عشماوي
 
هيئة التحرير  ||  اتصل بنا  ||  عن الباحث العربي  ||  الرئيسية


الباحث العربي
       Add to Google

المصدر: لسان العرب مقاييس اللغة الصّحّاح في اللغة القاموس المحيط العباب الزاخر
 


المفردات ذات الصلة فقد فقد فقد دفق ألف كفر فَقَدَه ثكل قوم هدم عذر أبل وسط فرس وسق



فقد (لسان العرب)
فَقَدَ الشيءَ يَفْقِدُه فَقْداً وفِقْداناً وفقُوداً، فهو مَفْقُودٌ وفَقِيدٌ: عَدِمَه؛ وأَفْقَدَه الله إِياه.
والفاقِدُ من النساءِ: التي يموتُ زَوْجُها أَو ولدُها أَو حميمها. أَبو عبيد: امرأَة فاقِدٌ وهي الثكول؛ وأَنشد الليث: كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطاءُ مُعْوِلَةٌ ناحَتْ، وجاوَبَها نُكْدٌ مَناكِيدُ وقال اللحياني: هي التي تتزوج بعدما كان لها زوج فمات. قال: والعرب تقول: لا تَتَزَوَّجَنَّ فاقِداً وتزوج مطلقة.
وظَبْيَةٌ فاقِدٌ وبقرةٌ فاقِدٌ: شبع ولدها؛ وكذلك حَمامَة فاقِدٌ؛ وأَنشد الفارسي: إِذا فاقِدٌ، خَطْباءُ، فَرْخَينِ رَجَّعَتْ، ذَكَرْتُ سُلَيْمَى في الخَلِيطِ المُبايِن قال ابن سيده: هكذا أَنشده سيبويه بتقديم خَطْباءُ على فَرْخَينِ مُقَوِّياً بذلك أَن اسم الفاعل إِذا وُصِفَ قَرُب من الاسم، وفارق شبَهَ الفعل.والتفقُّدُ تَطَلُّبُ ما غاب من الشيء.
وروي عن أَبي الدرداء أَنه قال: من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ، ومن لا يُعِدَّ الصَّبْرَ لفواجِعِ الأُمور يَعْجِزْ؛ فالتَّفقُّدُ: تَطَلُّب ما فَقَدْتَه، ومعنى قول أَبي الدرداء أَن من تَفَقَّدَ الخيرَ وطلبه في الناس فَقَدَه ولم يَجِدْه، وذلك أَنه رأَى الخير في النادر من الناس ولم يجده فاشياً موجوداً. غيره: أَي من يَتَفَقَّدْ أَحوالَ الناس ويَتَعَرَّفْها فإِنه لا يجد ما يُرضِيه.
وافتَقَدَ الشيءَ: طَلبه؛ قال: فلا أُخْتٌ فَتَبْكِيهِ، ولا أُمٌّ فَتَفْتَقِده وكذلك تَفَقَّدَه.
وفي التنزيل: فتَفَقَّدَ الطيرَ فقال ما ليَ لا أَرى الهُدْهُدَ؛ وكذلك الافتقادُ؛ وقيل: تَفَقَّدْتُه أَي طَلَبْتُه عند غيبته.
وتفاقَدَ القومُ أَي فَقَدَ بعضُهم بعضاً؛ وقال ابن ميادة: تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبيعونَ مُهْجَتي بِجارِيةٍ، بَهْراً لَهُمْ بعدَها بَهْرا بَهْراً قيل فيه: تَبّاً، وقيل: خيبة، وقيل: تَعْساً لهم، وقيل: أَصابهم شَرٌّ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: افتقَدْتُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة أَي لم أَجِدْه؛ هو افتَعَلْتُ من فَقَدْتُ الشيءَ أَفقِدُه إِذا غاب عنك.
وفي حديث الحسن: أُغَيْلِمَةٌ حَيارَى تفاقَدُوا؛ يَدْعُو عليهم بالموت وأَن يَفْقِدَ بعضُهم بعضاً.
ويقال: أَفقدَه الله كلَّ حميمٍ.
ويقال: مات فلانٌ غيرَ فَقِيدٍ ولا حَمِيدٍ أَي غيرَ مُكْتَرَثٍ لِفِقدانِه.
والفَقَد شرابٌ يُتَّخَذُ من الزبيب والعسل.
ويقال: إِن العسل ينبذ ثم يلقى فيه الفَقَد فيُشَدِّدُه؛ قال: وهو نبت شبه الكَشُوث.
والفَقَدُ
نباتٌ يشبه الكَشوث ينبذ في العسل فيقويه ويجيد إِسكاره؛ قال أَبو حنيفة: ثم يقال لذلك الشراب: الفَقَدُ. ابن الأَعرابي: الفَقْدَةُ: الكُشُوث.

فقد (الصّحّاح في اللغة)
فَقَدْتُ الشيءَ أفْقِدُهُ فَقْداً وفِقْداناً وفُقْداناً.
وكذلك الافْتِقادُ.
وتَفَقدْتُهُ،
أي طلبته عند غيبته.
وتَفاقَدَ القومُ، أي فَقَدَ بعضُهم بعضاً.
وقال الشاعر ابن مَيَّادة:

بجارِيَةٍ بَهْراً لهم بَعْدَها بَهْرا    تَفاقَدَ قَوْمي إذ يَبيعون مُهْجَتي

والفاقِدُ: المرأة التي تَفْقِدُ ولدها أو زوجها.
وظبيةٌ فاقدٌ.

فقد (مقاييس اللغة)

الفاء والقاف والدال أصيل يدلُّ على ذَهاب شيء وضَياعِه. من ذلك قولهم. فَقَدت الشَّيء فَقْداً.
والفاقد المرأة تَفْقِد ولدَها أو بعلها، والجمع فَواقِد. فأمَّا قولُك: تفقَّدْتُ الشَّيءَ، إذا تطلّبتَه، فهو من هذا أيضاً، لأنَّك تطلبه عند فقدك إيَّاه. قال الله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الغَائِبِينَ [النمل 20].

دفق (مقاييس اللغة)

الدال والفاء والقاف أصلٌ واحد مطَّردٌ قياسُه، وهو دفْع الشَّيء قُدُما. من ذلك: دَفَقَ الماءُ، وهو ماءٌ دافق.
وهذه دُفْقَةٌ مِن ماء.ويُحمَل قولُهم: جاؤوا دُفْقَةً واحدة، أي مرَّةً واحدة.
وبعيرٌ أدفَقُ، إذا بانَ مِرْفَقاه عن جَنبَيه.
وذلك أنَّهما إذا بانا عنه فقد اندفعا عنه واندفَقا.
والدِّفَقُّ، على فِعَلٍّ، من الإبل: السريع.
ومشى فلان الدّفِقَّى، وذلك إذا أسرَعَ. قال أبو عبيدة: الدِّفِقَّى أقْصَى العَنَق.
ومنه حديث الزّبرقان: "تمشي الدّفِقَّى، وتجلسُ الهَبَنْقَعَة".
ويقال سيلٌ دُفَاقٌ: يملأ الوَادِي.
ودَفَقَ الله رُوحَه، إذا دُعِي عليه بالموت.

ألف (مقاييس اللغة)

الهمزة واللام والفاء أصل واحد، يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء، والأشياء الكثيرة أيضاً. قال الخليل: الأَلْفُ معروفٌ، والجمع الآلاف.
وقد آلَفتِ الإبلُ، ممدودة، أي صارت ألفاً. قال ابنُ الأعرابي: آلَفْتُ القومَ: صيَّرتهم أَلْفاً، وآلَفْتهم، صيَّرتهم ألفاً بغيري، وآلفوا: صارُوا ألفاً.
ومثله أخْمَسُوا، وأماؤوا.
وهذا قياس صحيح، لأنّ الألف اجتماع المِئين. قال الخليل: ألِفْتُ الشيءَ آلَفُه.
والأُلْفَة مصدر الائتلاف .
وإلْفُكَ وأليفك: الذي تألفه. [و] كلُّ شيءٍ ضممتَ* بعضَه إلى بعضٍ فقد ألّفته تأليفاً. الأصمعيّ: يقال ألِفْتُ الشيء آلَفُه إلْفاً وأنا آلِفٌ، وآلَفْتُه وأنا مُؤْلفٌ. قال ذو الرمّة:
من المؤْلِفَات الرَّمْلِ أدْماءُ حُرَّةٌ    شُعاعُ الضُّحَى في لَوْنها يتوضَّحُ

قال أبو زيد: أهل الحجاز يقولون آلَفْتُ المكانَ والقومَ.
وآلَفْتُ غيري أيضاً حملته على أن يألَفَ. قال الخليل: وأوالِفُ الطّير: التي بمكة وغيرِها. قال:ويقال آلَفَت هذه الطَّيرُ موضعَ كذا، وهن مُؤْلِفاتٌ، لأنّها لا تبرحفأما قولـه تعالى: لإيلاَفِ قُرَيْشٍ [قريش 1]. قال أبو زيد: المألف: الشجر المُودِق الذي يدنو إليه الصّيد لإلْفِه إيّاهُ، فيَدِقُ إليه.

كفر (لسان العرب)
الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً.
ويقال لأَهل دار الحرب: قد كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر.
والكُفْرُ: جُحود النعمة، وهو ضِدُّ الشكر.
وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون.
وكَفَرَ نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه.
ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه.
ورجل كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ: وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى، وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ.
وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ قلوبهم كقُلوبِ نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف، والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة الله، وهو مذكور في موضعه.
وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ، لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت.
وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر، وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام، وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة الله، والآخر التكذيب بالله.
وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى، عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل: جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع.
وقوله سبحانه وتعالى: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له، ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر.
وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛ أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها.
وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر، وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛ يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛ والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه.
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان.
وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما، والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم، حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى: خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق.
وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه: تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل: هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ.
وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً. يقال: لا تُكْفِرْ أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً بقولك وزعمك.
وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر.
وكل من ستر شيئاً، فقد كَفَرَه وكَفَّره.
والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب.
والكُفَّارُ: الزُّرَّاعُ.
وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية.
وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي سترته.
والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل شيء.
وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه.
وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته.
وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد اللحياني: وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى بيضهما عند غروب الشمس: فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق هذا المعنى فقال: حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ، وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً.
وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛ ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً.
والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك أَيضاً.
وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته: وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛ كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد: وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما، وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد: تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ وفي رواية ابن شميل: فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت.
ورجل مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه.
والكافِرُ: السحاب المظلم.
والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ، في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته.
ورماد مَكْفُور: مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال: هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟ قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد: فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ، وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ أَي فيما يواريه من سواد الليل.
وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع. ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ، فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه.
وكلُّ شيء غطى شيئاً، فقد كفَرَه.
وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر.
وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛ وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره.
ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته كل شيء وغطاه.
ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ: المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ.
والمُتَكَفِّرُ: الداخل في سلاحه.
والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول الفرزدق: هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها، فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ، قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح.
وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم: كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة.
وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث فيها، والاسم الكَفَّارةُ.
والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده.
وأَما الحدود فقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ لأَهلها أَم لا.
وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها، وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك.
وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة، كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه تجب عليه الفدية.
وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر.
والكَفَرُ والكُفُرَّى والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى.
وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول (* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في الأصل.
والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد: جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به، من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها، سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج: كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً.
وفي الحديث: أَنه كان اسم كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد: لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور.
وقوله عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل: هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان، والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب.
وفي الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي: تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من النخل.
والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو الإِغْرِيضُ.
وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر.
وروي عن مُعَاوية أَنه قال: أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها.
والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم الكُفُورَ.
وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في القبور.
وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه.
والتَّكْفِير: إِيماءُ الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه.
والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له.
والتكفير: أَن يضع يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم: وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها، فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم، فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا.
وفي الحديث عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه.
والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير.
وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل.
وفي حديث أَبي معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً: مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال.
والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ: له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ، تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية: وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ، إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان عَنَّيْتَ وآذَيْتَ.
وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ الأَلْيَتانِ.

فَقَدَه (القاموس المحيط)
فَقَدَه يَفْقِدُه فَقْداً وفِقْداناً وفُقوداً: عَدِمَه، فهو فَقيدٌ ومَفْقودٌ، وأَفْقَدَه اللّهُ إيَّاه.
والفاقِدُ: التي ماتَ زوجُها أو وَلَدُها، أو المُتَزَوِّجَةُ بعدَ موتِ زَوْجِها، وبَقَرَةٌ سُبعَ ولَدُها.
وافْتَقَدَهُ وتَفَقَّدَهُ: طَلَبَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ.
وماتَ غيرَ فقيدٍ ولا حَميدٍ، (وغيرَ مَفْقودٍ): غَيْرَ مُكْتَرَثٍ لفِقْدانِهِ.
والفَقْدُ، ولا يُحَرَّكُ، ووَهِمَ الأَزْهَرِيُّ: نَباتٌ، وشرابٌ من زَبيب أو عَسَلٍ أو كُشوثٍ،
كالفُقْدُدِ، بالضم.
وتَفاقَدوا: فَقَدَ بَعْضُهُمْ بعضاً.

ثكل (لسان العرب)
الثُّكْل: الموت والهلاك.
والثُّكْل والثَّكَل، بالتحريك: فِقْدان الحبيب وأَكثر ما يستعمل في فُقْدان المرأَة زَوْجَها، وفي المحكم: أَكثر ما يستعمل في فُقْدان الرجل والمرأَة وَلدَهما، وفي الصحاح: فُِقْدان المرأَة ولدَها.
والثَّكُول: التي ثَكِلَتْ وَلَدَها، وقد ثكِلَتْه أُمُّه ثُكْلاً وثَكَلاً، وهي ثَكُولٌ وثَكْلى وثاكِلٌ.
وحكى اللحياني: لا تَفْعَلْ ذلك، ثَكِلَتْك الثَّكول قال ابن سيده: أَراه يعني بذلك الأُمَّ.
والثَّكُولُ: المرأَة الفاقد، والرجل ثاكِلٌ وثَكْلان.
وأَثْكَلَت المرأَةُ ولدَها وهي مُثْكَلة بولدها وهي مُثْكِل، بغير هاء، من نسوة مثاكِيل؛ قال ذو الرمة: ومُسْتَشْحَجاتٍ لِلفِرَاقِ، كأَنَّها مَثاكيلُ من صُيَّابةِ النُّوبِ نُوَّحُ كأَنه جمع مِثْكال؛ وقول الأَخطل: كلَمْعِ أَيْدِي مَثاكِيلٍ مُسَلَّبَةٍ، يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدَّهْرِ والخَطْب قال ابن سيده: أَقوى القياسين أَن ينشد مَثاكيل غيرَ مصروف يصير الجزء فيه من مستفعلن إِلى مفتعلن، وهو مَطْويٌّ، والذي رُوِي مَثاكيلٍ بالصرف.
وأَثْكَلها الله وَلدَها وأَثْكَلَه الله أُمَّه، ويقال: رُمْحُه للوالدات مَثْكَلة، كما يقال للولد مَبْخَلة مَجْبَنة؛ أَنشد ابن بري: تَرَى المُلوك حَوْلَه مُغَرْبَلَه، ورُمْحَه للوالداتِ مَثْكَلَه، يَقْتُلُ ذا الذَّنْب ومَنْ لا ذنْبَ لَه وفي الحديث: أَنه قال لبعض أَصحابه ثَكِلَتْك أُمُّك أَي فَقَدتْك؛ الثُّكْل: فقد الوَلد كأَنه دعا عليه بالموت لسوء فعله أَو قوله، والموت يعمُّ كل أَحد فإِذاً هذا الدعاء عليه كلا دعاء، أَو أَراد إِذا كنت هكذا فالموت خير لك لئلاَّ تزداد سوءاً؛ قال: ويجوز أَن يكون من الأَلفاظ التي تجري على أَلسنة العرب ولا يراد بها الدعاء كقولهم: تَرِبَتْ يَداك وقاتَلك الله؛ ومنه قصيد كعب بن زهير: قامَتْ فجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكَِيلُ قال: هن جمع مِثكال وهي المرأَة التي فَقَدت ولدها.
وقَصِيدة مُثْكِلة: ذكر فيها الثُّكْل؛ هذه عن اللحياني.
والإِثْكال والأُثْكُول: لغة في العِثْكال والعُثْكول وهو العِذْق الذي تكون فيه الشَّماريخ، وقيل: هو الشِّمْراخ الذي عليه البُسْر؛ وأَنشد أَبو عمرو: قد أَبْصَرَتْ سُعْدى بها كَتائِلي، مِثْلَ العَذارى الحُسَّرِ العَطابِلِ، طويلَة الأَقْناء والأَثاكِلِ كَتائِل: جمع كَتِيلة وهي النخلة.
وفَلاة ثَكول: مَنْ سَلَكَها فُقِد وثُكِل؛ قال الجميح: إِذا ذاتُ أَهْوالٍ ثَكُولٌ تَغَوَّلَتْ بها الرُّبْدُ فَوْضى، والنَّعامُ السَّوارحُ

