارِضًا صَدْرَهُ، أَوْ مَائِلًا بِرَأْسِهِ. وَيُقَالُ:
عَرَضَ فُلَانٌ مِنْ سِلْعَتِهِ، إِذَا
عَارَضَ بِهَا، أَعْطَى وَاحِدَةً وَأَخَذَ أُخْرَى. وَمِنْهُ:
هَلْ لَكَ
وَالْعَارِضُ مِنْكَ عَائِضُ
أَيْ
يُعَارِضُكِ فَيَأْخُذُ مِنْكِ شَيْئًا، وَيُعْطِيكَ شَيْئًا.
وَيُقَالُ:
عَرَضْتُ أَعْوَادًا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ،
وَاعْتَرَضَتْ هِيَ. قَالَ أَبُو دُوَادٍ:
تَرَى الرِّيشَ فِي جَوْفِهِ طَامِيًا ...
كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصَالٍ نِصَالَا
يَصِفُ الْمَاءَ أَنَّ الرِّيشَ بَعْضُهُ
مُعْتَرِضٌ فَوْقَ بَعْضٍ، كَمَا
يَعْتَرِضُ النَّصْلُ عَلَى النَّصْلِ كَالصَّلِيبِ. وَيُقَالُ:
عَرَضْتُ لَهُ مِنْ حَقِّهِ ثَوْبًا فَأَنَا
أَعْرِضُهُ، إِذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا،
كَأَنَّهُ جَعَلَ
عَرْضَ هَذَا بِإِزَاءِ
عَرْضِ حَقِّهِ الَّذِي كَانَ لَهُ. وَيُقَالُ: أَعْيَا
فَاعْتَرَضَ عَلَى الْبَعِيرِ.
وَذَكَرَ الْخَلِيلُ:
أَعْرَضْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ
عَرِيضًا. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: "
أَعْرَضْتَ الْقِرْفَةَ ". وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: "
أَعْرَضْتَ الْفُرْقَةَ " وَلَعَلَّهُ أَجْوَدُ، وَذَلِكَ
لِلرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ فَيَقُولُ: أَتَّهِمُ بَنِي
فُلَانٍ، لِلْقَبِيلَةِ بِأَسْرِهَا. فَيُقَالُ لَهُ:
أَعْرَضْتَ الْقِرْفَةَ، أَيْ جِئْتَ بِتُهْمَةٍ
عَرِيضَةٍ
تَعْتَرِضُ الْقَبِيلَ بِأَسْرِهِ.
وَمِنَ الْبَابِ:
أَعْرَضْتُ عَنْ فُلَانٍ،
وَأَعْرَضْتُ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ،
وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي
ذَكَرْنَاهُ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَا وَلَّاهُ
عَرْضَهُ.
وَالْعَارِضُ إِنَّمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ
الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الطُّولِ. وَيُقَالُ:
أَعْرَضَ لَكَ الشَّيْءُ مِنْ بَعِيدٍ، فَهُوَ
مُعْرِضٌ، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ لَكَ وَبَدَا. وَالْمَعْنَى
أَنَّكَ رَأَيْتَ
عَرْضَهُ. قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
وَأَعْرَضَتِ الْيَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ ... كَأَسْيَافٍ
بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا
[وَ] تَقُولُ:
عَارَضْتُ فُلَانًا فِي السَّيْرِ، إِذَا سِرْتَ حِيَالَهُ.
وَعَارَضْتُهُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، إِذَا أَتَيْتَ إِلَيْهِ
مِثْلَ مَا أَتَى إِلَيْكَ. وَمِنْهُ اشْتُقَّتِ
الْمُعَارَضَةُ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، كَأَنَّ
عَرْضَ الشَّيْءِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مِثْلُ
عَرْضِ الشَّيْءِ الَّذِي أَتَاهُ. وَقَالَ طُفَيْلٌ:
وَعَارَضْتُهَا رَهْوًا عَلَى مُتَتَابِعٍ ... نَبِيلِ
الْقُصَيْرَى خَارِجِيٍّ مُحَنَّبِ
وَيُقَالُ:
اعْتَرَضَ فِي الْأَمْرِ فُلَانٌ، إِذَا أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِيهِ.
