رأى (رَأَى) الرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى نَظَرٍ وَإِبْصَارٍ بِعَيْنٍ أَوْ بَصِيرَةٍ. فَالرَّأْيُ: مَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ فِي الْأَمْرِ، وَجَمْعُهُ الْآرَاءُ. رَأَى فُلَانٌ الشَّيْءَ وَرَاءَهُ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ. وَالرِّئْيُ: مَا رَأَتِ الْعَيْنُ مِنْ حَالٍ حَسَنَةٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَيْتُهُ فِي مَعْنَى رَأَيْتُهُ وَتَرَاءَى الْقَوْمُ، إِذَا رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَاءَى فُلَانٌ يُرَائِي. وَفَعَلَ ذَلِكَ رِئَاءَ النَّاسِ، وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا لِيَرَاهُ النَّاسُ. وَالرُّوَاءُ: حُسْنُ الْمَنْظَرِ. وَالْمِرْآةُ مَعْرُوفَةٌ. وَالتَّرْئِيَةُ وَإِنْ شِئْتَ لَيَّنْتَ الْهَمْزَةَ فَقُلْتُ التَّرِيَّةَ: مَا تَرَاهُ الْحَائِضُ مِنْ صُفْرَةٍ بَعْدَ دَمِ حَيْضٍ، أَوْ أَنْ تَرَى شَيْئًا مِنْ أَمَارَاتِ الْحَيْضِ قَبْلُ. وَالرُّؤْيَا مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ رُؤًى.
رأى
رَأَى:(١)
عينه همزة، ولامه ياء، لقولهم: رُؤْيَةٌ، وقد قلبه الشاعر فقال:
207- وكلّ خليل رَاءَنِي فهو قائل ... من أجلك: هذا هامة اليوم أو غد(٢)
وتحذف الهمزة من مستقبله(٣)
، فيقال: تَرَى ويَرَى ونَرَى، قال:
﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً﴾
[مريم : 26] ، وقال: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ
[فصلت : 29] ، وقرئ: أرنا(٤)
. والرُّؤْيَةُ: إدراك الْمَرْئِيُّ، وذلك أضرب بحسب قوى النّفس: والأوّل:
بالحاسّة وما يجري مجراها، نحو:
﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ﴾
[التكاثر : 6-7] ،
﴿وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ﴾
[الزمر : 60] ، وقوله:
﴿فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾
[التوبة : 105] فإنه ممّا أجري مجرى الرّؤية الحاسّة، فإنّ الحاسّة لا
تصحّ على الله، تعالى عن ذلك، وقوله:
﴿إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾
[الأعراف : 27] .
والثاني: بالوهم والتّخيّل، نحو: أَرَى أنّ زيدا منطلق، ونحو قوله:
﴿وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
[الأنفال : 50] .
والثالث: بالتّفكّر، نحو:
﴿إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ﴾
[الأنفال : 48] .
والرابع: بالعقل، وعلى ذلك قوله:
﴿ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما
رَأى﴾
[النجم : 11] ، وعلى ذلك حمل قوله:
﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى﴾
[النجم : 13] .
ورَأَى إذا عدّي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، نحو:
﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾
[سبأ : 6] ، وقال:
﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ﴾
[الكهف : 39] ، ويجري (أَرَأَيْتَ) مجرى أخبرني، فيدخل عليه الكاف،
ويترك التاء على حالته في التّثنية، والجمع، والتأنيث، ويسلّط التّغيير على
الكاف دون التّاء، قال:
﴿أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي﴾
[الإسراء : 62] ،
﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ﴾
[الأنعام : 40] ، وقوله:
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى﴾
[العلق : 9] ،
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ﴾
[الأحقاف : 4] ،
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ﴾
[القصص : 71] ،
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ﴾
[الأحقاف : 10] ،
﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا﴾
[الكهف : 63] ، كلّ ذلك فيه معنى التّنبيه.
والرَّأْيُ: اعتقاد النّفس أحد النّقيضين عن غلبة الظّنّ، وعلى هذا قوله:
﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾
[آل عمران : 13] ، أي: يظنّونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم، تقول:
فعل ذلك رأي عيني، وقيل: رَاءَةَ عيني. والرَّوِيَّةُ والتَّرْوِيَةُ: التّفكّر
في الشيء، والإمالة بين خواطر النّفس في تحصيل الرّأي، والْمُرْتَئِي
والْمُرَوِّي: المتفكّر، وإذا عدّي رأيت بإلى اقتضى معنى النّظر المؤدّي إلى
الاعتبار، نحو:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ﴾
[الفرقان : 45] ، وقوله:
﴿بِما أَراكَ اللَّهُ﴾
[النساء : 105] ، أي: بما علّمك. والرَّايَةُ: العلامة المنصوبة للرّؤية.
ومع فلان رَئِيٌّ من الجنّ، وأَرْأَتِ الناقة فهي مُرْءٍ: إذا أظهرت الحمل حتى
يرى صدق حملها.
والرُّؤْيَا: ما يرى في المنام، وهو فعلى، وقد يخفّف فيه الهمزة فيقال
بالواو، وروي:
«لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلّا الرّؤيا»(٥)
. قال:
﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ﴾
[الفتح : 27] ،
﴿وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ﴾
[الإسراء : 60] ، وقوله: فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ
[الشعراء : 61] ، أي: تقاربا وتقابلا حتى صار كلّ واحد منهما بحيث
يتمكّن من رؤية الآخر، ويتمكّن الآخر من رؤيته. ومنه قوله:
«لا تَتَرَاءَى نارهما»(٦)
. ومنازلهم رِئَاءٌ، أي: متقابلة. وفعل ذلك رِئَاءُ الناس، أي: مُرَاءَاةً
وتشيّعا. والْمِرْآةُ ما يرى فيه صورة الأشياء، وهي مفعلة من: رأيت، نحو:
المصحف من صحفت، وجمعها مَرَائِي، والرِّئَةُ: العضو المنتشر عن القلب، وجمعه
من لفظه رِؤُونَ، وأنشد (أبو زيد) :
208- فغظناهمو حتى أتى الغيظ منهمو ... قلوبا وأكبادا لهم ورئينا(٧)
ورِئْتُهُ: إذا ضربت رِئَتَ