قوم (لسان العرب)
القيامُ: نقيض الجلوس، قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة وقامةً، والقَوْمةُ المرة الواحدة. قال ابن الأَعرابي: قال عبد لرجل أَراد أن يشتريه: لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت قَوْماً، وإذا شبِعت أَحببت نَوْماً، أي أَبغضت قياماً من موضعي؛ قال: قد صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صامتي، وقُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قامَتي أَدْعُوك يا ربِّ من النارِ التي أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ وقال بعضهم: إنما أَراد قَوْمَتي وصَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً، وجاء بهذه الأبيات مؤسَّسة وغير مؤسسة، وأَراد من خوف النار التي أَعددت؛ وأَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على القَوْمة فقال: قد قمت ليلي، فتقبَّل قَوْمَتي، وصمت يومي، فتقبَّل صَوْمَتي ورجل قائم من رجال قُوَّمٍ وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ.
وقَوْمٌ: قيل هو اسم للجمع، وقيل: جمع. التهذيب: ونساء قُيَّمٌ وقائمات أَعرف.
والقامةُ: جمع قائم؛ عن كراع. قال ابن بري رحمه الله: قد ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ ومعنى القِيام العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه قاسم:قُل للإمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه: ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه، فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه؛ وكقول النابغة الذبياني: نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً مِن بَني أَسَدٍ قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ أَي عَزَموا فقالوا؛ وكقول حسان بن ثابت: علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ، كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ (* قوله «علاما» ثبتت ألف ما في الإستفهام مجرورة بعلى في الأصل، وعليها فالجزء موفور وإن كان الأكثر حذفها حينئذ). معناه علام يعزم على شتمي؛ وكقول الآخر: لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما ومنه قوله تعالى: وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه؛ أي لما عزم.
وقوله تعالى: إذ قاموا فقالوا ربُّنا ربُّ السموات والأرض؛ أي عزَموا فقالوا، قال: وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح؛ ومنه قوله تعالى: الرجال قوّامون على النساء، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماً محافظاً.
ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات. يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس مكانَك حتى آتيك، وكذلك قُم لي بمعنى قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه: وإذا أَظلم عليهم قاموا؛ قال أهل اللغة والتفسير: قاموا هنا بمعنى وقَفُوا وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين، ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ ومنه الحديث: المؤمن وَقَّافٌ متَأَنٍّ، وعلى ذلك قول الأَعشى: كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ، لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا أي ثبتوا ولم يتقدَّموا؛ ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها: يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه، يَعَضُّ على إبْهامِه، وهو واقِفُ أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر؛ قال: ومنه قول مزاحم: أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ، منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً، ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية. قال: ومنه قامت الدابة إذا وقفت عن السير.
وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح؛ ومنه قولهم: أقام بالمكان هو بمعنى الثبات.
ويقال: قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً، وإذا جَمد أيضاً؛ قال: وعليه فسر بيت أبي الطيب: وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ، سالَ النُّضارُ بها وقام الماء أي ثبت متحيراً جامداً.
وقامَت السُّوق إذا نفَقت، ونامت إذا كسدت.
وسُوق قائِمة: نافِقة.
وسُوق نائِمة: كاسِدة.
وقاوَمْتُه قِواماً: قُمْت معه، صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم.
والقَوْمةُ: ما بين الركعتين من القِيام. قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، والمغرب ثلاث قَوْمات، وكذلك قال في الصلاة.
والمقام: موضع القدمين؛ قال: هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ، غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ ويروى: بِراحِ.
والمُقامُ والمُقامةُ: الموضع الذي تُقيم فيه.
والمُقامة، بالضم: الإقامة.
والمَقامة، بالفتح: المجلس والجماعة من الناس، قال: وأما المَقامُ والمُقامُ فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون بمعنى موضع القِيام، لأَنك إذا جعلته من قام يَقُوم فمفتوح، وإن جعلته من قام يُقِيمُ فَمضْموم، فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم، لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ وهذا مُدَحْرَجُنا.
وقوله تعالى: لا مقَامَ لكم، أي لا موضع لكم، وقُرئ لا مُقام لكم، بالضم، أي لا إقامة لكم.
وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً؛ أَي موضعاً؛ وقول لبيد: عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها يعني الإقامة.
وقوله عزَّ وجل: كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام كَريم؛ قيل: المَقامُ الكريم هو المِنْبَر، وقيل: المنزلة الحسَنة.
وقامت المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح، وقد يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر نوائح العرب قِيامٌ؛ قال لبيد: قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح وقوله: يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومي إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي وقومي، لأَن المرأَة إذا مات حَمِيمها أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عليه.
وقولهم: ضَرَبه ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي وقُومي أي ضَرْبَ أمة، سميت بذلك لقُعودها وقِيامه في خدمة مواليها، وكأنَّ هذا جعل اسماً، وإن كان فِعْلاً، لكونه من عادتها كما قال: إن الله ينهاكم عن قِيلٍ وقالٍ.
وأَقامَ بالمكان إقاماً وإقامةً ومُقاماً وقامةً؛ الأخيرة عن كراع: لَبِثَ. قال ابن سيده: وعندي أن قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ. التهذيب: أَقَمْتُ إقامةً، فإذا أَضَفْت حَذَفْت الهاء كقوله تعالى: وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ. الجوهري: وأَقامَ بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً، وأَقامَه من موضعه.
وأقامَ الشيء: أَدامَه، من قوله تعالى: ويُقِيمون الصلاةَ، وقوله تعالى: وإنَّها لبِسَبيل مُقِيم؛ أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق بيِّن واضح؛ هذا قول الزجاج.
والاسْتِقامةُ: الاعْتدالُ، يقال: اسْتَقامَ له الأمر.
وقوله تعالى: فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ.
وقامَ الشيءُ واسْتقامَ: اعْتدَل واستوى.
وقوله تعالى: إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم اسْتَقاموا؛ معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه، صلى الله عليه وسلم.
وقال الأَسود بن مالك: ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً، وقال قتادة: استقاموا على طاعة الله؛ قال كعب بن زهير: فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى، بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ قال: القِيَمُ الاسْتِقامةُ.
وفي الحديث: قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ؛ فسر على وجهين: قيل هو الاسْتقامة على الطاعة، وقيل هو ترك الشِّرك. أَبو زيد: أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام، قال: والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه.
واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه.
وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ، وقام قائمٌ الظَّهِيرة؛ قال الراجز: وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ والقَوامُ: العَدْل؛ قال تعالى: وكان بين ذلك قَواماً؛ وقوله تعالى: إنّ هذا القرآن يَهْدِي للتي هي أَقْومُ؛ قال الزجاج: معناه للحالة التي هي أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله، وشهادةُ أن لا إله إلا الله، والإيمانُ برُسُله، والعمل بطاعته.
وقَوَّمَه هو؛ واستعمل أبو إسحق ذلك في الشِّعر فقال: استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ.
وقَوّمَََ دَرْأَه: أَزال عِوَجَه؛ عن اللحياني، وكذلك أَقامَه؛ قال: أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم، وإلا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، وأَما قوله: وإلاَّ تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فقد يجوز أَن يُعْنى به عُني بأَقِيموا أي وإلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ على هذا مفعول بتُقيموا، وإن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف ولاحذف، والرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول. أَبو الهيثم: القامةُ جماعة الناس.
والقامةُ أيضاً: قامةُ الرجل.
وقامةُ الإنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه وقَوامُه: شَطاطُه؛ قال العجاج: أَما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ، فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذي رَذِيَّهْ صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ وصَرَعَه من قَيْمَتِه وقَوْمَتِه وقامَته بمعنى واحد؛ حكان اللحياني عن الكسائي.
ورجل قَوِيمٌ وقَوَّامٌ: حَسَنُ القامة، وجمعهما قِوامٌ.
وقَوام الرجل: قامته وحُسْنُ طُوله، والقُومِيَّةُ مثله؛ وأنشد ابن بري رجز العجاج: أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ، صلبَ القناة سَلهبَ القَوْسِيَّهْ والقَوامُ: حُسْنُ الطُّول. يقال: هو حسن القامةِ والقُومِيَّة والقِمّةِ. الجوهري: وقامةُ الإنسان قد تُجمَع على قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ وتِيَر، قال: وهو مقصور قيام ولحقه التغيير لأَجل حرف العلة وفارق رَحَبة ورِحاباً حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ وتِيَرٌ.
والقُومِيَّةُ: القَوام أَو القامةُ. الأَصمعي: فلان حسن القامةِ والقِمّة والقُوميَّة بمعنى واحد؛ وأَنشد: فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ ويقال: فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله وأَمْره.
وتقول: هذا الأَمر لا قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له.
والقُومُ: القصدُ؛ قال رؤبة: واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها.
وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض.
وقِوامُ الأمر، بالكسر: نِظامُه وعِماده. أَبو عبيدة: هو قِوامُ أهل بيته وقِيامُ أهل بيته، وهو الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى: ولا تُؤتوا السُّفهاء أَموالكم التي جَعل الله لكم قِياماً.
وقال الزجاج: قرئت جعل الله لكم قِياماً وقِيَماً.
ويقال: هذا قِوامُ الأَمر ومِلاكُه الذي يَقوم به؛ قال لبيد: أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ خُذِلَتْ، وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟ قال: وقد يفتح، ومعنى الآية أي التي جعلَها الله لكم قِياماً تُقِيمكم فتَقُومون بها قِياماً، ومن قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا، والمعنى جعلها الله قِيمةَ الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم؛ وقال الفراء: التي جعل الله لكم قِياماً يعني التي بها تَقُومون قياماً وقِواماً، وقرأَ نافع المدني قيَماً، قال: والمعنى واحد.
ودِينارٌ قائم إذا كان مثقالاً سَواء لا يَرْجح، وهو عند الصيارفة ناقص حتى يَرْجَح بشيء فيسمى مَيّالاً، والجمع قُوَّمٌ وقِيَّمٌ.
وقَوَّمَ السِّلْعة واسْتَقامها: قَدَّرها.
وفي حديث عبد الله بن عباس: إذا اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به، وإذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته بِنَسيئة فلا خير فيه فهو مكروه؛ قال أَبو عبيد: قوله إذا استقمت يعني قوَّمت، وهذا كلام أهل مكة، يقولون: اسَتَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته، وهما بمعنى، قال: ومعنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلاً بثلاثين درهماً، ثم يقول: بعه فما زاد عليها فلك، فإن باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأْخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود ولا يجوز؛ قال أَبو عبيد: وهذا عند من يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة، وهي عندنا معلومة جائزة، لأَنه إذا وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي عليه، قال: وقال سفيان بن عيينة بعدما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة نقداً فيبيعه بخمسة عشر نسيئة، فيقول: أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة فتكون الخمسة عشر لي، فهذا الذي كره. قال إسحق: قلت لأَحمد قول ابن عباس إذا استقمت بنقد فبعت بنقد، الحديث، قال: لأنه يتعجل شيئاً ويذهب عَناؤه باطلاً، قال إسحق: كما قال قلت فما المستقيم؟ قال: الرجل يدفع إلى الرجل الثوب فيقول بعه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لك، قلت: فمن يدفع الثوب إلى الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك؟ قال: لا بأْس، قال إسحق كما قال.
والقِيمةُ: واحدة القِيَم، وأَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشيء.
والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم. تقول: تَقاوَمُوه فيما بينهم، وإذا انْقادَ الشيء واستمرّت طريقته فقد استقام لوجه.
ويقال: كم قامت ناقتُك أي كم بلغت.
وقد قامَتِ الأمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة دينار، وكم قامَتْ أَمَتُك أي بلغت.
والاستقامة: التقويم، لقول أهل مكة استقَمْتُ المتاع أي قوَّمته.
وفي الحديث: قالوا يا رسول الله لو قوَّمْتَ لنا، فقال: الله هو المُقَوِّم، أي لو سَعَّرْت لنا، وهو من قيمة الشيء، أي حَدَّدْت لنا قيمتها.
ويقال: قامت بفلان دابته إذا كلَّتْ وأَعْيَتْ فلم تَسِر.
وقامت الدابة: وَقَفَت.
وفي الحديث: حين قام قائمُ الظهيرة أي قيام الشمس وقت الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأَمل أنها قد وقفت وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال وبعده، ويقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة، والقائمُ قائمُ الظهيرة.
ويقال: قام ميزان النهار فهو قائم أي اعْتَدَل. ابن سيده: وقام قائم الظهيرة إذا قامت الشمس وعقَلَ الظلُّ، وهو من القيام.
وعَيْنٌ قائمة: ذهب بصرها وحدَقَتها صحيحة سالمة.
والقائم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه.
وفي الحديث: إنَّ حكيم بن حِزام قال: بايعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن لا أخِرَّ إلا قائماً؛ قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أمّا من قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قائماً أي لسنا ندعوك ولا نبايعك إلا قائماً أي على الحق؛ قال أبو عبيد: معناه بايعت أن لا أموت إلا ثابتاً على الإسلام والتمسُّك به.
وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه.
وقال تعالى: ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ؛ إنما هو من المُواظبة على الدين والقيام به؛ الفراء: القائم المتمسك بدينه، ثم ذكر هذا الحديث.
وقال الفراء: أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها.
وقوله عز وجل: لا يُؤَدِّه إليك إلا ما دُمت عليه قائماً؛ أي مُواظِباً مُلازِماً، ومنه قيل في الكلام للخليفة: هو القائِمُ بالأمر، وكذلك فلان قائِمٌ بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. قال ابن بري: والقائِمُ على الشيء الثابت عليه، وعليه قوله تعالى: من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ؛ أي مواظِبة على الدين ثابتة. يقال: قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به؛ ومنه الحديث: اسْتَقِيموا لقُريش ما اسْتَقامُوا لكم، فإنْ لم يَفْعَلوا فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم، أي دُوموا لهم في الطاعة واثْبُتوا عليها ما داموا على الدين وثبتوا على الإسلام. يقال: قامَ واسْتَقامَ كما يقال أَجابَ واسْتجابَ؛ قال الخطابي: الخَوارِج ومن يَرى رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة ويحملون قوله ما اسْتقاموا لكم على العدل في السِّيرة، وإنما الاستقامة ههنا الإقامة على الإسلام، ودليله في حديث آخر: سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود وتَشْمَئِزُّ منهم القلوب، قالوا: يا رسول الله، أَفلا تُقاتلهم؟ قال: لا ما أَقاموا الصلاة، وحديثه الآخر: الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها؛ ومنه الحديث: لو لم تَكِلْه لقامَ لكم أي دام وثبت، والحديث الآخر: لو تَرَكَتْه ما زال قائماً، والحديث الآخر: ما زال يُقِيمُ لها أُدْمَها.
وقائِمُ السيف: مَقْبِضُه، وما سوى ذلك فهو قائمة نحو قائمةِ الخِوان والسرير والدابة.
وقَوائِم الخِوان ونحوها: ما قامت عليه. الجوهري: قائمُ السيف وقائمتُه مَقْبِضه.
والقائمةُ: واحدة قوائم الدَّوابّ.
وقوائم الدابة: أربَعُها، وقد يستعار ذلك في الإنسان؛ وقول الفرزدق يصف السيوف: إذا هِيَ شِيمتْ فالقوائِمُ تَحْتها، وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً علَتْها القَوائِمُ أَراد سُلَّت.
والقوائم: مقَابِض السيوف.
والقُوام: داءٌ يأْخذ الغنم في قوائمها تقوم منه. ابن السكيت: ما فَعل قُوام كان يَعتري هذه الدابة، بالضم، إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث. الكسائي: القُوام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه؛ وقَوَّمت الغنم: أَصابها ذلك فقامت.
وقامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم وأَطاقوهم.
وفلان لا يقوم بهذا الأمر أي لا يُطِيق عليه، وإذا لم يُطِق الإنسان شيئاً قيل: ما قام به. الليث: القامةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر يوضع عليه عود البَكْرة، والجمع القِيم، وكذلك كل شيء فوق سطح ونحوه فهو قامة؛ قال الأَزهري: الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح، والقامة عند العرب البكرة التي يستقى بها الماء من البئر، وروي عن أبي زيد أنه قال: النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة، وهي البَكْرة من النعامة. ابن سيده: والقامةُ البكرة يُستقَى عليها، وقيل: البكرة وما عليها بأَداتِها، وقيل: هي جُملة أَعْوادها؛ قال الشاعر: لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامهْ، وأَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ، نزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ والجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ وتِيَرٍ، وقامٌ؛ قال الطِّرِمّاح: ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه ثَوْبَ سْحْلٍ فوقَ أَعوادِ قامِ وقال الراجز: يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه، يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ، واخْتَلَفَتْ أَمْراسُه وقِيَمُهْ وقال ابن بري في قول الشاعر: لَمّا رأَيت أَنها لا قامه قال: قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قامة في البيت جمع قائِم مثل بائِع وباعةٍ، كأَنه أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه، قال: ومثله فيما ذهب إليه الأَصمعي: وقامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ، حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي أي رَبِيعة قائمون بأَمري؛ قال: وقال عديّ بن زيد: وإنِّي لابنُ ساداتٍ كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ وإنِّي لابنُ قاماتٍ كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ أَراد بالقاماتِ الذين يقومون بالأُمور والأَحداث؛ ومما يشهد بصحة قول ثعلب أن القامة جمع قائم لا البكرة قوله: نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه والدِّعامة إنما تكون للبكرة، فإن لم تكن بكْرَةٌ فلا دعامة ولا زعزعةَ لها؛ قال ابن بري: وشاهد القامة للبكرة قول الراجز:إنْ تَسْلَمِ القامةُ والمَنِينُ، تُمْسِ وكلُّ حائِمٍ عَطُونُ وقال قيس بن ثُمامة الأرْحبي في قامٍ جمع قامةِ البئر: قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى، كأَن هادَيها قامٌ على بِيرِ والمِقْوَم: الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث.
وقوله في الحديث: إنه أَذِنَ في قَطْع المسَدِ والقائمَتينِ من شجر الحَرَم، يريد قائمتي الرَّحْل اللتين تكون في مُقَدَّمِه ومُؤَخَّره.
وقَيِّمُ الأمر: مُقِيمهُ.
وأمرٌ قَيِّمٌ: مُسْتقِيم.
وفي الحديث: أتاني مَلَك فقال: أَنت قُثَمٌ وخُلُقُكَ قَيِّم أي مُسْتَقِيم حسَن.
وفي الحديث: ذلك الدين القَيِّمُ أي المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق.
وقوله تعالى: فيها كُتب قيِّمة؛ أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء وبُرْهان؛ عن الزجاج.
وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق، ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد المِلة الحنيفية.
والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر.
وقَيِّمُ القَوْم: الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم.
وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امرأة.
وقَيِّمُ المرأَةِ: زوجها في بعض اللغات.
وقال أَبو الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب. يروى أَن جاريتين من بني جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما فقالت إحداهما: أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ لقد ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لا حَبَّذا هُما يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها، ونَخْزَى إذَا ما قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟ قَيِّماهما: بَعْلاهُما، ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو القَطيعَيْنِ.
وفي الحديث: حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد؛ قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها لأَنه يَقُوم بأَمرها وما تحتاج إليه.
وقام بأَمر كذا.
وقام الرجلُ على المرأَة: مانَها.
وإنه لَقَوّام علهيا: مائنٌ لها.
وفي التنزيل العزيز: الرجالُ قَوَّامون على النساء؛ وليس يراد ههنا، والله أَعلم، القِيام الذي هو المُثُولُ والتَّنَصُّب وضدّ القُعود، إنما هو من قولهم قمت بأَمرك، فكأنه، والله أَعلم، الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء مَعْنِيُّون بشؤونهن، وكذلك قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصلاة؛ أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة وتَوَجّهْتم إليها بالعِناية وكنتم غير متطهرين فافعلوا كذا، لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من كان على طُهر وأَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شيء من أعضائه، لا مرتَّباً ولا مُخيراً فيه، فيصير هذا كقوله: وإن كنتم جُنُباً فاطَّهروا؛ وقال هذا، أَعني قوله إذا قمتم إلى الصلاة فافعلوا كذا، وهو يريد إذا قمتم ولستم على طهارة، فحذف ذلك للدلالة عليه، وهو أَحد الاختصارات التي في القرآن وهو كثير جدّاً؛ ومنه قول طرفة: إذا مُتُّ فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه، وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يا ابنةَ مَعْبَدِ تأْويله: فإن مت قبلك، لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه معلوم أَنه لا يكلفها نَعْيَه والبُكاء عليه بعد موتها، إذ التكليفُ لا يصح إلا مع القدرة، والميت لا قدرة فيه بل لا حَياة عنده، وهذا واضح.
وأَقامَ الصلاة إقامةً وإقاماً؛ فإقامةً على العوض، وإقاماً بغير عوض.
وفي التنزيل: وإقامَ الصلاة.
ومن كلام العرب: ما أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقامَ؛ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه أَذانَاً ولا إقامَته إقامةً، لأَنه لم يُوفِّ ذلك حقَّه، فلما وَنَى فيه لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو، ولو قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما لا محالة.
وقالوا: قَيِّم المسجد وقَيِّمُ الحَمَّام. قال ثعلب: قال ابن ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام، وأَما الصيف فهو حَمَّام كله وجمع قَيِّم عند كراع قامة. قال ابن سيده: وعندي أَن قامة إنما هو جمع قائم على ما يكثر في هذا الضرب.
والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كذلك.
وفي التنزيل: وذلك دين القَيّمة؛ أي الأُمَّة القيمة.
وقال أَبو العباس والمبرد: ههنا مضمرٍ، أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة، فهو نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛ وقال الفراء: هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه؛ قال الأَزهري: والقول ما قالا، وقيل: أباء في القَيِّمة للمبالغة، ودين قَيِّمٌ كذلك.
وفي التنزيل العزيز: ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم.
وقال اللحياني وقد قُرئ ديناً قَيِّماً أي مستقيماً. قال أَبو إسحق: القَيِّمُ هو المُسْتَقيم، والقِيَمُ: مصدر كالصِّغَر والكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله: لا يبغون عنها حِوَلاً؛ لأَن قِيَماً من قولك قام قِيَماً، وقامَ كان في الأصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فصار قام فاعتل قِيَم، وأَما حِوَلٌ فهو على أَنه جار على غير فِعْل؛ وقال الزجاج: قِيَماً مصدر كالصغر والكبر، وكذلك دين قَوِيم وقِوامٌ.
ويقال: رمح قَوِيمٌ وقَوامٌ قَوِيمٌ أَى مستقيم؛ وأَنشد ابن بري لكعب بن زهير: فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ (* قوله «ضربوكم حين جرتم» تقدم في هذه المادة تبعاً للأصل: صرفوكم حين جزتم، ولعله مروي بهما).
وقال حسان: وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيـ ـكِ، أُرْسلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ قال: إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الإستقامة.
والله تعالى القَيُّوم والقَيَّامُ. ابن الأَعرابي: القَيُّوم والقيّام والمُدبِّر واحد.
وقال الزجاج: القيُّوم والقيَّام في صفة الله تعالى وأَسمائه الحسنى القائم بتدبير أَمر خَلقه في إنشائهم ورَزْقهم وعلمه بأَمْكِنتهم. قال الله تعالى: وما من دابّة في الأَرض إلا على الله رِزْقُها ويَعلَم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها.
وقال الفراء: صورة القَيُّوم من الفِعل الفَيْعُول، وصورة القَيَّام الفَيْعال، وهما جميعاً مدح، قال: وأَهل الحجاز أَكثر شيء قولاً للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ، يقولون الصَّيَّاغ.
وقال الفراء في القَيِّم: هو من الفعل فَعِيل، أَصله قَوِيم، وكذلك سَيّد سَوِيد وجَيِّد جَوِيد بوزن ظَرِيف وكَرِيم، وكان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها وسكون التي بعدها، فلما فعلوا ذلك صارت سَيْد على فَعْل، فزادوا ياء على الياء ليكمل بناء الحرف؛ وقال سيبويه: قَيِّم وزنه فَيْعِل وأَصله قَيْوِم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء مشدّدة، وكذلك قال في سيّد وجيّد وميّت وهيّن وليّن. قال الفراء: ليس في أَبنية العرب فَيْعِل، والحَيّ كان في الأَصل حَيْواً، فلما إجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة.
وقال مجاهد: القَيُّوم القائم على كل شيء، وقال قتادة: القيوم القائم على خلقه بآجالهم وأَعمالهم وأَرزاقهم.
وقال الكلبي: القَيُّومُ الذي لا بَدِيء له.
وقال أَبو عبيدة: القيوم القائم على الأشياء. الجوهري: وقرأَ عمر الحيُّ القَيّام، وهو لغة، والحيّ القيوم أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه بمُسْتَقرِّهم ومستودعهم.
وفي حديث الدعاء: ولكَ الحمد أَنت قَيّام السمواتِ والأَرض، وفي رواية: قَيِّم، وفي أُخرى: قَيُّوم، وهي من أبنية المبالغة، ومعناها القَيّام بأُمور الخلق وتدبير العالم في جميع أَحواله، وأَصلها من الواو قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ وقَيْوُومٌ، بوزن فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول.
والقَيُّومُ: من أَسماء الله المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره، وهو مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يُتَصوَّر وجود شيء ولا دوام وجوده إلا به.
والقِوامُ من العيش (* قوله «والقوام من العيش» ضبط القوام في الأصل بالكسر واقتصر عليه في المصباح، ونصه: والقوام، بالكسر، ما يقيم الإنسان من القوت، وقال أيضاً في عماد الأمر وملاكه أنه بالفتح والكسر، وقال صاحب القاموس: القوام كسحاب ما يعايش به، وبالكسر، نظام الأمر وعماده): ما يُقيمك.
وفي حديث المسألة: أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِواماً من عيش أَي ما يقوم بحاجته الضرورية.
وقِوامُ العيش: عماده الذي يقوم به.
وقِوامُ الجِسم: تمامه.
وقِوام كل شيء: ما استقام به؛ قال العجاج: رأْسُ قِوامِ الدِّينِ وابنُ رَأْس وإِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً وبقي بعض قيل: منها هامِد ومنها قائم. الجوهري: وقَوَّمت الشيء، فهو قَويم أي مستقيم، وقولهم ما أَقوَمه شاذ، قال ابن بري: يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على الثلاثة، وإنما جاز ذلك لقولهم قَويم، كما قالوا ما أَشدَّه وما أَفقَره وهو من اشتدّ وافتقر لقولهم شديد وفقير. قال: ويقال ما زِلت أُقاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر أي أُنازِله.
وفي الحديث: مَن جالَسه أَو قاوَمه في حاجة صابَره. قال ابن الأَثير: قاوَمَه فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن يقضِيها.وفي الحديث: تَسْويةُ الصفّ من إقامة الصلاة أي من تمامها وكمالها، قال: فأَمّا قوله قد قامت الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم.
وفي حديث عمر: في العين القائمة ثُلُث الدية؛ هي الباقية في موضعها صحيحة وإنما ذهب نظرُها وإبصارُها.
وفي حديث أَبي الدرداء: رُبَّ قائمٍ مَشكورٌ له ونائمٍ مَغْفورٌ له أَي رُبَّ مُتَجَهِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر له فِعله ويُغفر للنائم بدعائه.
وفلان أَقوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ كلاماً.
والقَوْمُ: الجماعة من الرجال والنساء جميعاً، وقيل: هو للرجال خاصة دون النساء، ويُقوِّي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَر قَوم من قوم عسى أَن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يَكُنَّ خيراً منهن؛ أَي رجال من رجال ولا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من نساء؛ وكذلك قول زهير: وما أَدرِي، وسوفَ إخالُ أَدري، أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟ وقَوْمُ كل رجل: شِيعته وعشيرته.
وروي عن أَبي العباس: النَّفَرُ والقَوْم والرَّهط هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء.
وفي الحديث: إن نَسَّاني الشيطان شيئاً من هلاتي فليُسبِّح القومُ وليُصَفِّقِ النساء؛ قال ابن الأَثير: القوم في الأصل مصدر قام ثم غلب على الرجال دون النساء، ولذلك قابلن به، وسموا بذلك لأَنهم قوّامون على النساء بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها. الجوهري: القوم الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه، قال: وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأَن قوم كل نبي رجال ونساء، والقوم يذكر ويؤَنث، لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث مثل رهط ونفر وقوم، قال تعالى: وكذَّبَ به قومك، فذكَّر، وقال تعالى: كذَّبتْ قومُ نوح، فأَنَّث؛ قال: فإن صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء وقلت قُوَيْم ورُهَيْط ونُفَير، وإنما يلحَقُ التأْنيثُ فعله، ويدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل الإبل والغنم لأَن التأنيث لازم له، وأَما جمع التكسير مثل جمال ومساجد، وإن ذكر وأُنث، فإنما تريد الجمع إذا ذكرت، وتريد الجماعة إذا أَنثت. ابن سيده: وقوله تعالى: كذَّبت قوم نوح المرسلين، إِنما أَنت على معنى كذبت جماعة قوم نوح، وقال المرسلين، وإن كانوا كذبوا نوحاً وحده، لأَن من كذب رسولاً واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة وخالفها، لأَن كل رسول يأْمر بتصديق جميع الرسل، وجائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل، وحكى ثعلب: أَن العرب تقول يا أَيها القوم كفُّوا عنا وكُفّ عنا، على اللفظ وعلى المعنى.
وقال مرة: المخاطب واحد، والمعنى الجمع، والجمع أَقْوام وأََقاوِم وأقايِم؛ كلاهما على الحذف؛ قال أَبو صخر الهذلي أَنشده يعقوب: فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا فُؤادَكَ، لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ ويروى: الأقايِمُ، وعنى بالقلب العقل؛ وأَنشد ابن بري لخُزَز بن لَوْذان:مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لأ يٍ، حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ وقوله تعالى: فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين؛ قال الزجاج: قيل عنى بالقوم هنا الأَنبياء، عليهم السلام، الذين جرى ذكرهم، آمنوا بما أَتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، في وقت مَبْعثهم؛ وقيل: عنى به من آمن من أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَتباعه، وقيل: يُعنى به الملائكة فجعل القوم من الملائكة كما جعل النفر من الجن حين قال عز وجل: قل أُوحي إليّ أَنه استمع نفر من الجن، وقوله تعالى: يَسْتَبْدِلْ قوماً غيركم؛ قال الزجاج: جاء في التفسير: إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة، وجاء: إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة، وجاء أيضاً: يَسْتَبْدِل قوماً غيركم من أهل فارس، وقيل: المعنى إن تتولوا يستبدل قوماً أَطْوَعَ له منكم. قال ابن بري: ويقال قوم من الجنّ وناسٌ من الجنّ وقَوْمٌمن الملائكة؛ قال أُمية: وفيها مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ، مَلائِكُ ذُلُِّلوا، وهُمُ صِعابُ والمَقامُ والمَقامة: المجلس.
ومَقامات الناس: مَجالِسُهم؛ قال العباس بن مرداس أَنشده ابن بري: فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً فَقِيدَ إلى المَقامةِ لا يَراها ويقال للجماعة يجتمعون في مَجْلِسٍ: مَقامة؛ ومنه قول لبيد: ومَقامةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم جِنٌّ، لدَى بابِ الحَصِيرِ، قِيامُ الحَصِير: المَلِك ههنا، والجمع مَقامات؛ أَنشد ابن بري لزهير: وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ، وأَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ والفِعْلُ ومَقاماتُ الناسِ: مَجالِسهم أيضاً.
والمَقامة والمَقام: الموضع الذي تَقُوم فيه.
والمَقامةُ: السّادةُ.
وكل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قامَ بك. أَبو زيد في نوادره: قامَ بي ظَهْري أَي أَوْجَعَني، وقامَت بي عيناي.
ويومُ القِيامة: يومُ البَعْث؛ وفي التهذيب: القِيامة يوم البعث يَقُوم فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم.
وفي الحديث ذكر يوم القِيامة في غير موضع، قيل: أَصله مصدر قام الخَلق من قُبورهم قِيامة، وقيل: هو تعريب قِيَمْثَا (* قوله «تعريب قيمثا» كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية، وفي أخرى بفتح القاف والميم وسكون المثناة بينهما.
ووقع في التهذيب بدل المثلثة ياء مثناة ولم يضبط)، وهو بالسريانية بهذا المعنى. ابن سيده: ويوم القِيامة يوم الجمعة؛ ومنه قول كعب: أَتَظْلِم رجُلاً يوم القيامة؟ ومَضَتْ قُِوَيْمةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ أَو قِطْعة، ولم يَجِدْه أَبو عبيد، وكذلك مضَى قُوَيْمٌ من الليلِ، بغير هاء، أَي وَقْت غيرُ محدود.