وَعَارَضْتُ فُلَانًا فِي الطَّرِيقِ،
وَعَارَضْتُهُ بِالْكِتَابِ،
وَاعْتَرَضْتُ أُعْطِي مَنْ أَقَبَلَ وَأَدْبَرَ. وَهَذَا هُوَ
الْقِيَاسُ.
وَاعْتَرَضَ فُلَانٌ
عِرْضَ فُلَانٍ يَقَعُ فِيهِ، أَيْ يَفْعَلُ فِعْلًا يَأْخُذُ
عَرْضَ
عِرْضِهِ.
وَاعْتَرَضَ الْفَرَسُ، إِذَا لَمْ يَسْتَقِمْ لِقَائِدِهِ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وَأَرَانِي الْمَلِيكُ رُشْدِي وَقَدْ كُنْ ... تُ أَخَا
عُنْجُهِيَّةٍ
وَاعْتِرَاضِ
وَتَعَرَّضَ لِي فُلَانٌ بِمَا أَكْرَهُ. وَرَجُلٌ
عِرِّيضٌ، أَيْ
مُتَعَرِّضٌ. وَمِنَ الْبَابِ:
اسْتَعْرَضَ الْخَوَارِجُ النَّاسَ، إِذَا لَمْ يُبَالُوا مَنْ
قَتَلُوا. وَفِي الْحَدِيثِ: "
«كُلِ الْجُبْنَ
عُرْضًا» "، أَيِ
اعْتَرِضْهُ كَيْفَ كَانَ وَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ. وَهَذَا كَمَا
قُلْنَاهُ فِي
إِعْرَاضِ الْقِرْفَةِ.
وَالْمُعْرِضُ: الَّذِي
يَعْتَرِضُ النَّاسَ يَسْتَدِينُ مِمَّنْ أَمْكَنَهُ. وَمِنْهُ
حَدِيثُ عُمَرَ: " أَلَا إِنَّ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ ادَّانَ
مُعْرِضًا ".
وَمِنَ الْبَابِ
الْعِرْضُ:
عِرْضُ الْإِنْسَانِ. قَالَ قَوْمٌ: هُوَ حَسَبُهُ، وَقَالَ
آخَرُونَ: نَفْسُهُ. وَأَيَّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ مِنَ
الْعَرْضِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ
الْعِرْضَ: رِيحُ الْإِنْسَانِ طَيِّبَةً كَانَتْ أَمْ غَيْرَ
طَيِّبَةٍ، فَهَذَا طَرِيقُ الْمُجَاوَزَةِ، لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ
مِنْ
عِرْضِهِ سُمِّيَتْ
عِرْضًا. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ -:
«إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ يَجْرِي مِنْ
أَعْرَاضِهِمْ» أَيْ أَبْدَانِهِمْ، يَدُلُّ عَلَى
صِحَّةِ هَذَا. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ
الْعِرْضَ: النَّفْسُ بِقَوْلِ حَسَّانَ، يَمْدَحُ رَسُولَ
اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ
فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي
وَعِرْضِي ...
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
وَتَقُولُ: هُوَ نَقِيُ
الْعِرْضِ، أَيْ بَعِيدٌ مِنْ أَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُعَابَ.
وَمِنَ الْبَابِ:
مَعَارِيضُ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي
مِعْرَضٍ غَيْرِ لَفْظِهِ الظَّاهِرِ، فَيُجْعَلُ هَذَا
الْمِعْرَضِ لَهُ
كَمِعْرَضِ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ لِبَاسُهَا الَّذِي
تُعْرَضُ فِيهِ، وَذَلِكَ مُشْتَقٌّ مِنَ
الْعَرْضِ. وَقَدْ قُلْنَا فِي قِيَاسِ
الْعَرْضِ مَا كَفَى.
وَزَعَمَ نَاسٌ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: عَرَفْتُ ذَاكَ فِي
عَرُوضِ كَلَامِهِ، أَيْ فِي
مَعَارِيضِ كَلَامِهِ.
وَمِنَ الْبَابِ
الْعَرْضُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى
التَّشْبِيهِ
بِالْعَرْضِ مِنَ السَّحَابِ، وَهُوَ مَا سَدَّ
بِعَرْضِهِ الْأُفُقَ. قَالَ:
كُنَّا إِذَا قُدْنَا لِقَوْمٍ
عَرْضَا
أَيْ جَيْشًا كَأَنَّهُ جَبَلٌ أَوْ سَحَابٌ يَسُدُّ الْأُفُقَ،
وَقَالَ دُرَيْدٌ:
نَعِيَّةُ مِنْسَرٍ أَوْ
عَرْضُ جَيْشٍ ... تَضِيقُ بِهِ خُرُوقُ الْأَرْضِ مَجْرِ
وَكَانَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ:
الْأَعْرَاضُ: الْجِبَالُ وَالْأَوْدِيَةُ وَالسَّحَابُ،
الْوَاحِدُ
عِرْضٌ. كَذَا قَالَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ
أَيْضًا بِالْفَتْحِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
الْعَرْضُ: سَنَدُ الْجَبَلِ. وَأَنْشَدَ:
أَلَا تَرَى بِكُلِّ
عَرْضٍ
مُعْرِضِ وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ:
كَمَا تَدَهْدَى مِنَ
الْعَرْضِ الْجَلَامِيدُ
وَالْعَرِيضُ: الْجَدْيُ إِذَا نَزَا [أَوْ] يَكَادُ يَنْزُوَ،
وَذَلِكَ إِذَا بَلَغَ. وَهَذَا قِيَاسُهُ أَيْضًا قِيَاسُ الْبَابِ،
وَهُوَ مِنَ
الْعَرْضِ، وَجَمْعُهُ
عُرْضَانٌ.
فَأَمَّا
عَرُوضُ الشِّعْرِ فَقَالَ قَوْمٌ: مُشْتَقٌّ مِنَ
الْعَرُوضِ، وَهِيَ النَّاحِيَةُ، كَأَنَّهُ نَاحِيَةٌ مِنَ
الْعِلْمِ. وَأَنْشَدَ فِي
الْعَرُوضِ:
لِكُلِّ أُنَاسٍ مِنْ مَعَدٍّ عِمَارَةٌ ...
عَرُوضٌ إِلَيْهَا يَلْجَئُونَ وَجَانِبُ
وَقَالَ آخَرُونَ:
الْعَرِيضُ: الطَّرِيقُ الصَّعْبُ، ذَلِكَ يَكُونُ فِي
عَرْضِ جَبَلٍ، فَقَدْ صَارَ بَابُهُ قِيَاسَ سَائِرِ الْبَابِ.
قَالُوا: وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ
عُرْضِيَّةٌ، إِذَا كَانَتْ صَعْبَةً. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهَا
لَا تَسْتَقِيمُ فِي السَّيْرِ، بَلْ
تَعْتَرِضُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَنَحْتُهَا قَوْلِي عَلَى
عُرْضِيَّةٍ ... عُلُطٍ أُدَارِي ضِغْنَهَا بِتَوَدُّدِ
وَمِنَ الْبَابِ:
عُرْضُ الْحَائِطِ،
وَعُرْضُ الْمَالِ،
وَعُرْضُ النَّهْرِ، وَيُرَادُ بِهِ وَسَطُهُ. وَذَلِكَ مِنَ
الْعَرْضِ أَيْضًا. وَقَالَ لَبِيدٌ:
فَتَوَسَّطَا
عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا ... مَسْجُورَةً مُتَجَاوِرًا
قُلَّامُهَا
وَعُرْضُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّهُ الْوَسَطُ. وَكَانَ
اللِّحْيَانِيُّ يَقُولُ: فُلَانٌ شَدِيدُ
الْعَارِضَةِ، أَيِ النَّاحِيَةِ.