هدم (لسان العرب)
الهَدْمُ: نَقِيضُ البناء، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمه فانْهَدَمَ وتَهَدَّمَ وهَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ للكثرة. ابن الأَعرابي: الهَدْمُ قَلْعُ ا لمَدَرِ، يعني البيوت، وهو فِعْلٌ مُجاوزٌ، والفِعلُ اللازم منه الانْهِدامُ.
ويقال: هَدَمَه ودَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال العجاج: وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ، والنُّؤْيِ بعدَ عَهْدِه المُدَهْدَمِ يعني الحاجزَ حولَ البيت إِذا تَهَدَّم.
والهَدَمُ، بالتحريك: ما تَهدَّم من نواحي البئر فسقط في جَوْفِها؛ قال يصف امرأَة فاجرةً: تَمْضي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُماً، كأَنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ والأَهْدَمانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيَّة.
وقوله في الحديث: اللهمّ إِني أَعوذُ بك منَ الأَهْدَمَينِ؛ قيل في تفسيره: هو أَن يَنْهَدِمَ على الرجل بناءٌ أَو يقعَ في بئرٍ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين، قال ابن سيده: ولا أَدري ما حقيقتُه؛ قال ابن الأَثير: هو أَن ينهارَ عليه بناءٌ أو يقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيّة.
والأَهْدَمُ. أَفْعَلُ من الهَدَم: وهو ما تَهَدَّمَ من نواحي البئر فسقط فيها.
وفي حديث الشهداء: وصاحبُ الهَدَمِ شهيدٌ؛ الهَدَمُ، بالتحريك: البناءُ المَهْدُومُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول، وبالسكون الفِعْلُ نفْسُه؛ ومنه الحديث: مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فهو مَلْعونٌ أَي مَنْ قَتَلَ النفَّسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ وتَرْكِيبُه.
وقالوا: دَمُنا دَمُكم وهَدَمُنا هَدَمُكم أَي نحن شيءٌ واحدٌ في النُّصْرة تَغْضَبون لنا ونغْضَبُ لكم.
وفي الحديث. أَن أَبا الهيثم بن التَّيِّهان قال لرسولِ الله، صلى الله عليه وسلم: إِن بيننا وبين القومِ حبالاً ونحن قاطِعوها فنخشَى إِنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَن ترجعَ إِلى قومِك، فتبَّسم النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدَّمُ الرَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، أَنا منكم وأَنتم مني؛ يُروى بسكون الدال وفتحها، فالهدَم، بالتحريك: القَبْرُ يعني أُقْبَرُ حيث تُقْبَرون، وقيل: هو المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي، كحديثه الآخر: المَحْيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم أَي لا أُفارِقُكم.
والهَدْم، بالسكون وبالفتح أَيضاً: هو إِهدارُ دَمِ القتيلِ؛ يقال: دِماؤهم بينهم هَدْمٌ أَي مُهْدَرةٌ، والمعنى إِن طُلِب دَمُكم فقد طُلِبَ دَمي، وإِن أُهْدِرَ دَمُكم فقد أُهْدِرَ دَمي لاستِحكام الأُلْفة بيننا، وهو قولٌ معروف، والعرب تقول: دَمي دَمُك وهَدَمي هَدَمُك، وذلك عند المُعاهَدةِ والنُّصْرة.
وروى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العربُ تقول دَمي دمُك وهَدَمي هدَمُك؛ هكذا رواه بالفتح، قال: وهذا في النُّصْرة، والظُّلْم تقول: إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال وأَنشدني العُقَيلي:دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنت من دَمِ وكان أَبو عبيدة يقول: هو الهَدَمُ الهَدَمُ واللَّدَمُ اللَّدَمُ أَي حُرْمتي مع حُرْمتِكم وبَيتي مع بَيْتِكم؛ وأَنشد: ثم الْحَقي بِهَدَمي ولَدَمي أَي بأَصلي ومَوْضِعي.
وأَصل الهَدَم ما انْهَدَم. يقال: هَدَمْت هَدْماً، والمَهْدومُ هَدَمٌ، وسمي منزلُ الرجل هَدَماً لانْهِدامِه، وقال غيره: يجوز أَن يُسمَّى القبرُ هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثم يُرَدُّ،تُرابه فيه، فهو هَدَمٌ، فكأَنه قال: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لا أَزالُ معكم حتى أَموتَ عندكم.
وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كما تَطْلُبُ بدَمِ ولِىِّك أَي ابن عَمِّك وأَخِيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لي عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه منك.
وكلُّ من قَتل ولِيِّي، فقد قَتل ولِيَّك، ومَنْ أَراد هَدْمَك فقد قصَدني بذلك. قال الأَزهري: ومن رواه الدَّمُ الدَّمُ والهَدْمُ الهَدْمُ، فهو على قول الحَلِيف تَطْلُب بدَمي وأَنا أَطلبُ بدَمِك.
وما هَدَمْتَ من الدِّماء هَدَمْتُ أَي ما عَفَوْتَ عنه وأَهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه وتركتُه.
ويقال: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قالوا هَدَمي هَدَمُك ودَمي دَمُك وتَرِثُني وأَرِثُك، ثم نسَخ الله بآيات المَواريثِ ما كانوا يَشْترِطونه من المِيراث في الحِلْف والهِدْمُ، بالكسر: الثوبُ الخلَقُ المُرَقَّعُ، وقيل: هو الكِساءُ الذي ضُوعِفت رِقاعُه، وخصَّ ابنُ الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من الصوفِ دون الثوبِ، والجمع أَهْدامٌ وهِدَمٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وهي نادرة؛ وقال أَوس بن حجر: وذات هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها، تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعا قال ابن بري: صوابه وذاتُ، بالرفع، لأَنه معطوف على فاعل قبله؛ وهو: لِيُبْكِكَ الشَّرْبُ والمُدامةُ والـ ـفِتْيانُ، طُرّاً، وطامِعٌ طَمِعا وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد: هَرَقْتُ في صُفْنِه ماءً لِيَشْرَبَه في داثِرٍ خَلَق الأَعْضادِ أَهْدامِ وفي حديث عُمر: وقَفَتْ عليه عجوزٌ عَشَمةٌ بأَهْدامٍ؛ الأَِهْدامُ: الأَخْلاقُ من الثياب.
وهَدَمْتُ الثوب إِذا رَقَعته.
وفي حديث عليّ: لبِسْنا أَهْدام البِلى، وروي عن الصَّمُوتيِّ الكلابي وذكرَ حِبَّةَ الأَرض فقال: تَنْحَلُّ فيأُخُذُ بعضُها رِقابَ بعضٍ فتنطلق هِدَماً كالبُسُطِ.
وشيخٌ هِدْمٌ: على التشبيه بالثوب. أَبو عبيد: الهِدْمُ الشيخ الذي قد انْحَطَم مثل الهِمِّ.
والعجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة.
وتَهَدَّم عليه من الغضب إِذا اشتدَّ غضبُه.
وخُفٌّ هِدْمٌ ومُهَدَّمٌ: مثل الثوب؛ قال: عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ، مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ أَبو سعيد: هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه ورَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رواه ابنُ الفَرج عنه.
وعجوز مُتَهدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، ونابٌ مُتهدِّمة كذلك.
والهَدَمُ: ما بقي من نباتِ عامِ أَوّلَ، وذلك لِقِدَمِه.
وهَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ هَدَماً وهَدَمةً، فهي هَدِمةٌ من إِبلٍ هَدامى وهَدِمةٍ ، وتَهَدَّمَت وأَهْدَمت وهي مُهْدِم، كلاهما، إذا اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ ولم تُعاسِرْه.
وقال بعضهم: الهَدِمةُ الناقة التي تقع من شدة الضَّبَعةِ؛ قال زيد بن تُرْكِيٍّ الدُّبَيري: يُوشِكُ أَن يُوجسَ في الأَوْجاسِ فيها هَديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ، إِذا دَعا العُنَّدَ بالأَجْراسِ قال ابن جني: فيه ثلاث روايات، إِحداها: فيها هديمُ ضَبَعٍ هَوَّاسُ ويكون الهَديم هُنا فحلاً وأَضافه إِلى الضَّبَع لأَنه يَهْدَمُ إِذا ضَبِعَتْ، وهَوَّاس: من نعت هديم؛ الوراية الثانية: هَوَّاسِ، بالخفض على الجِوار؛ الرواية الثالثة: فيها هَديمُ ضَبَعٍ هِوَاسِ وهو الصحيح لأَن الهَوَسَ يكون في النُّوق، وعليه يصحُّ استِشْهادُ الجوهريّ لأَنه جعل الهَديمَ الناقةَ الضَّبِعَةَ، ويكون هِواسِ بدلاً من ضبَع، والضَّبَعُ والهِواسُ واحدٌ.
وهَديمُ في هذه الأَوجه فاعلٌ ليُوجِسَ في البيت الذي قبله أَي يُسْرِع أَن يَسمع صوتَ هذا الفحلِ ناقةٌ ضَبِعةٌ فتَشْتَدَّ ضَبَعَتُها؛ وأَول الأُرجوزة: مِزْيدُ، يا ابنَ النَّفَر الأَشْواسِ الشُّمْسِ، بل زادُوا على الشِّماسِ وفلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بذلك.
وتهدَّم عليه: تَوَعَّدَه.
ودِماؤهم هَدْمٌ بينهم، بالتسكين، وهَدَمٌ، بالتحريك، أَي هدَرٌ، وذلك إِذا لم يودوا قاتلَه (* قوله «إذا لم يودوا قاتله» كذا بالأصل، ولعله يؤذوا أو نحو ذلك). عليّ بن حمزة: هَدْمٌ، بسكون الدال.
وتهادَمَ القومُ: تهادَرُوا.
والهُدامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان في البحر؛ وهُدِم الرجلُ: أَصابه ذلك.
والهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عن ابن الأَعرابي.
وفي الحديث: من كانت الدنيا هَدَمَه وسَدَمَه أَي بُغْيَتَه وشَهْوَتَه. قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، والمحفوظ هَمَّه وسَدَمَه، والله أَعلم.
ورجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث.
وذو مَهْدَمٍ ومِهْدَمٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير.
والمَهْدومُ من اللبَن: الرَّثِيئةُ.
وفي التهذيب: المَهْدومةُ الرَّثيئة من اللبن؛ قال الشاعر: شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنِه بمَهْدومةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف قال: المَهْدومةُ هي الرثيئةُ. قال شهاب: إِذا حُلِب الحَليبُ على الحَقِين جاءت رثيئةٌ مُذَكَّرة طيِّبة، لا فَلَقٌ ولا مُمْذَقِرّة سَمْهَجَةٌ ليّنة.
والهَدْمةُ: الدُّفْعةُ من المال.
ويقال: هذا شيءٌ مُهَنْدَمٌ أَي مُصْلَح على مقدار، وهو معرَّب، وأَصله بالفارسية أَنْدام، مثل مُهَنْدِس وأَصله انْدازه.
وفي الحديث: كلْ مما يَليك وإِياك والهَذْمَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم بالذال المعجمة، وهو سُرْعةُ الأَكل، والهَيْدامُ: الأَكولُ؛ قال أَبو موسى: أَظنّ الصحيحَ بالدال المهملة يُريد به الأَكلَ من جوانب القَصْعةِ دون وَسَطِها، وهو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر.
والهَدْمةُ: المَطرةُ الخفيفة.
وأَرض مَهْدومةٌ أَي مَمْطورةٌ.