وَالْعَرَضُ مِنْ أَحْدَاثِ الدَّهْرِ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ،
سُمِّيَ
عَرَضًا لِأَنَّهُ
يَعْتَرِضُ، أَيْ يَأْخُذُهُ فِيمَا
عَرَضَ مِنْ جَسَدِهِ.
وَالْعَرَضُ: طَمَعُ الدُّنْيَا، قَلِيلًا [كَانَ] أَوْ
كَثِيرًا. وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ
يُعْرِضُ، أَيْ يُرِيكَ
عُرْضَهُ. وَقَالَ:
مَنْ كَانَ يَرْجُو بَقَاءً لَا نَفَادَ لَهُ ... فَلَا يَكُنْ
عَرَضُ الدُّنْيَا لَهُ شَجَنَا
وَيُقَالُ: " الدُّنْيَا
عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْخُذُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ".
فَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -:
«لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ
الْعَرْضِ» . فَإِنِّمَا سَمِعْنَاهُ بِسُكُونِ
الرَّاءِ، وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْمَالِ غَيْرَ نَقْدٍ ؛
وَجَمْعُهُ
عُرُوضٌ. فَأَمَّا
الْعَرَضُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَمَا يُصِيبُهُ الْإِنْسَانُ
مِنْ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -:
{وَإِنْ يَأْتِهِمْ
عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ}
[الأعراف: 169] .
وَقَالَ الْخَلِيلُ: فُلَانٌ
عُرْضَةٌ لِلنَّاسِ: لَا يَزَالُونَ يَقَعُونَ فِيهِ. وَمَعْنَى
ذَلِكَ أَنَّهُمْ
يَعْتَرِضُونَ
عُرْضَهُ.
وَالْمِعْرَاضُ: سَهْمٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ دِقَاقٍ، وَإِذَا
رُمِيَ بِهِ
اعْتَرَضَ. قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي يُرْمَى
بِهِ لَا رِيشَ لَهُ يَمْضِي
عَرْضًا.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَدِيدُ
الْعَارِضَةِ، فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ
فِيهِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ شَدِيدُ
الْعَارِضَةِ، أَيْ ذُو جَلَدٍ وَصَرَامَةٍ. وَالْمَعْنَيَانِ
مُتَقَارِبَانِ، أَيْ شَدِيدٌ مَا
يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنْهُ.
وَعَارِضَةُ الْوَجْهِ: مَا يَبْدُو مِنْهُ عِنْدَ الضَّحِكِ.
وَزَعَمَ أَنَّ أَسْنَانَ الْمَرْأَةِ تُسَمَّى
الْعَوَارِضَ وَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ. قَالَ
عَنْتَرَةُ:
وَكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ
عَوَارِضُهَا إِلَيْكَ مِنَ الْفَمِ
وَرَجُلٌ خَفِيفُ
الْعَارِضَيْنِ، يَعْنِي
عَارِضَيِ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ أَبُو لَيْلَى:
الْعَوَارِضُ الضَّوَاحِكُ، لِمَكَانِهَا فِي
عَرْضِ الْوَجْهِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
عَارِضَا الرَّجُلِ: شَعْرُ خَدَّيْهِ، لَا يُقَالُ
لِلْأَمْرَدِ: امْسَحْ
عَارِضَيْكَ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: يَمْشِي
الْعِرَضْنَى، فَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَهُوَ الَّذِي
يَشْتَقُّ فِي عَدْوِهِ
مُعْتَرِضًا. قَالَ الْعَجَّاجُ:
تَعْدُو
الْعِرَضْنَى خَيْلُهُمْ حَرَاجِلًا
وَامْرَأَةٌ
عُرْضَةٌ: ضَخْمَةٌ قَدْ ذَهَبَتْ مِنْ سِمَنِهَا
عَرْضًا.