عذر (لسان العرب)
العُذْر: الحجة التي يُعْتَذر بها؛ والجمع أَعذارٌ. يقال: اعْتَذَر فلان اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرِة من دِيْنهِ فعَذَرْته، وعذَرَ يَعْذُرِهُ فيما صنع عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرِة، والاسم المعِذَرة (* قوله: «والاسم المعذرة» مثلث الذال كما في القاموس).
ولي في هذا الأَمر عُذْرٌ وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ من الذنب؛ قال الجَمُوح الظفري: قالت أُمامةٌ لما جِئْتُ زائَرها: هلاَّ رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟ لله دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ، لولا حُدِدْتُ، ولا عُذْرَى لِمَحْدودِ قال ابن بري: أَورد الجوهري نصف هذا البيت: إِني حُدِدْتُ، قال وصواب إِنشاده: لولا؛ قال: والأَسْهُم السُّود قيل كناية عن الأَسْطر المكتوبة، أَي هلاَّ كتبْتَ لي كتاباً، وقيل: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ مُقْلَتيه، فقال: قد رَمَيتُهم لولا حُدِدْتُ أَي مُنِعت.
ويقال: هذا الشعر لراشد بن عبد ربه وكان اسمه عاوِياً، فسماه النبي، صلى الله عليه وسلم، راشداً؛ وقوله: لولا حددت هو على إِرادة أَن تقديره لولا أَن حُدِدْتُ لأَنَّ لولا التي معناها امتناعُ الشيء لوجود غيره هي مخصوصة بالأَسماء، وقد تقع بعدها الأَفعال على تقدير أَن، كقول الآخر: أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لا أُحِبُّها، فقلتُ: بَلى، لولا يُنازِعُني شَغْلي ومثله كثير؛ وشاهدُ العِذْرةِ مثل الرِّكبةِ والجِلْسةِ قولُ النابغة: ها إِنّ تا عِذْرة إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ، فإِن صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ (* في ديوان النابغة: ها إِنّ عِذْرةٌ إِلاَّ تكن تفعت * فإِنَّ صاحبها مشاركُ النَّكَد).
وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قال الأَخطل: فبن تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ، فقد أَعْذَرَتْنا في طِلابكمُ العُذْر وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عن اللحياني.
والعرب تقول: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كان منه ما يُعْذَرُ به، والصحيح أَن العُذْرَ الاسم، والإِعْذار المصدر، وفي المثل: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ ويكون أَعْذَرَ بمعنى اعْتَذَر اعتذاراً يُعْذَرُ به وصار ذا عُذْرٍ منه؛ ومنه قول لبيد يخاطب بنتيه ويقول: إِذا متُّ فنُوحاً وابْكِيا عليّ حَوْلاً: فقُوما فقُولا بالذي قد عَلِمُتُما، ولا تَخْمِشَا وَجْهاً ولا تَحْلِقا الشَّعَرْ وقولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَه أَضاعَ، ولا خان الصديقَ، ولا غَدَرْ إِلى الحولِ، ثم اسمُ السلامِ عليكما، ومَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعْتَذَرْ أَي أَتى بُعذْر، فجعل الاعْتِذارَ بمعنى الإِعْذارِ، والمُعْتَذِرُ يكون مُحِقّاً ويكون غير مُحِقٍّ؛ قال الفراء: اعْتَذَرَ الرجل إِذا أَتى بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا لم يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد: ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر أَي أَتى بعُذْرٍ.
وقال الله تعالى: يَعْتَذِرون إِليكم إِذا رجعتُم إِليهم، قل لا تَعْتَذِرُوا لن نُؤْمِنَ لكم قد نَبّأَنا الله من أَخباركم؛ قل لا تَعْتَذِرُوا يعني أَنه لا عُذْرَ لهم، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها الكذبُ.
واعتذرَ رجلٌ إِلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عَذَرْتُكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ؛ يقول: عَذَرْتُك دون أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يكون مُحِقّاً وغير محق؛ والمُعَذِّر أَيضاً: كذلك.
واعْتَذَرَ منْ ذنبه وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قال أَبو ذؤيب: فإِنك منها والتعَذّر بعدما لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها وتعذّر: اعْتَذَرَ واحتجَّ لنفسه؛ قال الشاعر: كأَنّ يَدَيْها، حين يُفْلَقُ ضَفْرُها، يدا نَصَفٍ غَيْرِي تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ وعَذَّرَ في الأَمر: قَصَّر بعد جُهْد.
والتَّعْذِيرُ في الأَمر: التقصيرُ فيه.
وأَعْذَرَ: قَصَّر ولم يُبالِغ وهو يُرِي أَنه مُبالِغٌ.
وأَعْذَرَ فيه: بالَغَ.
وفي الحديث: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ العُمْرِ ستّين سنة؛ أَي لم يُبْقِ فيه موضعاً للاعْتِذارِ، حيث أَمْهَلَه طُولَ هذه المدة ولم يَعْتَذِر. يقال: أَعْذَرَ الرجل إِذا بَلَغ أَقْصى الغايةِ في العُذْر.
وفي حديث المِقْداد: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِليك أَي عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عنك الجهاد ورَخّصَ لك في تركه لأَنه كان قد تَناهَى في السِّمَنِ وعَجَزَ عن القتال.
وفي حديث ابن عمر: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مما عنده ولا يَرْفَعْ يده وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذلك يُخَجَّلُ جَلِيسَه؛ الإِعْذارُ: المبالغة في الأَمر، أَي ليُبالِغْ في الأَكل؛ مثل الحديث الآخر: إِنه كان إِذا أَكَلَ مع قوم كانَ آخرَهم أَكْلاً؛ وقيل: إِنما هو وليُعَذِّرْ من التعذير التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ في الأَكل لِيَتَوفَّرَ على الباقين ولْيُرِ أَنه بالغَ.
وفي الحديث: جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فكنا نُعَذِّرُ؛ أَي نُقَصِّر ونُرِي أَننا مجتهدون.
وعَذّرَ الرجل، فهو مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ ولم يأْت بِعُذرٍ.
وعَذَّرَ: لم يثبت له عُذْرٌ.
وأَعْذَرَ: ثبت له عُذْرٌ.
وقوله عز وجل: وجاء المُعَذِّرُون من الأَعراب لِيُؤْذَنَ لهم، بالتثقيل؛ هم الذين لا عُذْرَ لهم ولكن يتكلَّفُون عُذْراً.
وقرئ: المُعْذِرون بالتخفيف، وهم الذين لهم عُذْرٌ، قرأَها ابن عباس ساكنةَ العين وكان يقول: والله لكذا أُنْزِلَت.
وقال: لَعَنَ الله المُعَذِّرِينَ. قال الأَزهري: ذهب ابن عباس إِلى أَن المُعْذِرينَ الذين لهم العُذْر؛ والمُعَذِّرِينَ، بالتشديد: الذين يَعَتذِرون بلا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الذين لا عذر لهم، فكأَنَّ الأَمرَ عنده أَن المُعَذِّرَ، بالتشديد، هو المُظْهِرُ للعُذْرِ اعتلالاً من غير حقيقة له في العُذْر وهو لا عُذْرَ له، والمُعْذِر الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ الذي ليس بمُحقٍّ على جهة المُفَعِّل لأَنه المُمَرِّض والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بغير عُذْرٍ. قال الأَزهري: وقرأَ يعقوب الحضرمي وحده: وجاء المُعْذِرُون، ساكنة العين، وقرأَ سائرُ قُرّاء الأَمْصارِ: المُعَذِّرُون، بفتح العين وتشديد الذال، قال: فمن قرأَ المُعَذِّرُون فهو في الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التاء في الذال لِقُرْب المَخْرَجين، ومعنى المُعْتَذِرُون الذين يَعْتَذِرُون، كان لهم عُذْرٌ أَو لم يكن، وهو ههنا شبيه بأَنْ يكون لَهم عُذْرٌ، ويجوز في كلام العرب المُعِذِّرُون، بكسر العين، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت التاء وأُبدل منها ذال وأُدغمت في الذال ونُقِلَت حركتها إِلى العين فصار الفتح في العين أَوْلى الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ العين جَرّة لإِلتقاء الساكنين، قال: ولم يُقْرَأْ بهذا، قال ويجوز أَن يكون المُعَذِّرُون الذين يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لهم عُذْراً ولا عُذْرَ لهم. قال أَبو بكر: ففي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كان المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرجل، فهو مُعَذِّر، فهم لا عذر لهم، وإِذا كان المُعَذِّرُون أَصلهم المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التاء على العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت في الذال التي بعدها فلهم عذر؛ قال محمد بن سلام الجُمَحِي: سأَلت يونس عن قوله: وجاء المعذرون، فقلت له: المُعْذِرُون، مخففة، كأَنها أَقْيَسُ لأَن المُعْذِرَ الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّر الذي يَعْتَذِر ولا عُذْر له، فقال يونس: قال أَبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مُسيِئاً جاء قوم فَعذَّرُوا وجَلَّحَ آخرون فقعدوا.
وقال أَبو الهيثم في قوله: وجاء المُعَذِّرُون، قال: معناه المُعْتَذِرُون. يقال: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً في معنى اعتذر، ويجوز عِذَّرَ الرجل يَعِذِّر، فهو مُعِذِّر، واللغة الأُولى أَجودهما. قال: ومثله هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى يَهِدِّي؛ قال الله عز وجل: أَم مَنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى؛ ومثله قراءة من قرأَ يَخُصِّمُون، بفتح الخاء، قال الأَزهري: ويكون المُعَذِّرُون بمعنى المُقَصِّرِينَ على مُفَعِّليِن من التَّعْذير وهو التقصير. يقال: قام فلان قيام تَعْذِيرٍ فيما اسْتَكْفَيْتُه إِذا لم يُبالغْ وقَصَّرَ فيما اعْتُمِدَ عليه.
وفي الحديث: أَن بني إِسرائيل كانوا إِذا عُمِلَ فيهم بالمعاصي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم الله بالعِقاب، وذلك إِذا لم يُبالِغُوا في نَهْيِهم عن المعاصي، وداهَنُوهم ولم يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بالمعاصي حَقَّ الإِنْكارِ، أَي نَهَوْهم نَهْياً قَصَّروا فيه ولم يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ موضع اسم الفاعل حالاً، كقولهم: جاء مَشْياً.
ومنه حديث الدعاء: وتَعاطى ما نَهَيْتُ عنه تَعْذِيراً.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لن يَهْلِكَ الناسُ حتى يُعذِرُوا من أَنفسهم؛ يقال: أَعْذَرَ من نفسه إِذا أَمْكَن منها، يعني أَنهم لا يَهْلِكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهم ويستوجبوا العقوبة ويكون لمن يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قاموا بعُذْرِه في ذلك، ويروى بفتح الياء، من عَذَرْته، وهو بمعناه، وحقيقة عَذَرْت مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وفيه لغتان؛ يقال أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا كثرت عيوبُه وذنوبه وصار ذا عيب وفساد. قال الأَزهري: وكان بعضهم يقول: عَذَر يَعْذِرُ بمعناه، ولم يَعْرفه الأَصمعي؛ ومنه قول الأَخطل: فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ، فقد عَذَرَتْنا في كِلاب وفي كَعَبِ (* هذا البيت مرويّ سابقاً في نفس الكلمة ؛ في صورة تختلف عما هو عليه هنا، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأخطل).
ويروى: أَعْذَرَتْنا أَي جعلت لنا عُذْراً فيما صنعناه؛ وهذا كالحديث الآخر: لن يَهْلِك على الله إِلا هَالِكٌ؛ ومنه قول الناس: مَن يَعْذِرُني من فلان؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ: عِذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَا نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ بَغَى بَعْضٌ على بَعْضِ، فلم يَرْعَوْا على بَعْضِ فقد أَضْحَوْا أَحادِيثَ، بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ يقول: هاتِ عُذْراً فيما فَعَل بعضُهم ببعض من التباعُد والتباغُض والقتل ولم يَرْعَ بعضُهم على بعض، بعدما كانوا حيَّةَ الأَرض التي يَحْذَرُها كلُّ أَحد، فقد صاروا أَحاديثَ للناس يرفعونها ويخفضونها، ومعنى يخفضونها يُسِرّونها، وقيل: معناه هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ ومنه قول علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، وهو ينظر إِلى ابن مُلْجَم: عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ يقال: عَذِيرَك مِن فلان، بالنصب، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بمعنى فاعل، يقال: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، ونصبُه على إِضمار هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ ويقال: ما عندهم عَذِيرةٌ أَي لا يَعْذِرون، وما عندهم غفيرةٌ أَي لا يَغْفِرُون.
والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يقال: مَن عَذِيرِي مِن فلان أَي مَن نَصِيرِي.
وعَذِيرُ الرجل: ما يَرُومُ وما يُحاوِلُ مما يُعْذَرُ عليه إِذا فَعَلَه؛ قال العجاج يخاطب امرأَته: جارِيَ لا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي، سَيْرِي، وإِشْفاقي على بَعِيرِي يريد يا جارية فرخم، ويروى: سَعْيِي، وذلك أَنه عزم على السفر فكانَ يرُمُّ رَحْل ناقته لسفره فقالت له امرأَته: ما هذا الذي ترُمُّ؟ فخاطبها بهذا الشعر، أَي لا تُنْكِري ما أُحاوِلُ.
والعَذِيرُ: الحال؛ وأَنشد: لا تستنكري عذيري وجمعه عُذُرٌ مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خفف فقيل عُذْر؛ وقال حاتم: أَماوِيَّ قد طال التجنُّبُ والهجْرُ، وقد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ أَماوِيَّ إِن المال غادٍ ورائحٌ، ويَبْقَى من المال الأَحاديثُ والذِّكْرُ وقد عَلِمَ الأَقوامُ لو أَن حاتماً أَرادَ ثَراءَ المالِ، كان له وَفْرُ وفي الصحاح: وقد عذرتني في طلابكم عذر قال أَبو زيد: سمعت أَعرابيين تميميّاً وقيسيّاً يقولان: تَعَذَّرْت إِلى الرجل تَعَذُّراً، في معنى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قال الأَحْوَص بن محمد الأَنصاري: طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ، فلم يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ أَي يَعْتَذر؛ يقول: أَنعم عليه نعمة لم يحتج إِلى أَن يَعْتذر منها، ويجوز أَن يكون معنى قوله يَتَعَذَّر أَي يذهب عنها.
وتَعَذَّر: تأَخَّر؛ قال امرؤ القيس: بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ منه، يَمُنّه أَخُو الجَهْدِ، لا يَلْوِي على مَنْ تَعَذَّرا والعَذِيرُ: العاذرُ.
وعَذَرْته من فلان أَي لُمْت فلاناً ولم أَلُمْه؛ وعَذِيرَك إِيَّايَ منه أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، وقال خالد بن جَنْبة: يقال أَما تُعذرني من هذا؟ بمعنى أَما تُنْصِفُني منه. يقال: أَعْذِرْني من هذا أَي أَنْصِفْني منه.
ويقال: لا يُعْذِرُك من هذا الرجل أَحدٌ؛ معناه لا يُلْزِمُه الذنب فيما تضيف إِليه وتشكوه منه؛ ومنه قول الناس: مَنْ يَعْذِرُني من فلان أَي من يقوم بعُذْرِي إِن أَنا جازيته بسُوءِ صنيعه، ولا يُلْزِمُني لوْماً على ما يكون مني إِليه؛ ومنه حديث الإِفك: فاسْتَعْذَرَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، من عبدالله بن أُبَيّ وقال وهو على المنبر: من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال سعد: أَنا أَعْذِرُك منه، أَي من يقوم بعُذري إِن كافأْته على سوء صنيعه فلا يلومُني؟ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، استعذرَ أَبا بكر من عائشة، كان عَتَبَ عليها في شيء فقال لأَبي بكر: أَعْذِرْني منها إِن أَدَّبْتُها؛ أَي قُمْ بعُذْري في ذلك.
وفي حديث أَبي الدرداء: مَنْ يَعْذِرُني من معاوية؟ أَنا أُخْبِرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يخبرني عن نفسه.
ومنه حديث علي: مَنْ يَعْذرني من هؤلاء الضَّياطِرة؟ وأَعْذر فلان من نفسه أَي أَتى من قبَل نفسه. قال: وعَذّر يُعذّر نفسه أَي أَتي من قبل نفسه؛ قال يونس: هي لغة العرب.
وتَعَذَّر عليه الأَمر: لم يستقم.
وتَعَذَّر عليه الأَمر إِذا صعب وتعسر.
وفي الحديث: أَنه كان يتعَذَّر في مرضه؛ أَي يتمنّع ويتعسر.
وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذنوبه وعيوبه.
وفي التنزيل: قالوا مَعْذِرةٌ إِلى ربكم؛ نزلت في قوم من بني إِسرائيلَ وعَظُوا الذين اعتدَوْا في السبت من اليهود، فقالت طائفة منهم: لِمَ تَعِظون قوماً اللهُ مْهْلِكهم؟ فقالوا، يعني الواعظين: مَعْذِرةٌ إِلى ربكم، فالمعنى أَنهم قالوا: الأَمرُ بالمعروف واجبٌ علينا فعلينا موعظةُ هؤلاء ولعلهم يتقون، ويجوز النصب في مَعْذِرة فيكون المعنى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى ربنا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ على مَفْعِلة من عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الاعتذار؛ وقول زهير بن أَبي سلمى: على رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم، فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر قال ابن بري: هذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَنشد: ستمنعكم، وصوابه: فتمنعكم، بالفاء، وهذا الشعر يخاطب به آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان (* قوله: «وهم سليم وغطفان» كذا بالأصل، والمناسب وهوازن بدل وغطفان كما يعلم مما بعد) وسليم هو سليم بن منصور بن عكرمة، وهوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قَيْس عَيْلان، وغطفان هو غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكان بلغ زهيراً أَن هوازن وبني سليم يريدون غَزْوَ غطفان، وفدكَّرهم ما بين غطفان وبينهم من الرَّحِم، وأَنهم يجتمعون في النسب إِلى قيس؛ وقبل البيت:خُذُوا حظَّكم يا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغيب يُذْكَرُ فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى ما نَسُومُكم لَمِثْلانِ، بل أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ معنى قوله على رِسْلِكم أَي على مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قليلاً.
وقوله: سَنُعْدِي وراءكم أَي سنعدي الخيل وراءكم.
وقوله: أَو سنعذر أَي نأْتي بالعُذْر في الذبَّ عنكم ونصنع ما نُعْذَر فيه.
والأَوَاصِرُ: القرابات.
والعِذَارُ من اللجام: ما سال على خد الفرس، وفي التهذيب: وعِذَارُ اللجام ما وقع منه على خَدي الدابة، وقيل: عذَارُ اللجام السَّيْرانِ اللذان يجتمعان عند القَفا، والجمع عُذُرٌ.
وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وقيل: عَذَّره جعل له عِذَاراً؛ وقول أَبي ذؤيب: فإِني إِذا ما خُلّةٌ رَثَّ وصلُها، وجَدَّتْ لصَرْمٍ واستمرّ عِذارُها لم يفسره الأَصمعي، ويجوز أَن يكون من عِذَار اللجام، وأَن يكون من التَعَذُّر الذي هو الامتناع؛ وفرس قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان.
وفي الحديث: الفَقْرُ أَزْيَنُ للمؤمن من عِذَارٍ حسَنٍ على خَدِّ فرس؛ العِذَارانِ من الفرس: كالعارِضَين من وجه الإِنسان، ثم سمي السير الذي يكون عليه من اللجام عِذاراً باسم موضعه.
وعَذَرْت الفرس بالعِذَار أَعْذِره وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه.
والعِذَاران: جانبا اللحية لأَن ذلك موضع العذار من الدابة؛ قال رؤبة: حتى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذا التَّلَهْوُقِ يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي ويَرْتَقي وعِذَارُ الرجل: شعرُه النابت في موضع العِذَار.
والعِذَارُ: استواء شعر الغلام. يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لحيته.
والعِذَارُ: الذي يضُمّ حبلَ الخطام إِلى رأْس البعير والناقة.
وأَعْذَرَ الناقة: جعل لها عِذَاراً.
والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سمي بذلك لأَنه موضع العِذَار من الدابة.
وعَذَّرَ الغلامُ: نبت شعرُ عِذَاره يعني خدّه.
وخَلَعَ العِذَارَ أَي الحياء؛ وهذا مثل للشابّ المُنْهَمِك في غَيِّه، يقال: أَلْقَى عنه جِلْبابَ الحياء كما خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قال الأَصمعي: خلَع فلان مُعَذَّرَه إِذا لم يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد بالمُعَذَّر الرَّسن ذا العِذَارين، ويقال للمنهمك في الغيّ: خلَع عِذَارَه؛ ومنه كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: اسْتَعْمَلْتُك على العراقين فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يقال للرجل إِذا عزم على الأَمر: هو شديد العِذَار، كما يقال في خلافه: فلان خَليع العذار كالفرس الذي لا لجام عليه، فهو يَعِيرُ على وجهه لأَن اللجام يمسكه؛ ومنه قولهم: خَلَعَ عِذارَه أَي خرج عن الطاعة وانهمك في الغي.
والعِذَارُ: سِمةٌ في موضع العِذَار؛ وقال أَبو علي في التذكرة: العِذَارُ سِمةٌ على القفا إِلى الصُّدْغَين.
والأَول أَعرف.
وقال الأَحمر: من السمات العُذْرُ.
وقد عُذِرَ البعير، فهو مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سمة كالعِذار؛ وقول أَبي وجزة السعدي واسمه يزيد بن أَبي عُبَيد يصف أَياماً له مضت وطِيبَها من خير واجتماع على عيش صالح: إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا، وإِذا نَحْنُ في حالٍ من العَيْشِ صالحِ وذو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه، يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ قال الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الكثيرة.
والمُيَسِّر: الذي قد جاء لبنُه.
وذو حَلَقٍ: يعني إِبلاً مِيسَمُها الحَلَقُ: يقال: إِبلٌ محَلَّقة إِذا كان سِمَتُها الحَلَق.
والأَخْطَارُ: جمع خِطْر، وهي الإِبل الكثيرة.
والعَواذِيرُ: جمع عاذُور، وهو أَن يكون بنو الأَب مِيسَمُهم واحداً، فإِذا اقتسموا مالهم قال بعضهم لبعض: أَعْذِرْ عني، فيخُطّ في المِيسَم خطّاً أَو غيره لتعرف بذلك سمة بعضهم من بعض.
ويقال: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي سِمْه بغير سِمَه بعيري لتتعارف إِبلُنا.
والعاذُورُ: سِمَةٌ كالخط، والجمع العَواذِيرُ.
والعُذْرةُ: العلامة.
والعُذْر: العلامة. يقال: أَعْذِر على نصيبك أَي أَعْلِمْ عليه.
والعُذْرةُ: الناصية، وقيل: هي الخُصْلة من الشعر وعُرْفُ الفرس وناصيته، والجمعُ عُذَر؛ وأَنشد لأَبي النجم: مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ وقال طرفة: وهِضَبّات إِذا ابتلّ العُذَرْ وقيل: عُذْر الفرس ما على المِنْسَج من الشعر، وقيل: العُذْرة الشعر الذي على كاهل الفرس.
والعُذَرُ: شعرات من القفا إِلى وسط العنق.
والعِذار من الأَرض: غِلَظٌ يعترض في فضاء واسع، وكذلك هو من الرمل، والجمع عُذْرٌ؛ وأَنشد ثعلب لذي الرمة: ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، عِذارَينِ من جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها أَي حَبْلين مستطيلين من الرمل، ويقال: طريقين؛ هذا يصف ناقة يقول: كم جاوزت هذه الناقة من رملة عاقر لا تنبت شيئاً، ولذلك جعلها عاقراً كالمرأَة العاقر.
والأَلاءُ: شجر ينبت في الرمل وإِنما ينبت في جانبي الرملة، وهما العِذَارانِ اللذان ذكرهما.
وجَرْداء: مُنْجَرِدة من النبت الذي ترعاه الإِبل.
والوَعْثُ: السهل.
وخُصورُها: جوانبها.
والعُذْرُ: جمع عِذار، وهو المستطيل من الأَرض.
وعِذارُ العراق: ما انْفَسَح عن الطَّفِّ.
وعِذارا النصل: شَفْرَتاه.
وعِذارا الحائطِ والوادي: جانباه.
ويقال: اتخذ فلان في كَرْمِهِ عِذاراً من الشجر أَي سِكّة مصطفة.
والعُذْرة: البَظْر؛ قال: تَبْتَلُّ عُذْرتُها في كلّ هاجِرِةٍ، كما تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الجلدة يقطعها الخاتن.
وعَذَرَ الغلامَ والجارية يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما: خَنَنَهما؛ قال الشاعر:في فتْيَةٍ جعلوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ، حَاشايَ، إِنِّي مسلم مَعْذُورُ والأَكثر خَفَضْتُ الجارية؛ وقال الراجز: تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كله: طعام الختان.
وفي الحديث: الوليمة في الإِعْذار حقٌّ؛ الإِعْذار: الختان. يقال: عَذَرته وأَعْذَرته فهو معذور ومُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يُطْعم في الختان إِعْذار.
وفي الحديث: كنا إِعْذارَ عامٍ واحد؛ أَي خُتِنّا في عام واحد، وكانوا يُخْتَنُونِ لِسِنٍّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمسَ عشرة.
وفي الحديث: وُلِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَعْذوراً مَسْروراً؛ أَي مختوناً مقطوع السرة.
وأَعْذَرُوا للقوم: عَمِلوا ذلك الطعام لَهم وأَعَدّوه.
والإِعْذارُ والعِذارُ والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة.
وعَذَّرَ الرجلُ: دعا إِليه. يقال: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان ونحوه. أَبو زيد: ما صُنِع عند الختان الإِعْذار، وقد أَعْذَرْت؛ وأَنشد: كلّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ: الخُرْس والإِعْذار والنَّقِيعَهْ والعِذَار: طعام البِنَاء وأَن يستفيد الرجلُ شيئاً جديداً يتّخذ طعاماً يدعو إِليه إِخوانه.
وقال اللحياني: العُذْرة قُلْفةُ الصبي ولم يَقُل إِن لك اسم لها قبل القطع أَو بعده.
والعُذْرة: البَكارةُ؛ قال ابن الأَثير: العُذْرة ما لِلْبِكْر من الالتحام قبل الافتضاض.
وجارية عَذْراء: بِكْرٌ لم يمسَّها رجل؛ قال ابن الأَعرابي وحده: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، من قولك تَعَذَّرَ عليه الأَمرُ، وجمعها عَذارٍ وعَذارى وعَذْراوات وعَذارِي كما تقدم في صَحارى.
وفي الحديث في صفة الجنة: إِن الرجل لَيُفْضِي في الغَداةِ الواحدة إِلى مائة عَذْراء؛ وفي حديث الاستسقاء: أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها أَي يَدْمَى صدرُها من شدة الجَدْب؛ ومنه حديث النخعي في الرجل يقول إِنه لم يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قال: لا شيء عليه لأَن العُذْرةَ قد تُذْهِبُها الحيضةُ والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس.
وفي حديث جابر: ما لَكَ ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ أَي مُلاعَبتِهنّ؛ ومنه حديث عمر: مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها.
والاعْتذارُ: الاقْتِضاضُ.
ويقال: فلان أَبو عُذْر فلانة إِذا كان افْتَرَعَها واقتضّها، وأَبو عُذْرَتها.
وقولهم: ما أَنت بذي عُذْرِ هذا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ من اقْتضّه. قال اللحياني: للجارية عُذْرتانِ إِحداهما التي تكون بها بكراً والأُخرى فِعْلُها؛ وقال الأَزهري عن اللحياني: لها عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها، وهو موضع الخفض من الجارية، والعُذْرةُ الثانية قضّتُها، سميت عُذْرةً بالعَذْر، وهو القطع، لأَنها إِذا خُفِضت قطعت نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت انقطع خاتمُ عُذْرتِها.
والعاذُورُ: ما يُقْطع من مَخْفِض الجارية. ابن الأَعرابي: وقولهم اعْتَذَرْت إِليه هو قَطْعُ ما في قلبه.
ويقال: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انقطعت.
والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عن حاجته وقطعُه عما أَمْسَك في قلبه.
واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ ومررت بمنزل مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وقال لبيد: شهور الصيف، واعْتَذَرَتْ نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال وتَعَذَرَّ الرسم واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قال أَوس: فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت، فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف وقال ابن ميّادةَ واسمه الرَّمَّاحُ بن أَبرد (* قوله: «ابن أَبرد» هكذا في الأَصل) : ما هاجَ قَلْبك من مَعَارِفِ دِمْنَةٍ، بالبَرْقِ بين أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ لَعِبَتْ بها هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ البَرْق: جمع برقة، وهي حجارة ورملٌ وطين مختلطة.
والأَصالِفُ والفَدافِدُ: الأَماكن الغليظة الصلبة؛ يقول: درست هذه الآثار غير الأَوْرَقِ الهامِد، وهو الرماد؛ وهذه القصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان ابن عبد الملك ويقول فيها: مَنْ كان أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبد الواحدِ سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه، بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ (* قوله: «سبقت أَوائله أواخره» هو هكذا في الأصل والشطر ناقص). نُصِرَ أَي أُمْطِر.
وأَرض منصورة: ممطورة.
والمُشَرَّعُ: شريعة الماء.
ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وكذلك أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ وقال ابن أَحمر الباهلي في الاعتذار بمعنى الدُّرُوس: بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ، لله دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟ هل أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟ أَمْ هل لِقَلْبِك عن أُلاَّفِه وطَرُ؟ أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيات، فقد جَعَلَتْ أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟ ضِعْفُ الشيء: مثلهُ؛ يقول: عِشْت عمرَ رجلين وأَفناه العمر.
وقوله: أَم هل لقلبك أَي هل لقلبك حاجة غير أُلاَّفِه أَي هل له وَطَرٌ غيرهم.
وقوله: أَم كنت تعرف آيات؛ الآيات: العلامات، وأَطْلالُ إِلْفك قد دَرَسَت، وأُخِذ الاعْتِذارُ من الذنب من هذا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي على ذنبه.
والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، من قولهم: اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت.
والمَعاذِرُ: جمع مَعْذِرة.
ومن أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قال الله عز وجل: بل الإِنسانُ على نفسه بَصِيرةٌ ولو أَلْقى مَعاذِيرَه؛ قيل: المعاذير الحُجَجُ، أَي لو جادَلَ عنها ولو أَدْلى بكل حجة يعتذر بها؛ وجاء في التفسير: المَعاذير السُّتور بلغة اليمن، واحدها مِعْذارٌ، أَي ولو أَلقى مَعاذِيرَه.
ويقال: تَعَذَّرُوا عليه أَي فَرُّوا عنه وخذلوه.
وقال أَبو مالك عمرو ابن كِرْكِرَة: يقال ضربوه فأَعْذَروه أَي ضربوه فأَثْقَلُوه.
وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي أُشْرف به على الهلاك.
ويقال: أَعْذَرَ فلان في ظَهْرِ فلان بالسيَاط إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فيه، وشَتَمه فبالغَ فيه حتى أَثَّر به في سبِّه؛ وقال الأَخطل: وقد أَعْذَرْن في وَضَحِ العِجَانِ والعَذْراء: جامِعةٌ توضع في حَلْق الإِنسان لم توضع في عنق أَحد قبله، وقيل: هو شيء من حديد يعذَّب به الإِنسانُ لاستخراج مال أَو لإِقرارٍ بأَمر. قال الأَزهري: والعَذَارى هي الجوامع كالأَغْلال تُجْمَع بها الأَيدي إِلى الأَعناق.
والعَذْراء: الرملة التي لم تُوطَأْ.
ورَمْلة عَذْراء: لم يَرْكَبْها أَحدٌ لارتفاعها.
ودُرَّة عَذْراءُ. لم تُثْقب.
وأَصابعُ العَذارَى: صِنْف من العِنَب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع العَذارى المُخَضَّبَةِ.
والعَذْراء: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ.
والعَذْراءُ: برْجٌ من بروج السماء.
وقال النَّجَّامون: هي السُّنْبُلة، وقيل: هي الجَوْزاء.
وعَذْراء: قرية بالشام معروفة؛ وقيل: هي أَرض بناحية دمشق؛ قال ابن سيده: أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ بمكروه ولا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال الأَخطل: ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ بنَا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بني الشَّجْب والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشتد غَمُّ الحرّ، وهي تطلع بعد الشِّعْرى، ولها وَقْدة ولا رِيحَ لها وتأْخذ بالنفَس، ثم يطلُع سُهَيلٌ بعدها، وقيل: العُذْرة كواكبُ في آخر المَجَرَّة خمسة.
والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ في الحلق؛ ورجل مَعْذورٌ: أَصابَه ذلك؛ قال جرير: غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يا فَرَزْدَقُ كَيْنَها، غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ الكَيْنُ: لحم الفرج.
والعُذْرة: وجع الحلق من الدم، وذلك الموضع أَيضاً يسمى عُذْرة، وهو قريب من اللَّهاةِ.
وعُذِرَ، فهو مَعْذورٌ: هاجَ به وجعُ الحلقِ.
وفي الحديث: أَنه رأَى صبيّاً أُعْلِقَ عليه من العُذْرةِ؛ هو وجع في الحلق يهيجُ من الدم، وقيل: هي قُرْحة تخرج في الحَزْم الذي بين الحلق والأَنف يَعْرِض للصبيان عند طلوع العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فتلاً شديداً، وتُدْخِلُها في أَنْفِه فتطعَن ذلك الموضعَ، فينفجرُ منه دمٌ أَسْودُ ربما أَقْرحَه، وذلك الطعنُ يسمى الدَّغْر. يقال: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه من العُذْرة، إِن فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يُعَلِّقون عليه عِلاقاً كالعُوذة.
وقوله: عند طلوع العُذْرة؛ خي خمسةُ كواكبَ تحت الشِّعْرى العَبُور، وتسمى العَذارى، وتطلع في وسط الحرّ، وقوله: من العُذْرة أَي من أَجْلِها.
والعاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قال ابن أَحمر: أُزاحِمُهم بالباب إِذ يَدْفَعُونَني، وبالظهرِ، مني من قَرَا الباب عاذِرُ تقول منه: أَعْذَرَ به أَي ترك به عاذِراً، والعَذِيرُ مثله. ابن الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وهو الإِبداء:. يقال: قد ظهر عاذِره، وهو دَبُوقاؤه.
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ.
والعاذِرُ والعَذِرةُ: الغائط الذي هو السَّلح.
وفي حديث ابن عمر: أَنه كره السُّلْت الذي يُزْرَعُ بالعَذِرة؛ يريد الغائطَ الذي يلقيه الإِنسان.
والعَذِرةُ: فناء الدار.
وفي حديث عليٍّ: أَنه عاتَب قوماً فقال: ما لكم لا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟ أَي أَفْنِيَتكم.
وفي الحديث: إِن الله نظيف يُحِبّ النَّظافةَ فنظفوا عَذِراتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود.
وفي حديث رُقَيقة: وهذه عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك، وقيل: العَذِرةُ أَصلها فِناءُ الدار، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله. قال أَبو عبيد: وإِنما سميت عَذِراتُ الناس بهذا لأَنها كانت تُلْقَى بالأَفْنِية، فكُنِيَ عنها باسم الفناء كما كُنِيَ بالغائط وهي الأَرض المطمئنة عنها؛ وقال الحطيئة يهجو قومه ويذكر الأَفنية: لعَمْرِي لقد جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ أَراد: سيئين فحذف النون للإِضافة؛ ومدح في هذه القصيدة إِبِلَهُ فقال: مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها، إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ فقال له عمر: بئس الرجل أَنت إبِلَكَ وتهجو قومَك وفي الحديث: اليهودُ أَنْتَنُ خَلْقِ الله عَذِرةً؛ يجوز أَن يَعْنِيَ به الفِناءَ وأَن يَعْنِيَ به ذا بطونِهم، والجمع عَذِرات؛ قال ابن سيده: وإِنما ذكّرتها لأَن العذرة لا تكسر؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة من ذلك على المثَل، كقولهم بَرِيءُ الساحةِ.
وأَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فيها العَذِرةُ.
وتعَذَّرَ من العَذِرَة أَي تلَطَّخ.
وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة.
والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الذي يجلس فيه القوم.
وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ ما يخرج منه فيُرْمَى به؛ هذه عن اللحياني.
وقال اللحياني: هي العَذِرة والعَذِبة.
والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد لمسكين الدارمي: ومُخاصِم خاصَمْتُ في كَبَدٍ، مثل الدِّهان، فكان لي العُذْرُ أَي قاوَمْتُه في مزلّةٍ فثبتت قدمي ولم تَثْبُتْ قدمُه فكان النُّجْحُ لي.
ويقال في الحرب: لمن العُذْرُ؟ أَي النجح والغلبة. الأَصمعي: لقيت منه غادُوراً أَي شّراً، وهو لغة في العاثُور أَو لثغة.
وترك المطرُ به عاذِراً أَي أَثراً.
والعواذِيرُ: جمع العاذِرِ، وهو الأَثر.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: لم يَبْقَ لهم عاذِرٌ أَي أَثر.
والعاذِرُ: العِرْقُ الذي يخرُج منه دمُ المستحاضة، واللام أَعرف (* يريد ان العاذل، باللام، الأَصمعي عرف من العاذر، بالراء).
والعاذِرةُ: المرأَة المستحاضة، فاعلة بمعنى مفعولة، من إِقامة العُذْر؛ ولو قال إِن العاذِرَ هو العرف نفسه لأَنه يقوم بِعُذْرِ المرأَة لكان وجهاً، والمحفوظ العاذل، باللام.
وقوله عز وجل: فالمُلْقِيات ذكْراً عُذْراً أَو نُذْراً؛ فسره ثعلب فقال: العُذْرُ والنُّذْر واحد، قال اللحياني: وبعضهم يُثَقِّل، قال أَبو جعفر: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كما تقول رُسُل في رُسْل؛ وقال الأَزهري في قوله عز وجل: عذراً أَو نذراً، فيه قولان: أَحدهما أَن يكون معناه فالمُلْقِيات ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، والقول الثاني أَنهما نُصِبَا على البدل من قوله ذِكْراً، وفيه وجه ثالث وهو أَن تنصِبَهما بقوله ذكراً؛ المعنى فالملقيات إِن ذَكَرَتْ عذراً أَو نذراً، وهما اسمان يقومان مقام الإِعْذار والإِنْذار، ويجوز تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
ويقال للرجل إِذا عاتَبَك على أَمر قبل التقدُّم إِليك فيه: والله وما استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لم تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ والإِنذارَ.
والاستعذارُ: أَن تقول له أَعْذِرْني منك.
وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجوف فحّاشٌ.
والعَذَوَّرُ أَيضاً: الشسيء الخلُق الشديد النفْس؛ قال الشاعر: حُلْو حَلال الماء غير عَذَوّر أَي ماؤه وحوضُه مباح.
ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: واسع عريض، وقيل شديد؛ قال كثير بن سعد: أَرَى خَاليِ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني كَرِيماً، إِذا ما ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذلك في الإِبل.
وعُذْرة: قبيلة من اليمن؛ وقول زينب بنت الطثرية ترثي أَخاها يزيد: يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظالماً، وكلُّ الذي حَمَّلْتَه فهو حامِلُهْ إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كان عَذَوَّراً على الحَيِّ، حتى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه قوله: وينجيك ظالماً أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ ومَنَعَ منك.
والعَذوَّر: السيء الخلق، وإِنما جعلَتْه عَذوَّراً لشدة تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على الأَثافيّ.
والمَراجلُ: القدور، واحدها مِرْجَل.