قَالَ الْخَلِيلُ:
الْعَوَارِضُ: سَقَائِفُ الْمَحْمَلِ
الْعِرَاضُ الَّتِي أَطْرَافُهَا فِي
الْعَارِضَيْنِ، وَذَلِكَ أَجْمَعُ هُوَ سَقْفُ الْمِحْمَلِ.
وَكَذَلِكَ
عَوَارِضُ سَقْفِ الْبَيْتِ إِذَا وُضِعَتْ
عَرْضًا. وَقَالَ أَيْضًا:
عَارِضَةُ الْبَابِ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي هِيَ مِسَاكُ
الْعِضَادَتَيْنِ مِنْ فَوْقُ.
وَالْعَرْضِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَعَلَّ لَهُ
عَرْضًا. قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ: هَزَّتْ قَوَامًا يَجْهَدُ
الْعَرْضِيَّا ... هَزَّ الْجَنُوبِ النَّخْلَةَ الصَّفِيَّا
وَكُلُّ شَيْءٍ أَمْكَنَكَ مِنْ
عَرْضِهِ فَهُوَ
مُعْرِضٌ لَكَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَيُقَالُ:
أَعْرَضَ لَكَ الظَّبْيُ فَارْمِهِ، إِذَا أَمْكَنَكَ مِنْ
عَرْضِهِ ؛ مِثْلُ أَفْقَرَ وَأَعْوَرَ.
وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: " فُلَانٌ
عَرِيضُ الْبِطَانِ "، إِذَا أَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ.
وَيُقَالُ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ
عِرَاضًا، إِذَا ضَرَبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَادَ إِلَيْهَا.
وَهَذَا مِنْ قَوْلِنَا:
اعْتَرَضَ الشَّيْءَ: أَتَاهُ مِنْ
عُرْضٍ، كَأَنَّهُ
اعْتَرَضَهَا مِنْ سَائِرِ النُّوقِ: قَالَ الرَّاعِي:
نَجَائِبُ لَا يُلْقَحْنَ إِلَّا يَعَارَةً ...
عِرَاضًا وَلَا يُبْتَعْنَ إِلَّا غَوَالِيَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَقِحَتِ النَّاقَةُ
عِرَاضًا، أَيْ ذَهَبَتْ إِلَى فَحْلٍ لَمْ تُقَدْ إِلَيْهِ.
وَالْعَارِضُ: السَّحَابُ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ قِيَاسِهِ.
قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى:
{قَالُوا هَذَا
عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}
[الأحقاف: 24] .
وَالْعَارِضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا يَسْتَقْبِلُكَ،
كَالْعَارِضِ مِنَ السَّحَابِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَةَ:
الْعَارِضُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي
يَعْرِضُ فِي قُطْرٍ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاءِ مِنَ الْعَشِيِّ
ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ حَبَا وَاسْتَوَى. وَيُقَالُ لَهُ: الْعَانُّ
بِالتَّشْدِيدِ.