أبل (لسان العرب)
الإِبِلُ والإِبْلُ، الأَخيرة عن كراع، معروف لا واحد له من لفظه، قال الجوهري: وهي مؤَنثة لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إِذا كانت لغير الآدميين فالتأْنيث لها لازم، وإِذا صغرتها دخلتها التاء فقلت أُبَيلة وغُنَيْمة ونحو ذلك، قال: وربما قالوا للإِبِل إِبْل، يسكِّنون الباء للتخفيف.
وحكى سيبويه إِبِلان قال: لأَن إِبِلاً اسم لم يُكَسَّر عليه وإِنما يريدون قطيعين؛ قال أَبو الحسن: إنما ذهب سيبويه إِلى الإِيناس بتثنية الأَسْماء الدالة على الجمع فهو يوجهها إِلى لفظ الآحاد، ولذلك قال إِنما يريدون قطيعين، وقوله لم يُكَسَّر عليه لم يضمر في يُكَسَّر، والعرب تقول: إِنه ليروح على فلان إِبِلان إِذا راحت إِبل مع راعٍ وإِبل مع راعٍ آخر، وأَقل ما يقع عليه اسم الإِبل الصِّرْمَةُ، وهي التي جاوزت الذَّوْدَ إِلى الثلاثين، ثم الهَجْمةُ أَوَّلها الأربعون إِلى ما زادت، ثم هُنَيْدَةٌ مائة من الإِبل؛ التهذيب: ويجمع الإِبل آبالٌ.
وتأَبَّل إِبِلاً: اتخذها. قال أَبو زيد: سمعتُ رَدَّاداً رجلاً من بني كلاب يقول تأَبَّل فلان إِبلاً وتَغَنَّم غنماً إذا اتخذ إِبلاً وغنماً واقتناها.
وأَبَّل الرجلُ، بتشديد الباء، وأَبَل: كثرت إِبلُه (* قوله «كثرت إبله» زاد في القاموس بهذا المعنى آبل الرجل إيبالاً بوزن أفعل إفعالاً) ؛ وقال طُفيل في تشديد الباء: فأَبَّلَ واسْتَرْخى به الخَطْبُ بعدَما أَسافَ، ولولا سَعيُنا لم يُؤَبِّل قال ابن بري: قال الفراء وابن فارس في المجمل: إِن أَبَّل في البيت بمعنى كثرت إِبلُه، قال: وهذا هو الصحيح، وأَساف هنا: قَلَّ ماله، وقوله استرخى به الخطب أَي حَسُنَت حاله.
وأُبِّلت الإِبل أَي اقتُنِيت، فهي مأْبولة، والنسبة إلى الإِبل إِبَليٌّ، يفتحون الباء استيحاشاً لتوالي الكسرات.
ورجل آبِلٌ وأَبِل وإِبَليٌّ وإِبِليٌّ: ذو إِبل، وأَبَّال: يرعى الإِبل.
وأَبِلَ يأْبَل أَبالة مثل شَكِس شَكاسة وأَبِلَ أَبَلاً، فهو آبل وأَبِل: حَذَق مصلحة الإِبل والشاء، وزاد ابن بري ذلك إِيضاحاً فقال: حكى القالي عن ابن السكيت أَنه قال رجل آبل بمد الهمزة على مثال فاعل إِذا كان حاذقاً برِعْية الإِبل ومصلحتها، قال: وحكى في فعله أَبِل أَبَلاً، بكسر الباء في الفعل الماضي وفتحها في المستقبل؛ قال: وحكى أَبو نصر أَبَل يأْبُل أَبالةً، قال: وأَما سيبويه فذكر الإِبالة في فِعالة مما كان فيه معنى الوِلاية مثل الإِمارة والنِّكاية، قال: ومثلُ ذلك الإِيالةُ والعِياسةُ، فعلى قول سيبويه تكون الإِبالة مكسورة لأَنها ولاية مثل الإِمارة، وأَما من فتحها فتكون مصدراً على الأَصل، قال: ومن قال أَبَلَ بفتح الباء فاسم الفاعل منه آبل بالمد، ومن قاله أَبِلَ بالكسر قال في الفاعل أَبِلٌ بالقصر؛ قال: وشاهد آبل بالمد على فاعل قول ابن الرِّفاع: فَنَأَتْ، وانْتَوى بها عن هَواها شَظِفُ العَيْشِ، آبِلٌ سَيّارُ وشاهد أَبِلٍ بالقصر على فَعِلٍ قولُ الراعي: صُهْبٌ مَهاريسُ أَشباهٌ مُذَكَّرةٌ، فات العَزِيبَ بها تُرْعِيَّةٌ أَبِلُ وأَنشد للكميت أَيضاً: تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى ومن أَيْنَ شُرْبُه، يُؤامِرُ نَفْسَيْه كذي الهَجْمةِ الأَبِل وحكى سيبوبه: هذا من آبَلِ الناس أَي أَشدِّهم تأَنُّقاً في رِعْيةِ الإِبل وأَعلَمِهم بها، قال: ولا فعل له.
وإِن فلاناً لا يأْتَبِلُ أَي لا يَثْبُت على رِعْيةِ الإِبل ولا يُحْسِنُ مهْنَتَها، وقيل: لا يثبت عليها راكباً، وفي التهذيب: لا يثبت على الإِبل ولا يقيم عليها.
وروى الأَصمعي عن معتمر بن سليمان قال: رأَيت رجلاً من أَهل عُمَانَ ومعه أَب كبير يمشي فقلت له: احمله فقال: لا يأْتَبِلُ أَي لا يثبت على الإِبل إِذا ركبها؛ قال أَبو منصور: وهذا خلاف ما رواه أَبو عبيد أَن معنى لا يأْتبل لا يقيم عليها فيما يُصْلِحُها.
ورجل أَبِلٌ بالإِبل بيِّنُ الأَبَلةِ إِذا كان حاذقاً بالقيام عليها، قال الراجز: إِن لها لَرَاعِياً جَريّا، أَبْلاً بما يَنْفَعُها، قَوِيّا لم يَرْعَ مأْزُولاً ولا مَرْعِيّا، حتى عَلا سَنامَها عُلِيّا قال ابن هاجك: أَنشدني أَبو عبيدة للراعي: يَسُنُّها آبِلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها جَزْءاً شَدِيداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا الفراء: إِنه لأَبِلُ مالٍ على فَعِلٍ وتُرْعِيَّةُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ إِذا كان قائماً عليها.
ويقال: رَجُلٌ أَبِلُ مال بقصر الأَلْف وآبل مالٍ بوزن عابل من آله يؤُوله إِذا ساسه (* قوله من آله يؤوله إذا ساسه: هكذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً) ، قال: ولا أَعرف آبل بوزن عابل.
وتأْبيل الإِبل: صَنْعَتُها وتسمينُها، حكاه أَبو حنيفة عن أَبي زياد الكلابي.
وفي الحديث: الناس كإِبلٍ مائةٍ لا تجد فيها راحلةً، يعني أَن المَرْضِيّ المُنْتَخَبَ من الناس في عِزَّة وُجوده كالنِّجيب من الإِبل القويّ على الأَحمال والأَسفار الذي لا يوجد في كثير من الإِبل؛ قال الأَزهري: الذي عندي فيه أَن افيفي تعالى ذمَّ الدنيا وحذَّر العبادَ سوء مَغَبَّتها وضرب لهم فيها الأَمثال ليعتبروا ويحذروا، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يُحَذِّرهم ما حذرهم افيفي ويزهدهم فيها، فَرَغِبَ أَصْحابُه بعده فيها وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم فقال: تجدون الناس بعدي كإِبل مائة ليس فيها راحلة أَي أَن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإِبل، والراحلة هي البعير القوي على الأَسفار والأَحمال، النجيب التام الخَلْق الحسن المَنْظَر، قال: ويقع على الذكر والأُنثى والهاء فيه للمبالغة.
وأَبَلَت الإِبلُ والوحشُ تأْبِلُ وتأْبُلُ أَبْلاً وأُبولاً وأَبِلَتْ وتأَبّلتْ: جَزَأَتْ عن الماء بالرُّطْب؛ ومنه قول لبيد: وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ، أَو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ (* قوله «وإذا حركت، البيت» أورده الجوهري بلفظ: وإذا حركت رجلي أرقلت بي تعدو عدو جون فد أبل) الواحد آبلٌ والجمع أُبَّالٌ مثل كافر وكفَّار؛ وقول الشاعر أَنشده أَبو عمرو: أَوابِلُ كالأَوْزانِ حُوشٌ نُفُوسُها، يُهَدِّر فيها فَحْلُها ويَرِيسُ يصف نُوقاً شبهها بالقُصور سِمَناً؛ أَوابِلُ: جَزَأَتْ بالرُّطْب، وحُوشٌ: مُحَرَّماتُ الظهور لعِزَّة أَنفسها.
وتأَبَّل الوحشيُّ إِذا اجتزأَ بالرُّطْب عن الماء.
وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته وتأَبَّل: اجتَزأَ عنها، وفي الصحاح وأَبَلَ الرجلُ عن امرأَته إِذا امتنع من غِشْيانِها وتأَبَّل.
وفي الحديث عن وهب: أَبَلَ آدمُ، عليه السلام، على ابنه المقتول كذا وكذا عاماً لا يُصِيب حَوَّاء أَي امتنع من غشيانها، ويروى: لما قتل ابن آدم أخاه تأَبَّل آدمُ على حَوَّاء أَي ترك غِشْيانَ حواء حزناً على ولده وتَوَحَّشَ عنها.
وأَبَلَتِ الإِبل بالمكان أُبولاً: أَقامت؛ قال أَبو ذؤيب: بها أَبَلَتْ شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما، فَقَدْ مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها (* قوله «كلاهما» كذا بأصله، والذي في الصحاح بلفظ: كليهما.) استعاره هنا للظبية، وقيل: أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.
وإِبل أَوابِلُ وأُبَّلٌ وأُبَّالٌ ومؤَبَّلة: كثيرة، وقيل: هي التي جُعِلَتْ قَطِيعاً قَطِيعاً، وقيل: هي المتخذة للقِنْية، وفي حديث ضَوالِّ الإِبل: أَنها كانت في زمن عُمَرَ أُبَّلاً مُؤَبَّلة لا يَمَسُّها أَحد، قال: إِذا كانت الإِبل مهملة قيل إِبِلٌ أُبَّلٌ، فإِذا كانت للقِنْية قيل إِبل مُؤَبَّلة؛ أَراد أَنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يُتَعَرَّض إِليها؛ وأَما قول الحطيئة: عَفَتْ بَعْدَ المُؤَبَّلِ فالشِّوِيِّ فإِنه ذَكَّر حملاً على القطيع أَو الجمع أَو النعم لأَن النعم يذكر ويؤنث؛ أَنشد سيبوبه: أَكُلَّ عامٍ نَعَماً تَحْوُونَه وقد يكون أَنه أَراد الواحد، ولكن الجمع أَولى لقوله فالشَّوِيّ، والشَّوِيُّ اسم للجمع.
وإِبل أَوابِلُ: قد جَزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء.
والإِبِلُ الأُبَّلُ: المهملة؛ قال ذو الرُّمّة: وراحت في عَوازِبَ أُبَّلِ الجوهري: وإِبِلٌ أُبَّلٌ مثالُ قُبَّرٍ أَي مهملة، فإِن كانت لِلقِنْية فهي إِبل مُؤَبَّلة. الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء من قرأَها: أَفلا ينظرون إِلى الإِبْلِ كيف خُلِقت، بالتخفيف يعني به البعير لأَنه من ذوات الأَربع يَبْرُك فيُحمل عليه الحمولة وغيره من ذوات الأَربع لا يُحْمَل عليه إِلا وهو قائم، ومن قرأَها بالتثقيل قال الإِبِلُ: السحابُ التي تحمل الماء للمطر.
وأَرض مَأْبَلة أَي ذات إِبل.
وأَبَلَت الإِبلُ: هَمَلَت فهي آبلة تَتبعُ الأُبُلَ وهي الخِلْفَةُ تَنْبُت في الكَلإِ اليابس بعد عام.
وأَبِلَت أَبلاً وأُبولاً: كَثُرَت.
وأَبَلَت تأْبِلُ: تأَبَّدَت.
وأَبَل يأْبِلُ أَبْلاً: غَلَب وامتنع؛ عن كراع، والمعروف أَبَّل. ابن الأَعرابي: الإِبَّوْلُ طائر ينفرد من الرَّفّ وهو السطر من الطير. ابن سيده: والإِبِّيلُ والإِبَّوْل والإِبَّالة القطعة من الطير والخيل والإِبل؛ قال: أَبابيل هَطْلَى من مُراحٍ ومُهْمَل وقيل: الأَبابيلُ جماعةٌ في تَفْرِقة، واحدها إِبِّيلٌ وإِبَّوْل، وذهب أَبو عبيدة إِلى أَن الأَبابيل جمع لا واحد له بمنزلة عَبابِيدَ وشَماطِيطَ وشَعالِيلَ. قال الجوهري: وقال بعضهم إِبِّيل، قال: ولم أَجد العرب تعرف له واحداً.
وفي التنزيل العزيز: وأَرسل عليهم طيراً أَبابيل، وقيل إِبَّالة وأَبَابيل وإِبالة كأَنها جماعة، وقيل: إِبَّوْل وأَبابيل مثل عِجَّوْل وعَجاجيل، قال: ولم يقل أَحد منهم إِبِّيل على فِعِّيل لواحد أَبابيل، وزَعم الرُّؤَاسي أَن واحدها إِبَّالة. التهذيب أَيضاً: ولو قيل واحد الأَبابيل إيبالة كان صواباً كما قالوا دينار ودنانير، وقال الزجاج في قوله طير أَبابيل: جماعات من ههنا وجماعات من ههنا، وقيل: طير أَبابيل يتبع بعضها بعضاً إِبِّيلاً إِبِّيلاً أَي قَطيعاً خَلْفَ قطيع؛ قال الأَخفش: يقال جاءت إِبلك أَبابيل أَي فِرَقاً، وطير أَبابيل، قال: وهذا يجيء في معنى التكثير وهو من الجمع الذي لا واحد له؛ وفي نوادر الأَعراب: جاء فلان في أُبُلَّتِه وإِبالته أَي في قبيلته.
وأَبَّل الرجلَ: كأَبَّنه؛ عن ابن جني؛ اللحياني: أَبَّنْت الميت تأْبيناً وأَبَّلْته تأْبيلاً إذا أَثنيت عليه بعد وفاته.
والأَبِيلُ: العصا: والأَبِيل والأَبِيلةُ والإِبالة: الحُزْمةُ من الحَشيش والحطب. التهذيب: والإِيبالة الحزمة من الحطب.
ومَثَلٌ يضرب: ضِغْثٌ على إِيبالةٍ أَي زيادة على وِقْر. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول: ضِغْثٌ على إِبَّالة، غير ممدود ليس فيها ياء، وكذلك أَورده الجوهري أَيضاً أَي بلية على أُخرى كانت قبلها؛ قال الجوهري: ولا تقل إِيبالة لأَن الاسم إِذا كان على فِعَّالة، بالهاء، لا يبدل من أَحد حر في تضعيفه ياء مثل صِنَّارة ودِنَّامة، وإَنما يبدل إِذا كان بلا هاء مثل دينار وقيراط؛ وبعضهم يقول إِبَالة مخففاً، وينشد لأَسماء بن خارجة: ليَ، كُلَّ يومٍ من، ذُؤَالَة ضِغْثٌ يَزيدُ على إِبَاله فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً أَوْساً، أُوَيْسُ، من الهَبالَه والأَبِيلُ: رئيس النصارى، وقيل: هو الراهب، وقيل الراهب الرئيس، وقيل صاحب الناقوس، وهم الأَبيلون؛ قال ابن عبد الجن (* قوله «ابن عبد الجن» كذا بالأصل، وفي شرح القاموس: عمرو ابن عبد الحق) : أَما وَدِماءٍ مائِراتٍ تَخالُها، على قُنَّةِ العُزَّى أَو النَّسْر، عَنْدَما وما قَدَّسَ الرُّهْبانُ، في كلِّ هَيْكَلٍ، أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما لقد ذاق مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ حُساماً، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما قوله أَبيل الأَبيلين: أَضافه إِليهم على التسنيع لقدره، والتعظيم لخطره؛ ويروى: أَبِيلَ الأَبيليين عيسى بْنَ مريما على النسب، وكانوا يسمون عيسى، عليه السلام، أَبِيلَ الأَبيليين، وقيل: هو الشيخ، والجمع آبال؛ وهذه الأَبيات أَوردها الجوهري وقال فيها: على قنة العزى وبالنسر عَندما قال ابن بري: الأَلف واللام في النسر زائدتان لأَنه اسم علم. قال الله عز وجل: ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً؛ قال: ومثله قوله الشاعر: ولقد نَهَيْتُك عن بنات الأَوبر قال: وما، في قوله وما قدّس، مصدريةٌ أَي وتسبيح الرهبان أَبيلَ الأَبيليين.
والأَيْبُليُّ: الراهب، فإِما أَن يكون أَعجميّاً، وإِما أَن يكون قد غيرته ياء الإضافة، وإما أَن يكون من بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه: ليس في الكلام فَيْعِل؛ وأَنشد الفارسي بيت الأَعشى: وما أَيْبُليٌ على هَيْكَلٍ بَناهُ، وصَلَّب فيه وَصارا ومنه الحديث: كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يسمى أَبِيلَ الأَبِيلِين؛ الأَبيل بوزن الأَمير: الراهب، سمي به لتأَبله عن النساء وترك غشْيانهن، والفعل منه أَبَلَ يأْبُلُ أَبَالة إِذا تَنَسَّك وتَرَهَّب. أَبو الهيثم: الأَيْبُليُّ والأَيْبُلُ صاحبُ الناقوس الذي يُنَقّسُ النصارى بناقوسه يدعوهم به إلى الصلاة؛ وأَنشد: وما صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها وقيل: هو راهب النصارى؛ قال عدي بن زيد: إِنَّني والله، فاسْمَعْ حَلِفِي بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ وكانوا يعظمون الأَبيل فيحلفون به كما يحلفون بالله.
والأَبَلة، بالتحريك. الوَخامة والثِّقلُ من الطعام.
والأَبَلَةُ: العاهةُ.
وفي الحديث: لا تَبعِ الثمرة حتى تَأْمَنَ عليها الأَبلة؛ قال ابن الأَثير: الأُبْلةُ بوزن العُهْدة العاهة والآفة، رأَيت نسخة من نسخ النهاية وفيها حاشية قال: قول أَبي موسى الأُبلة بوزن العهدة وهم، وصوابه الأَبَلة، بفتح الهمزة والباء، كما جاء في أَحاديث أُخر.
وفي حديث يحيى بن يَعْمَر: كلُّ مال أَديت زكاته فقد ذهبت أَبَلَتُهُ أَي ذهبت مضرّته وشره، ويروى وبَلَته؛ قال: الأَبَلةُ، بفتح الهمزة والباء، الثِّقَل والطَّلِبة، وقيل هو من الوبال، فإِن كان من الأَول فقد قلبت همزته في الرواية الثانية واواً، وإِن كان من الثاني فقد قلبت واوه في الرواية الأُولى همزة كقولهم أَحَدٌ وأَصله وَحَدٌ، وفي رواية أُخرى: كل مال زكي فقد ذهبت عنه أَبَلَتُه أَي ثقله ووَخامته. أَبو مالك: إِن ذلك الأَمر ما عليك فيه أَبَلَةٌ ولا أَبْهٌ أَي لا عيب عليك فيه.
ويقال: إِن فعلت ذلك فقد خرجت من أَبَلته أَي من تَبِعته ومذمته. ابن بزرج: ما لي إِليك أَبِلة أَي حاجة، بوزن عَبِلة، بكسر الباء.
وقوله في حديث الاستسقاء: فأَلَّفَ الله بين السحاب فأُبِلْنا أَي مُطِرْنا وابِلاً، وهو المطر الكثير القطر، والهمزة فيه بدل من الواو مثل أََكد ووكد، وقد جاء في بعض الروايات: فأَلف الله بين السحاب فَوَبَلَتْنا، جاء به على الأَصل.
والإِبْلة: العداوة؛ عن كراع. ابن بري: والأَبَلَةُ الحِقْد؛ قال الطِّرِمَّاح: وجاءَتْ لَتَقْضِي الحِقْد من أَبَلاتها، فثَنَّتْ لها قَحْطانُ حِقْداً على حِقْد قال: وقال ابن فارس أَبَلاتُها طَلِباتُها.
والأُبُلَّةُ، بالضم والتشديد: تمر يُرَضُّ بين حجرين ويحلب عله لبن، وقيل: هي الفِدْرة من التمر؛ قال: فَيأْكُلُ ما رُضَّ مِنْ زادنا، ويَأْبى الأُبُلَّةَ لم تُرْضَضِ له ظَبْيَةٌ وله عُكَّةٌ، إِذا أَنْفَضَ الناسُ لم يُنْفِضِ قال ابن بري: والأُبُلَّة الأَخضر من حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ فكبَاثٌ.
ويقال: الآبِلة على فاعلة.
والأُبُلَّة: مكان بالبصرة، وهي بضم الهمزة والباء وتشديد اللام، البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري، قيل: هو اسمٌ نَبَطِيّ. الجوهري: الأُبُلَّة مدينة إِلى جنب البصرة.
وأُبْلى: موضع ورد في الحديث، قال ابن الأَثير: وهو بوزن حبلى موضع بأَرض بني سُليم بين مكة والمدينة بعث إِليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قوماً؛ وأَنشد ابن بري قال: قال زُنَيم بن حَرَجة في دريد: فَسائِلْ بَني دُهْمانَ: أَيُّ سَحابةٍ عَلاهُم بأُبْلى ودْقُها فاسْتَهَلَّتِ؟ قال ابن سيده: وأَنشده أَبو بكر محمد بن السويّ السرّاج: سَرَى مِثلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ دونَه، وأَعلامُ أُبْلى كلُّها فالأَصالقُ ويروى: وأَعْلام أُبْل.
وقال أَبو حنيفة: رِحْلةُ أُبْلِيٍّ مشهورة، وأَنشد: دَعَا لُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قد وَرَدْنَه برِحلَة أُبْلِيٍّ، وإِن كان نائياً وفي الحديث ذكر آبِل، وهو بالمد وكسر الباء، موضع له ذكر في جيش أُسامة يقال له آبل الزَّيْتِ.
وأُبَيْلى: اسم امرأَة؛ قال رؤبة: قالت أُبَيْلى لي: ولم أَسُبَّه، ما السِّنُّ إِلا غَفْلَةُ المُدَلَّه