وَمِنَ الْمُشْتَقِّ مِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: مَرَّ بِي
عَارِضٌ مِنْ جَرَادٍ، إِذَا مَلَأَ الْأُفُقَ. وَلِفُلَانٍ
عَلَى أَعْدَائِهِ
عُرْضِيَّةٌ، أَيْ صُعُوبَةٌ. وَهَذَا مِنْ قَوْلِنَا نَاقَةٌ
عُرْضِيَّةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ قِيَاسُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ
التَّعْرِيضَ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْإِبِلِ مِنْ مِيرَةٍ
أَوْ زَادٍ. وَهَذَا مُشْتَقٌّ مِنْ أَنَّهُ
يُعْرَضُ عَلَى مَنْ لَعَلَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ:
عَرِّضُوا مِنْ مِيرَتِكُمْ، أَيْ أَطْعِمُونَا مِنْهَا. قَالَ:
حَمْرَاءَ مِنْ
مُعَرِّضَاتِ الْغِرْبَانِ
يَصِفُ نَاقَةً لَهُ عَلَيْهَا الْمِيرَةُ فَهِيَ تَتَقَدَّمُ
الْإِبِلَ وَيَنْفَتِحُ مَا عَلَيْهَا لِسُرْعَتِهَا فَتَسْقُطُ
الْغِرْبَانُ عَلَى أَحْمَالِهَا، فَكَأَنَّهَا
عَرَّضَتْ لِلْغِرْبَانِ مِيرَتَهُمْ. وَيُقَالُ لِلْإِبِلِ
الَّتِي تَبْعُدُ آثَارُهَا فِي الْأَرْضِ:
الْعُرَاضَاتُ، أَيْ إِنَّهَا تَأْخُذُ فِي الْأَرْضِ
عَرْضًا فَتَبِينُ آثَارُهَا. وَيَقُولُونَ: " إِذَا طَلَعَتِ
الشِّعْرَى سَفَرًا، وَلَمْ تَرَ فِيهَا مَطَرًا، فَأَرْسِلِ
الْعُرَاضَاتِ أَثَرًا، يَبْغِينَكَ فِي الْأَرْضِ مَعْمَرًا ".
وَيُقَالُ: نَاقَةٌ
عُرْضَةٌ لِلسَّفَرِ، أَيْ قَوِيَّةٌ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى هَذَا
أَنَّهَا لِقُوَّتِهَا
تُعْرَضُ أَبَدًا لِلسَّفَرِ. فَأَمَّا
الْعَارِضَةُ مِنَ النُّوقِ أَوِ الشَّاءِ، فَإِنَّهَا الَّتِي
تُذْبَحُ لِشَيْءٍ يَعْتَرِيهَا. وَقَالَ:
مِنْ شِوَاءٍ لَيْسَ مِنْ
عَارِضَةٍ ... بِيَدَيْ كُلِّ هَضُومٍ ذِي نَفَلْ
وَهَذَا عِنْدَنَا مِمَّا جُعِلَ فِيهِ الْفَاعِلُ مَكَانَ
الْمَفْعُولِ ؛ لِأَنَّ
الْعَارِضَةَ هِيَ الَّتِي
عُرِضَ لَهَا بِمَرَضٍ، كَمَا يَقُولُونَ: سِرٌّ كَاتِمٌ.
وَمَعْنَى
عُرِضَ لَهَا أَنَّ الْمَرَضَ
أَعْرَضَهَا، وَتَوَسَّعُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى بَنَوُا
الْفِعْلَ مَنْسُوبًا إِلَيْهَا، فَقَالُوا:
عَرَضَتْ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا
عَرَضَتْ مِنْهَا كَهَاةٌ سَمِينَةٌ ... فَلَا تُهْدِ مِنْهَا
وَاتَّشِقْ وَتَجَبْجَبِ
وَالْعِرْضُ: الْوَادِي،
وَالْعِرْضُ: وَادٍ بِالْيَمَامَةِ. قَالَ الْأَعْشَى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
الْعِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُهُ ... نَخِيلًا وَزَرْعًا نَابِتًا
وَفَصَافِصَا
وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
فَهَذَا أَوَانُ
الْعِرْضِ حَيَّ ذُبَابُهُ ... زَنَابِيرُهُ وَالْأَزْرَقُ
الْمُتَلَمِّسُ
وَمِنَ الْبَابِ: نَظَرْتُ إِلَيْهِ
عَرْضَ عَيْنٍ، أَيِ
اعْتَرَضْتُهُ عَلَى عَيْنِي. وَرَأَيْتُ فُلَانًا
عَرْضَ عَيْنٍ، أَيْ لَمْحَةً. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ
عَرَضَ لِعَيْنِي، فَرَأَيْتُهُ. وَيُقَالُ: عَلِقْتُ فُلَانًا
عَرَضًا، أَيِ
اعْتِرَاضًا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ مِنِّي لِذَلِكَ وَلَا
إِرَادَةٍ. وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ
عِرَاضِ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ. وَأَنْشَدَ:
عُلِّقْتُهَا
عَرَضًا وَأَقْتُلُ قَوْمَهَا ... زَعْمًا لَعَمْرُ أَبِيكِ
لَيْسَ بِمَزْعَمِ
وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمُ
عَرَضٍ، إِذَا جَاءَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي مَنْ رَمَاهُ.