وسط (لسان العرب)
وسَطُ الشيء: ما بين طرَفَيْه؛ قال: إِذا رَحَلْتُ فاجْعلُوني وَسَطا، إِنِّي كَبِير، لا أُطِيق العُنّدا أَي اجعلوني وسطاً لكم تَرفُقُون بي وتحفظونني، فإِني أَخاف إِذا كنت وحدي مُتقدِّماً لكم أَو متأَخّراً عنكم أَن تَفْرُط دابتي أَو ناقتي فتصْرَعَني، فإِذا سكَّنت السين من وسْط صار ظرفاً؛ وقول الفرزدق: أَتَتْه بِمَجْلُومٍ كأَنَّ جَبِينَه صَلاءةُ وَرْسٍ، وَسْطُها قد تَفَلَّقا فإِنه احتاج إِليه فجعله اسماً؛ وقول الهذلي: ضَرُوب لهاماتِ الرِّجال بسَيْفِه، إِذا عَجَمَتْ، وسْطَ الشُّؤُونِ، شِفارُها يكون على هذا أَيضاً، وقد يجوز أَن يكون أَراد أِذا عجمَتْ وسْطَ الشُّؤونِ شفارُها الشؤُونَ أَو مُجْتَمَعَ الشؤُونِ، فاستعمله ظرفاً على وجهه وحذف المفعول لأَن حذف المفعول كثير؛ قال الفارسي: ويُقوّي ذلك قول المَرّار الأَسدي: فلا يَسْتَحْمدُون الناسَ أَمْراً، ولكِنْ ضَرْبَ مُجْتَمَعِ الشُّؤُونِ وحكي عن ثعلب: وَسَط الشيء، بالفتح، إِذا كان مُصْمَتاً، فإِذا كان أَجزاء مُخَلْخَلة فهو وسْط، بالإِسكان، لا غير.
وأَوْسَطُه: كوَسَطِه، وهو اسم كأَفْكَلٍ وأَزْمَلٍ؛ قال ابن سيده وقوله: شَهْم إِذا اجتمع الكُماةُ، وأُلْهِمَتْ أَفْواهُها بأَواسِطِ الأَوْتار فقد يكون جَمْعَ أَوْسَطٍ، وقد يجوز أَن يكون جَمَعَ واسِطاً على وواسِطَ، فاجتمعت واوان فهمَز الأُولى. الجوهري: ويقال جلست وسْط القوم، بالتسكين، لأَنه ظرف، وجلست وسَط الدار، بالتحريك، لأَنه اسم؛ وأَنشد ابن بري للراجز: الحمد للّه العَشِيَّ والسفَرْ، ووَسَطَ الليلِ وساعاتٍ أُخَرْ قال: وكلُّ موضع صلَح فيه بَيْن فهو وسْط، وإِن لم يصلح فيه بين فهو وسَط، بالتحريك، وقال: وربما سكن وليس بالوجه كقول أَعْصُرِ بن سَعْدِ بن قَيْسِ عَيْلانَ: وقالوا يالَ أَشْجَعَ يَوْمَ هَيْجٍ، ووَسْطَ الدّارِ ضَرْباً واحْتِمايا قال الشيخ أَبو محمد بن بري، رحمه اللّه، هنا شرح مفيد قال: اعلم أَنّ الوسَط، بالتحريك، اسم لما بين طرفي الشيء وهو منه كقولك قَبَضْت وسَط الحبْل وكسرت وسَط الرمح وجلست وسَط الدار، ومنه المثل: يَرْتَعِي وسَطاً ويَرْبِضُ حَجْرةً أَي يرْتَعِي أَوْسَطَ المَرْعَى وخِيارَه ما دام القومُ في خير، فإِذا أَصابهم شَرٌّ اعتَزلهم ورَبَضَ حَجرة أَي ناحية منعزلاً عنهم، وجاء الوسط محرّكاً أَوسَطُه على وزان يقْتَضِيه في المعنى وهو الطرَفُ لأَنَّ نَقِيض الشيء يتنزّل مَنْزِلة نظِيرة في كثير من الأَوزان نحو جَوْعانَ وشَبْعان وطويل وقصير، قال: ومما جاء على وزان نظيره قولهم الحَرْدُ لأَنه على وزان القَصْد، والحَرَدُ لأَنه على وزان نظيره وهو الغضَب. يقال: حَرَد يَحْرِد حَرْداً كما يقال قصَد يقْصِد قصداً، ويقال: حَرِدَ يَحْرَدُ حرَداً كما قالوا غَضِبَ يَغْضَبُ غضَباً؛ وقالوا: العَجْم لأَنه على وزان العَضّ، وقالوا: العَجَم لحبّ الزبيب وغيره لأَنه وزان النَّوَى، وقالوا: الخِصْب والجَدْب لأَن وزانهما العِلْم والجَهل لأَن العلم يُحيي الناس كما يُحييهم الخِصْب والجَهل يُهلكهم كما يهلكهم الجَدب، وقالوا: المَنْسِر لأَنه على وزان المَنْكِب، وقالوا: المِنْسَر لأَنه على وزان المِخْلَب، وقالوا: أَدْلَيْت الدَّلْو إِذا أَرسلتها في البئر، وَدَلَوْتُها إِذا جَذَبْتها، فجاء أَدْلى على مثال أَرسل ودَلا على مثال جَذَب، قال: فبهذا تعلم صحة قول من فرق بين الضَّرّ والضُّر ولم يجعلهما بمعنى فقال: الضَّر بإِزاء النفع الذي هو نقيضه، والضُّر بإِزاء السُّقْم الذي هو نظيره في المعنى، وقالوا: فاد يَفِيد جاء على وزان ماسَ يَمِيس إِذا تبختر، وقالوا: فادَ يَفُود على وزان نظيره وهو مات يموت، والنِّفاقُ في السُّوق جاء على وزان الكَساد، والنِّفاق في الرجل جاء على وزان الخِداع، قال: وهذا النحوُ في كلامهم كثير جدّاً؛ قال: واعلم أَنّ الوسَط قد يأْتي صفة، وإِن أَصله أَن يكون اسماً من جهة أَن أَوسط الشيء أَفضله وخياره كوسَط المرعى خيرٌ من طرفيه، وكوسَط الدابة للركوب خير من طرفيها لتمكن الراكب؛ ولهذا قال الراجز: إِذا ركِبْتُ فاجْعلاني وسَطا ومنه الحديث: خِيارُ الأُمور أَوْساطُها؛ ومنه قوله تعالى: ومن الناسِ مَن يَعبد اللّهَ على حرْف؛ أَي على شَكّ فهو على طرَف من دِينه غيرُ مُتوسّط فيه ولا مُتمكِّن، فلما كان وسَطُ الشيء أَفضلَه وأَعْدَلَه جاز أَن يقع صفة، وذلك في مثل قوله تعالى وتقدّس: وكذلك جعلْناكم أُمّة وسَطاً؛ أَي عَدْلاً، فهذا تفسير الوسَط وحقيقة معناه وأَنه اسم لما بينَ طَرَفَي الشيء وهو منه، قال: وأَما الوسْط، بسكون السين، فهو ظَرْف لا اسم جاء على وزان نظيره في المعنى وهو بَيْن، تقول: جلست وسْطَ القوم أَي بيْنَهم؛ ومنه قول أَبي الأَخْزَر الحِمَّانيّ: سَلُّومَ لوْ أَصْبَحْتِ وَسْط الأَعْجَمِ أَي بيم الأَعْجم؛ وقال آخر: أَكْذَبُ مِن فاخِتةٍ تقولُ وسْطَ الكَرَبِ، والطَّلْعُ لم يَبْدُ لها: هذا أَوانُ الرُّطَبِ وقال سَوَّارُ بن المُضَرَّب: إِنِّي كأَنِّي أَرَى مَنْ لا حَياء له ولا أَمانةَ، وسْطَ الناسِ، عُرْيانا وفي الحديث: أَتَى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسْط القوم أَي بينهم، ولما كانت بين ظرفاً كانت وسْط ظرفاً، ولهذا جاءت ساكنة الأَوسط لتكون على وزانها، ولما كانت بين لا تكون بعضاً لما يضاف إِليها بخلاف الوسَط الذي هو بعض ما يضاف إِليه كذلك وسْط لا تكون بعضَ ما تضاف إِليه، أَلا ترى أَن وسط الدار منها ووسْط القوم غيرهم؟ ومن ذلك قولهم: وسَطُ رأْسِه صُلْبٌ لأَن وسَطَ الرأْس بعضها، وتقول: وسْطَ رأْسِه دُهن فتنصب وسْطَ على الظرف وليس هو بعض الرأْس، فقد حصل لك الفَرْق بينهما من جهة المعنى ومن جهة اللفظ؛ أَما من جهة المعنى فإِنها تلزم الظرفية وليست باسم متمكن يصح رفعه ونصبه على أَن يكون فاعلاً ومفعولاً وغير ذلك بخلاف الوَسَطِ، وأَما من جهة اللفظ فإِنه لا يكون من الشيء الذي يضاف إِليه بخلاف الوَسَط أَيضاً؛ فإِن قلت: قد ينتصب الوَسَطُ على الظرف كما ينتصب الوَسْطُ كقولهم: جَلَسْتُ وسَطَ الدار، وهو يَرْتَعِي وسَطاً، ومنه ما جاء في الحديث: أَنه كان يقف في صلاة الجَنازة على المرأَة وَسَطَها، فالجواب: أَن نَصْب الوَسَطِ على الظرف إِنما جاء على جهة الاتساع والخروج عن الأَصل على حدّ ما جاء الطريق ونحوه، وذلك في مثل قوله: كما عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ وليس نصبه على الظرف على معنى بَيْن كما كان ذلك في وسْط، أَلا ترى أَن وسْطاً لازم للظرفية وليس كذلك وسَط؟ بل اللازم له الاسمية في الأَكثر والأَعم، وليس انتصابه على الظرف، وإِن كان قليلاً في الكلام، على حدِّ انتصاب الوسْط في كونه بمعنى بين، فافهم ذلك. قال: واعلم أَنه متى دخل على وسْط حرفُ الوِعاء خرج عن الظرفية ورجعوا فيه إِلى وسَط ويكون بمعنى وسْط كقولك: جلسْتُ في وسَط القوم وفي وسَطِ رأْسِه دُهن، والمعنى فيه مع تحرُّكه كمعناه مع سكونه إِذا قلت: جلسْتُ وسْطَ القوم، ووسْطَ رأْسِه دُهن، أَلا ترى أَن وسَط القوم بمعنى وسْط القوم؟ إِلاَّ أَن وَسْطاً يلزم الظرفية ولا يكون إِلاَّ اسماً، فاستعير له إِذا خرج عن الظرفية الوسَطُ على جهة النيابة عنه، وهو في غير هذا مخالف لمعناه، وقد يُستعمل الوسْطُ الذي هو ظرف اسماً ويُبَقَّى على سكونه كما استعملوا بين اسماً على حكمها ظرفاً في نحو قوله تعالى: لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُم؛ قال القَتَّالُ الكلابي:مِن وَسْطِ جَمْعِ بَني قُرَيْظٍ، بعدما هَتَفَتْ رَبِيعَةُ: يا بَني خَوّارِ وقال عَدِيُّ بن زيد: وَسْطُه كاليَراعِ أَو سُرُجِ المَجْـ ـدلِ، حِيناً يَخْبُو، وحِيناً يُنِيرُ وفي الحديث: الجالِسُ وسْطَ الحَلْقةِ مَلْعُون، قال: الوسْط، بالتسكين، يقال فيما كان مُتَفَرِّقَ الأَجزاء غيرَ مُتصل كالناس والدوابّ وغير ذلك، فإِذا كان مُتصلَ الأَجزاء كالدَّار والرأْس فهو بالفتح.
وكل ما يَصْلُح فيه بين، فهو بالسكون، وما لا يصلح فيه بين، فهو بالفتح؛ وقيل: كل منهما يَقَع مَوْقِعَ الآخر، قال: وكأَنه الأَشبه، قال: وإِنما لُعِنَ الجالِسُ وسْط الحلقة لأَنه لا بدَّ وأَن يَسْتَدبِر بعضَ المُحيطين به فيُؤْذِيَهم فيلعنونه ويذُمونه.
ووسَطَ الشيءَ: صار بأَوْسَطِه؛ قال غَيْلان بن حُرَيْثٍ: وقد وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا صُيَّابَها، والعَدَدَ المُجَلْجِلا قال الجوهري: أَراد وحنظلة، فلما وقف جعل الهاء أَلِفاً لأَنه ليس بينهما إِلا الهَهَّةُ وقد ذهبت عند الوقف فأَشبهت الأَلف كما قال امرؤُ القيس:وعَمْرُو بنُ دَرْماء الهُمامُ إِذا غَدا بِذي شُطَبٍ عَضْبٍ، كمِشْيَةِ قَسْوَرا أَراد قَسْوَرَة. قال: ولو جعله اسماً محذوفاً منه الهاء لأَجراه، قال ابن بري: إِنما أَراد حريثُ بن غَيلان (* قوله «حريث بن غيلان» كذا بالأصل هنا وتقدم قريباً غيلان ابن حريث.) وحنظل لأَنه رَخَّمه في غير النداء ثم أَطلق القافية، قال: وقول الجوهري جعل الهاء أَلِفاً وهمٌ منه.
ويقال: وسَطْتُ القومَ أَسِطُهم وَسْطاً وسِطةً أَي تَوَسَّطْتُهم.
ووَسَطَ الشيءَ وتَوَسَّطَه: صار في وسَطِه.
ووُسُوطُ الشمس: توَسُّطُها السماء.
وواسِطُ الرَّحْل وواسِطَتُه؛ الأَخيرة عن اللحياني: ما بين القادِمةِ والآخِرة.
وواسِطُ الكُورِ: مُقَدَّمُه؛ قال طرفة: وإِنْ شِئت سامى واسِطَ الكُورِ رأْسُها، وعامَتْ بِضَبْعَيْها نَجاء الخَفَيْدَدِ وواسِطةُ القِلادة: الدُّرَّة التي وسَطها وهي أَنْفَس خرزها؛ وفي الصحاح: واسِطةُ القلادة الجَوْهَرُ الذي هو في وَسطِها وهو أَجودها، فأَما قول الأَعرابي للحسن: عَلَّمني دِيناً وَسُوطاً لا ذاهِباً فُرُوطاً ولا ساقِطاً سُقُوطاً، فإِن الوَسُوط ههنا المُتَوَسِّطُ بين الغالي والتَّالي، أَلا تراه قال لا ذاهباً فُرُوطاً؟ أَي ليس يُنال وهو أَحسن الأَديان؛ أَلا ترى إِلى قول عليّ، رضوان اللّه عليه: خير الناس هذا النمَطُ الأَوْسَط يَلْحق بهم التَّالي ويرجع إِليهم الغالي؟ قال الحسن للأَعرابي: خيرُ الأُمور أَوْساطُها؛ قال ابن الأَثير في هذا الحديث: كلُّ خَصْلة محمودة فلها طَرَفانِ مَذْمُومان، فإِن السَّخاء وسَطٌ بين البُخل والتبذير، والشجاعةَ وسَط بين الجُبن والتهوُّر، والإِنسانُ مأْمور أَن يتجنب كل وصْف مَذْمُوم، وتجنُّبُه بالتعَرِّي منه والبُعد منه، فكلَّما ازداد منه بُعْداً ازداد منه تقرُّباً، وأَبعدُ الجهات والمقادير والمعاني من كل طرفين وسَطُهما، وهو غاية البعد منهما، فإِذا كان في الوسَط فقد بَعُد عن الأَطراف المذمومة بقدر الإِمكان.
وفي الحديث: الوالِد أَوْسَطُ أَبواب الجنة أَي خيرُها. يقال: هو من أَوسَطِ قومِه أَي خيارِهم.
وفي الحديث: أَنه كان من أَوْسَطِ قومه أَي من أَشْرَفِهم وأَحْسَبِهم.
وفي حديث رُقَيْقةَ: انظُروا رجلاً وسِيطاً أَي حَسِيباً في قومه، ومنه سميت الصلاة الوُسْطَى لأَنها أَفضلُ الصلوات وأَعظمها أَجْراً، ولذلك خُصت بالمُحافَظةِ عليها، وقيل: لأَنها وسَط بين صلاتَيِ الليل وصلاتَيِ النهار، ولذلك وقع الخلاف فيها فقيل العصر، وقيل الصبح، وقيل بخلاف ذلك، وقال أَبو الحسن: والصلاة الوسطى يعني صلاة الجمعة لأَنها أَفضلُ الصلواتِ، قال: ومن قال خلافَ هذا فقد أَخْطأَ إِلا أَن يقوله برواية مُسنَدة إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم.
ووَسَطَ في حَسَبِه وَساطة وسِطةً ووَسُطَ ووسَّط؛ ووَسَطَه: حَلَّ وَسَطَه أَي أَكْرَمَه؛ قال: يَسِطُ البُيوتَ لِكي تكون رَدِيّةً، من حيثُ تُوضَعُ جَفْنةُ المُسْتَرْفِدِ ووَسَطَ قومَه في الحسَبِ يَسِطُهم سِطةً حسنَة. الليث: فلان وَسِيطُ الدارِ والحسَبِ في قومه، وقد وسُطَ وَساطةً وسِطةً ووَسَّطَ توْسِيطاً؛ وأَنشد: وسَّطْت من حَنْظَلةَ الأُصْطُمّا وفلان وسِيطٌ في قومه إِذا كان أَوسطَهم نسَباً وأَرْفعَهم مَجْداً؛ قال العَرْجِيُّ: كأَنِّي لم أَكُنْ فيهم وسِيطاً، ولم تَكُ نِسْبَتي في آلِ عَمْرِ والتوْسِيطُ: أَن تجعل الشيء في الوَسَط.
وقرأَ بعضهم: فوَسَّطْنَ به جمعاً؛ قال ابن بري: هذه القراءة تُنسب إِلى عليّ، كرّم اللّه وجهه، وإِلى ابن أَبي ليلى وإِبراهيم بن أَبي عَبْلَةَ.
والتوْسِيطُ: قَطْعُ الشيء نصفين.
والتَّوَسُّطُ من الناس: من الوَساطةِ، ومَرْعىً وسَطٌ أَي خِيار؛ قال: إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا، ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعىً وَسَطا ووَسَطُ الشيءِ وأَوْسَطُه: أَعْدَلُه، ورجل وَسَطٌ ووَسِيطٌ: حسَنٌ من ذلك.
وصار الماءُ وَسِيطةً إِذا غلَب الطينُ على الماء؛ حكاه اللحياني عن أَبي طَيْبة.
ويقال أَيضاً: شيءٌ وَسَطٌ أَي بين الجَيِّدِ والرَّدِيء.
وفي التنزيل العزيز: وكذلك جَعَلْناكم أُمّة وسَطاً؛ قال الزجاج: فيه قولان: قال بعضهم وسَطاً عَدْلاً، وقال بعضهم خِياراً، واللفظان مختلفان والمعنى واحد لأَن العَدْل خَيْر والخير عَدْلٌ، وقيل في صفة النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: إِنه كان من أَوْسَطِ قومِه أَي خِيارِهم، تَصِف الفاضِلَ النسَب بأَنه من أَوْسَطِ قومه، وهذا يَعرِف حقيقَته أَهلُ اللغة لأَن العرب تستعمل التمثيل كثيراً، فَتُمَثِّل القَبِيلةَ بالوادي والقاعِ وما أَشبهه، فخيرُ الوادي وسَطُه، فيقال: هذا من وَسَط قومِه ومن وَسَطِ الوادي وسَرَرِ الوادي وسَرارَته وسِرِّه، ومعناه كله من خَيْر مكان فيه، وكذلك النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، من خير مكان في نسَب العرب، وكذلك جُعِلتْ أُمّته أُمة وسَطاً أَي خِياراً.
وقال أَحمد بن يحيى: الفرق بين الوسْط والوَسَط أَنه ما كانَ يَبِينُ جُزْء من جُزْء فهو وسْط مثل الحَلْقة من الناس والسُّبْحةِ والعِقْد، قال: وما كان مُصْمَتاً لا يَبِينُ جزء من جزء فهو وسَط مثل وسَطِ الدارِ والراحة والبُقْعة؛ وقال الليث: الوسْط مخففة يكون موضعاً للشيء كقولك زيد وسْطَ الدارِ، وإِذا نصبت السين صار اسماً لما بين طَرَفَيْ كل شيء؛ وقال محمد ابن يزيد: تقول وَسْطَ رأْسِك دُهْنٌ يا فَتى لأَنك أَخبرت أَنه استقرّ في ذلك الموضع فأَسكنت السين ونصبت لأَنه ظرف، وتقول وسَطُ رأْسِك صُلْب لأَنه اسم غير ظرف، وتقول ضربْت وسَطَه لأَنه المفعول به بعينه، وتقول حَفَرْتُ وسَطَ الدارِ بئراً إِذا جعلت الوَسَط كله بِئراً، كقولك حَرَثْت وسَطَ الدار؛ وكل ما كان معه حرف خفض فقد خرج من معنى الظرف وصار اسماً كقولك سِرْت من وَسَطِ الدار لأَنَّ الضمير لِمنْ، وتقول قمت في وسَط الدار كما تقول في حاجة زيد فتحرك السين من وسَط لأَنه ههنا ليس بظرف. الفراء: أَوْسَطْت القومَ ووَسَطْتُهم وتوَسَّطْتُهم بمعنى واحد إِذا دخلت وسْطَهم. قال اللّه عزّ وجلّ: فوَسَطْنَ به جَمْعاً.
وقال الليث: يقال وَسَطَ فلانٌ جماعةً من الناس وهو يَسِطُهم إِذا صار وَسْطَهم؛ قال: وإِنما سمي واسِطُ الرحْل واسِطاً لأَنه وسَطٌ بين القادِمة والآخرةِ، وكذلك واسِطةُ القِلادةِ، وهي الجَوْهرة التي تكون في وسَطِ الكِرْسِ المَنْظُوم. قال أَبو منصور في تفسير واسِطِ الرَّحْل ولم يَتَثَبَّتْه: وإِنما يعرف هذا من شاهَدَ العَربَ ومارَسَ شَدَّ الرِّحال على الإِبل، فأَما من يفسِّر كلام العرب على قِياساتِ الأَوْهام فإِنَّ خَطأَه يكثر، وللرحْلِ شَرْخانِ وهما طَرَفاه مثل قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الذي يلي ذنب البعير آخِرةُ الرحل ومُؤْخِرَتُه، والطرف الذي يلي رأْس البعير واسِطُ الرحل، بلا هاء، ولم يسمَّ واسطاً لأَنه وَسَطٌ بين الآخرة والقادِمة كما قال الليث: ولا قادمة للرحل بَتَّةً إِنما القادمةُ الواحدةُ من قَوادِم الرِّيش، ولضَرْع الناقة قادِمان وآخِران، بغير هاء، وكلام العرب يُدَوَّن في الصحف من حيث يصح، إِمّا أَن يُؤْخَذَ عن إِمام ثِقَة عَرَفَ كلام العرب وشاهَدَهم، أَو يقبل من مؤدّ ثقة يروي عن الثقات المقبولين، فأَما عباراتُ مَن لا معرفة له ولا أَمانة فإِنه يُفسد الكلام ويُزيله عن صِيغته؛ قال: وقرأْت في كتاب ابن شميل في باب الرحال قال: وفي الرحل واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فواسطه مُقَدَّمه الطويل الذي يلي صدر الراكب، وأَما آخِرته فمُؤخرَته وهي خشبته الطويلة العريضة التي تحاذي رأْس الراكب، قال: والآخرةُ والواسط الشرْخان.
ويقال: ركب بين شَرْخَيْ رحله، وهذا الذي وصفه النضْر كله صحيح لا شك فيه. قال أَبو منصور: وأَما واسِطةُ القِلادة فهي الجوهرة الفاخرة التي تجعل وسْطها.
والإِصْبع الوُسطى.
وواسِطُ: موضع بين الجَزيرة ونَجْد، يصرف ولا يصرف.
وواسِط: موضع بين البصرة والكوفة وُصف به لتوسُّطِه ما بينهما وغلبت الصفة وصار اسماً كما قال: ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه، عليه تُرابٌ من صَفِيحٍ مُوَضَّع قال سيبويه: سموه واسطاً لأَنه مكان وسَطٌ بين البصرة والكوفة: فلو أَرادوا التأْنيث قالوا واسطة، ومعنى الصفة فيه وإِن لم يكن في لفظه لام. قال الجوهري: وواسِط بلد سمي بالقصر الذي بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة، وهو مذكر مصروف لأَن أَسماء البُلدان الغالب عليه التأْنيث وتركُ الصرف، إِلاَّ مِنىً والشام والعراق وواسطاً ودابِقاً وفَلْجاً وهَجَراً فإِنها تذكر وتصرف؛ قال: ويجوز أَن تريد بها البقعة أَو البلْدة فلا تصرفه كما قال الفرزدق يرثي به عمرو بن عبيد اللّه بن مَعْمر: أَمّا قُرَيْشٌ، أَبا حَفْصٍ، فقد رُزِئتْ بالشامِ، إِذ فارَقَتْك، السمْعَ والبَصَرا كم من جَبانٍ إِلى الهَيْجا دَلَفْتَ به، يومَ اللِّقاء، ولولا أَنتَ ما صَبرا مِنهنَّ أَيامُ صِدْقٍ، قد عُرِفْتَ بها، أَيامُ واسِطَ والأَيامُ مِن هَجَرا وقولهم في المثل: تَغافَلْ كأَنَّك واسِطِيٌّ؛ قال المبرد: أَصله أَن الحجاج كان يتسخَّرُهم في البِناء فيَهْرُبون ويَنامون وسْط الغُرباء في المسجد، فيجيء الشُّرَطِيُّ فيقول: يا واسِطيّ، فمن رفع رأْسه أَخذه وحمله فلذلك كانوا يتَغافلون.
والوَسُوط من بيوت الشعَر: أَصغرها.
والوَسُوط من الإِبل: التي تَجُرُّ أَربعين يوماً بعد السنة؛ هذه عن ابن الأَعرابي، قال: فأَما الجَرُور فهي التي تجرّ بعد السنة ثلاثة أَشهر، وقد ذكر ذلك في بابه.
والواسطُ: الباب، هُذَليّة.