وَهَذَا مِنَ الْبَابِ أَيْضًا كَأَنَّهُ جَاءَهُ
عَرَضًا مِنْ حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي
الْمِعْرَاضِ مِنَ السِّهَامِ.
وَالْمَعَارِضُ: جَمْعُ
مَعْرَضٍ وَهِيَ بِلَادٌ
تُعْرَضُ فِيهَا الْمَاشِيَةُ لِلرَّعْيِ. قَالَ: أَقُولُ
لِصَاحِبَيَّ وَقَدْ هَبَطْنَا ... وَخَلَّفْنَا
الْمَعَارِضَ وَالْهِضَابَا
عرض
العَرْضُ: خلافُ الطّولِ، وأصله أن يقال في الأجسام، ثمّ يستعمل
في غيرها كما قال:
﴿فَذُو دُعاءٍ
عَرِيضٍ﴾
[فصلت : 51] .
والعُرْضُ خصّ بالجانب،
وأَعْرَضَ الشيءُ: بدا
عُرْضُهُ،
وعَرَضْتُ العودَ على الإناء،
واعْتَرَضَ الشيءُ في حلقه: وقف فيه
بِالْعَرْضِ،
واعْتَرَضَ الفرسُ في مشيه، وفيه
عُرْضِيَّةٌ. أي:
اعْتِرَاضٌ في مشيه من الصّعوبة،
وعَرَضْتُ الشيءَ على البيع، وعلى فلان، ولفلان نحو:
﴿ثُمَّ
عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ﴾
[البقرة : 31] ،
﴿عُرِضُوا
عَلى رَبِّكَ صَفًّا﴾
[الكهف : 48] ،
﴿إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمانَةَ﴾
[الأحزاب : 72] ،
﴿وَعَرَضْنا
جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ
عَرْضاً﴾
[الكهف : 100] ،
﴿وَيَوْمَ
يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ﴾
[الأحقاف : 20] .
وعَرَضْتُ الجندَ،
والعَارِضُ: البادي
عَرْضُهُ، فتارةً يُخَصُّ بالسّحاب نحو:
﴿هذا
عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾
[الأحقاف : 24] ، وبما
يَعْرِضُ من السَّقَمِ، فيقال: به
عَارِضٌ من سُقْمٍ، وتارة بالخدِّ نحو: أَخَذَ من
عَارِضَيْهِ، وتارة بالسِّنِّ، ومنه قيل:
العَوَارِضُ للثّنايا التي تظهر عند الضّحك، وقيل: فلانٌ شديدُ
العَارِضَةِ(١)
كناية عن جودة البيان، وبعيرٌ
عَرُوضٌ: يأكل الشّوك
بِعَارِضَيْهِ،
والعُرْضَةُ: ما يُجْعَلُ
مُعَرَّضاً للشيء. قال تعالى:
﴿وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ
عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ﴾
[البقرة : 224] ، وبعيرٌ
عُرْضَةٌ للسّفر. أي: يجعل
مُعَرَّضاً له،
وأَعْرَضَ: أظهر
عَرْضَهُ. أي: ناحيته. فإذا قيل:
أَعْرَضَ لي كذا.
أي: بَدَا
عَرْضُهُ فأمكن تناولُهُ، وإذا قيل:
أَعْرَضَ عنّي، فمعناه: ولّى مُبديا
عَرْضَهُ. قال:
﴿ثُمَّ
أَعْرَضَ عَنْها﴾
[السجدة : 22] ،
﴿فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ﴾
[النساء : 63] ،
﴿وَأَعْرِضْ
عَنِ الْجاهِلِينَ﴾
[الأعراف : 199] ،
﴿وَمَنْ
أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾
[طه : 124] ،
﴿وَهُمْ عَنْ آياتِها
مُعْرِضُونَ﴾
[الأنبياء : 32] ، وربما حذف عنه استغناء عنه نحو:
﴿إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ
مُعْرِضُونَ﴾
[النور : 48] ،
﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ
مُعْرِضُونَ﴾
[آل عمران : 23] ،
﴿فَأَعْرَضُوا
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ﴾
[سبأ : 16] ، وقوله:
﴿وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ﴾
[آل عمران : 133] ، فقد قيل: هو
العَرْضُ الذي خلاف الطّول، وتصوُّرُ ذلك على أحد وجوه: إمّا أن
يريد به أن يكون
عَرْضُهَا في النّشأة الآخرة
كَعَرْضِ السّموات والأرض في النّشأة الأولى، وذلك أنه قد قال:
﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ﴾
[إبراهيم : 48] ، ولا يمتنع أن تكون السّموات والأرض في النّشأة
الآخرة أكبر ممّا هي الآن. وروي أنّ يهوديّا سأل عمر رضي الله عنه عن
هذه الآية فقال: فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار(٢)
.
وقيل: يعني
بِعَرْضِهَا سَعَتَهَا لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرّة،
كما يقال في ضدّه: الدّنيا على فلان حلقة خاتم، وكفّة حابل، وسعة هذه
الدار كسعة الأرض، وقيل:
العَرْضُ هاهنا من
عَرْضِ البيعِ(٣)
، من قولهم: بيع كذا
بِعَرْضٍ: إذا بيع بسلعة، فمعنى
عَرْضُهَا أي: بدلها وعوضها، كقولك:
عَرْضُ هذا الثّوب كذا وكذا.
والعَرَضُ: ما لا يكون له ثباتٌ، ومنه استعار المتكلّمون
العَرَضَ لما لا ثبات له إلّا بالجوهر كاللّون والطّعم، وقيل:
الدّنيا
عَرَضٌ حاضرٌ(٤)
، تنبيها أن لا ثبات لها. قال تعالى:
﴿تُرِيدُونَ
عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾
[الأنفال : 67] ، وقال: يَأْخُذُونَ
عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ:
﴿سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ
عَرَضٌ مِثْلُهُ﴾
[الأعراف : 169] ، وقوله:
﴿لَوْ كانَ
عَرَضاً قَرِيباً﴾
[التوبة : 42] ، أي: مطلبا سهلا.
والتَّعْرِيضُ: كلامٌ له وجهان من صدق وكذب، أو ظاهر وباطن. قال:
﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما
عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ﴾
[البقرة : 235] ، قيل: هو أن يقول لها: أنت جميلةٌ، ومرغوب فيك
ونحو ذلك.
(١) انظر: البصائر 4/ 44. ومنه سمّى ابن العربي شرحه للترمذي: عارضة الأحوذي. (٢) أخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: أرأيت قوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فأين النار؟ قال: أرأيت الليل إذا لبس كلّ شيء فأين النهار؟ قال: حيث شاء الله. قال: فكذلك حيث شاء الله. المستدرك 1/ 36. - وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب أنّ ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار، وإذا جاء النهار فأين الليل؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة. راجع: الدر المنثور 2/ 315. (٣) وهذا قول أبي مسلم الأصفهاني محمد بن بحر. قال بيان الحق النيسابوري: وتعسّف ابن بحر في تأويلها فقال: عرضها: ثمنها لو جاز بيعها، من المعاوضة في عقود البياعات. انظر: وضح البرهان بتحقيقنا 1/ 251. (٤) انظر البصائر 4/ 46، وعمدة الحفاظ: عرض.