فرس (لسان العرب)
الفَرَس: واحد الخيل، والجمع أَفراس، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، ولا يقال للأُنثى فيه فَرَسة؛ قال ابن سيده: وأَصله التأْنيث فلذلك قال سيبويه: وتقول ثلاثة أَفراس إِذا أَردت المذكر، أَلزموه التأْنيث وصار في كلامهم للمؤنث أَكثر منه للمذكر حتى صار بمنزلة القدَم؛ قال: وتصغيرها فُرَيْس نادِر، وحكى ابن جِني فَرَسَة. الصحاح: وإِن أَردت تصغير الفَرس الأُنثى خاصة لم تقُل إِلا فُرَيسَة، بالهاء؛ عن أَبي بكر بن السراج، والجمع أَفراس، وراكبه فارس مثل لابن وتامِر. قال ابن السكيت: إِذا كان الرجل على جافرٍ، بِرْذَوْناً كان أَو فرَساً أَو بغْلاً أَو حماراً، قلت: مرَّ بنا فارس على بغل ومرّ بنا فارس على حمار؛ قال الشاعر: وإِني امرؤٌ للخَيل عندي مَزيَّة، على فارِس البِرْذَوْنِ أَو فارس البَغْلِ وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، لا أَقول لصاحب البغل فارس ولكني أَقول بغَّال، ولا أَقول لصاحب الحمار فارس ولكني أَقول حَمّار.
والفرَس: نجم معروف لمُشاكلته الفرس في صُورته.
والفارس: صاحب الفرَس على إِرادة النسَب، والجمع فُرْسان وفَوارس، وهو أَحَدُ ما شذَّ من هذا النَّوع فجاء في المذكر على فَواعِل؛ قال الجوهري في جمعه على فَوارس: هو شاذ لا يُقاس عليه لأَن فواعل إِنما هو جمع فاعلة مثل ضاربة وضَوارِب، وجمع فاعل إِذا كان صفة للمؤنث مثل حائض وحَوائض، أَو ما كان لغير الآدميّين مثل جمل بازل وجمال بَوازِل وجمل عاضِه وجمال عَواضِه وحائِط وحوائِط، فأَما مذكّر ما يَعقِل فلم يُجمع عليه إِلا فَوارِس وهَوالك ونَواكِس، فأَما فوارِس فلأَنه شيء لا يكون في المؤنث فلم يُخَفْ فيه اللّبْس، وأَما هوالك فإِنما جاء في المثل هالِك في الهَوالِك فَجَرى على الأَصل لأَنه قد يجيء في الأَمثال ما لا يجيء في غيرها، وأَما نواكِس فقد جاء في ضرورة الشِّعْر.
والفُرسان: الفوارس؛ قال ابن سيده: ولم نَسمَع امرأَة فارِسة، والمصدر الفَراسة والفُرُوسة، ولا فِعْل له.
وحكى اللحياني وحده: فَرَس وفَرُس إِذا صار فارساً، وهذا شاذ.
وقد فارَسه مُفارَسة إِذا صار فارساً، وهذا شاذ.
وقد فارَسه مُفارَسة وفِراساً، والفَراسة، بالفتح، مصدر قولك رجل فارِس على الخيل. الأَصمعي: يقال فارِس بيّن الفُرُوسة والفَراسة والفُرُوسِيّة، وإِذا كان فارساً بِعَيْنِه ونَظَرِه فهو بيّن الفِراسة، بكسر الفاء، ويقال: إِن فلاناً لفارس بذلك الأَمر إِذا كان عالماً به.
ويقال: اتقوا فِراسة المؤمن فإِنه ينظر بنور اللَّه.
وقد فرُس فلان، بالضم، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الخيل. قال: وهو يَتَفَرَّس إِذا كان يُري الناسَ أَنه فارس على الخيل.
ويقال: هو يَتَفَرَّس إِذا كان يَتَثَبَّتُ وينظرُ.
وفي الحديث: أَن رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، عَرض يوماً الخيلَ وعنده عُيَيْنة بن حِصن الفَزاري فقال له: أَنا أَعلم بالخيل منك، فقال عُيينة: وأَنا أَعلم بالرجال منك، فقال: خيار الرِّجال الذين يَضَعُون أَسيافهم على عَواتِقِهم ويَعْرُِضُون رِماحهم على مناكب خيلهم من أَهل نجد، فقال النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: كذبتَ؛ خِيارُ الرجال أَهل اليمن، الإِيمان يَمانٍ وأَنا يَمانٍ، وفي رواية أَنه قال: أَنا أَفرَسُ بالرجال؛ يريد أَبْصَرُ وأَعرَفُ. يقال: رجل فارس بيِّن الفُروسة والفَراسة في الخيل، وهو الثُّبات عليها والحِذْقُ بأَمرها.
ورجل فارس بالأَمر أَي عالم به بصير.
والفِراسة، بكسر الفاء: في النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل للشيء وابصَر به، يقال إِنه لفارس بهذا الأَمر إِذا كان عالماً به.
وفي الحديث: عَلِّمُوا أَولادكم العَوْم والفَراسة؛ الفَراسَة، بالفتح: العِلم بركوب الخيل وركْضِها، من الفُرُوسيَّة، قال: والفارس الحاذق بما يُمارس من الأَشياء كلها، وبها سمي الرجل فارساً. ابن الأَعرابي: فارِس في الناس بيِّن الفِراسة والفَراسة، وعلى الدابة بيِّن الفُرُوسِيَّة، والفُروسةُ لغة فيه، والفِراسة، بالكسر: الاسم من قولك تفرَّسْت فيه خيراً.
وتفرَّس فيه الشيءَ: توسَّمَه.
والاسم الفِراسَة، بالكسر.
وفي الحديث: اتَّقُوا فِراسَة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: يقال بمعنيَين: أَحدهما ما دل ظاهرُ الحديث عليه وهو ما يُوقِعُه اللَّه تعالى في قلوب أَوليائه فيَعلمون أَحوال بعض الناس بنَوْع من الكَرامات وإِصابة الظنّ والحَدْس، والثاني نَوْع يُتَعَلَم بالدلائل والتَّجارب والخَلْق والأَخْلاق فتُعرَف به أَحوال الناس، وللناس فيه تصانيف كثيرة قديمة وحديثة، واستعمل الزجاج منه أَفعل فقال: أَفْرَس الناس أَي أَجودهم وأَصدقهم فِراسة ثلاثةٌ: امرأَةُ العزيز في يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وابنةُ شُعَيْب في موسى، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وأَبو بكر في تولية عمر بن الخطاب، رضي اللَّه عنهما. قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو على الفعل أم هو من باب أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ، وهو يَتَفَرَّس أَي يَتثَبَّت وينظر؛ تقول منه: رجل فارِس النَّظَر.
وفي حديث الضحاك في رجل آلى من امرأَته ثم طلقها قال: هما كَفَرَسَيْ رِهانٍ أَيُّهما سبَق أُخِذ به؛ تفسيره أَن العِدَّة، وهي ثلاث حِيَض أَو ثلاثة أَطهار، إِنِ انْقَِضَت قَبلَ انقضاء إِيلائه وهو أَربعة أَشهر فقد بانت منه المرأَة بتلك التطليقة، ولا شيء عليه من الإِيلاء لأَن الأَربعة أَشهر تنقضي وليست له بزوج، وإِن مضت الأَربعة أَشهر وهي في العِدّة بانت منه بالإِيلاء مع تلك التطليقة فكانت اثنتين، فجَعَلَهما كَفَرَسَيْ رِهان يتسابقان إِلى غاية.
وفَرَسَ الذَبيحَة يَفْرِسُها فَرْساً: قطع نُِخاعَها، وفَرَّسَها فَرْساً: فصَل عُنُقها ويقال للرجل إِذا ذبح فنَخَع: قد فَرَس، وقد كُرِه الفَرْس في الذّبيحَة؛ رواه أَبو عبيدة بإِسناده عن عمر، قال أَبو عبيدة: الفَرْس هو النَّخْعُ، يقال: فَرَسْت الشاة ونَخَعْتُها وذلك أَن تَنتَهي بالذبح إِلى النُِّخاع، وهو الخَيْطُ الذي في فَقار الصُّلْب مُتَّصِل بالفقار، فنهى أَن يُنْتهى بالذبح إِلى ذلك الموضع؛ قال أَبو عبيد: أما النَّخْع فعلى ما قال أَبو عبيدة، وأَما الفَرْس فقد خُولف فيه فقيل: هو الكسر كأَنه نهى أَن يُكْسَرَ عظمُ رقبة الذبيحة قبل أَن تَبْرُدَ، وبه سُمِّيت فَريسة الأَسد لِلْكسر. قال أَبو عبيد: الفَرْس، بالسين، الكسر، وبالصاد، الشق. ابن الأَعرابي: الفرس أَن تُدَقّ الرقبَة قبل أَن تُذْبَح الشاة وفي الحديث: أَمَرَ مُنادِيَه فنادَى: لا تَنْخَعُوا ولا تَفْرِسوا.
وفَرَسَ الشيءَ فَرْساً: دَّقَه وكَسَرَهُ؛ وفَرَسَ السَّبُعُ الشيءَ يفرِسُه فَرْساً.
وافْتَرَسَ الدَّابة: أَخذه فدَقَّ عُنُقَه؛ وفَرَّسَ الغَنم: أَكثر فيها من ذلك. قال سيبويه: ظَلَّ يُفَرِّسُها ويُؤَكِّلُها أَي يُكثِر ذلك فيها.
وسَبُعٌ فَرَّاس: كثير الافتراس؛ قال الهذلي: يا مَيّ لا يُعْجِز الأَيامَ ذُو حِيَدٍ، في حَوْمَةِ المَوْتِ، رَوَّامٌ وفَرَّاسُ (* قوله «يا مي إلخ» تقدم في عرس: يا مي لا يعجز الأَيام مجترئ في حومة الموت رزام وفرَّاس).
والأَصل في الفَرْس دَقُّ العُنُق، ثم كَثُرَ حتى جُعِل كل قتل فَرْساً؛ يقال: ثَوْر فَرِيس وبقرة فَريس.
وفي حديث يأْجوج ومأْجوج: إِن اللَّه يُرْسِل النِّغَف عليهم فيُصْبِحُون فَرْسَى أَي قَتْلَى، الواحد فَرِيسٌ، من فَرَسَ الذئب الشاة وافترسها إِذا قتلها، ومنه فَرِيسة الأَسد.
وفَرْسَى: جمع فريس مثل قَتْلى وقَتِيل.قال ابن السِّكِّيت: وفَرَسَ الذئبُ الشاة فَرْساً، وقال النضر بن شُمَيل: يقال أَكل الذئب الشاة ولا يقال افْتَرَسها. قال ابن السكيت: وأَفْرَسَ الراعي أَي فَرَسَ الذئب شاة من غَنَمه. قال: وأَفْرَسَ الرجلُ الأَسدَ حِمارَه إِذا تركه له لِيَفْتَرِسَه ويَنْجُوَ هو.
وفَرَّسه الشيءَ: عَرَّضَه له يَفْترِسه؛ واستعمل العجاج ذلك في النُّعَرِ فقال: ضَرْباً إِذا صَابَ اليآفِيخَ احْتَفَرْ، في الهامِ دُخْلاناً يُفَرِّسْنَ النُّعَرْ أَي أَنّ هذه الجراحات واسعة، فهي تمكِّن النُّعَر مما تُرِيده منها؛ واستعمله بعض الشُّعراء في الإِنسان فقال، أَنشده ابن الأَعرابي: قد أَرْسَلُوني في الكَواعِبِ رَاعياً فَقَدْ، وأَبي، رَاعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ (* قوله «أفرس مع قوله في البيت بعده ان تفرسا» كذا بالأصل، فإن صحت الرواية ففيه عيب الاصراف) أَتَتْهُ ذِئابٌ لا يُبالِين رَاعِياً، وكُنَّ ذِئاباً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا أَي كانت هذه النساء مُشْتَهِيات للتَّفْرِيس فجعلهُنَّ كالسَّوامِ إِلا أَنهنَّ خالَفْن السَّوام لأَنَّ السَّوام لا تشتهي أَن تُفَرِّسَ، إِذ في ذلك حَتْفُها، والنساء يَشْتَهِين ذلك لما فيه من لذَّتهنّ، إِذْ فَرْس الرجال النساء ههنا إِنما هو مُواصَلَتُهُنَّ؛ وأَفْرِسُ من قوله: فَقَدْ، وأَبي راعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ موضوع موضع فَرَسْت كأَنه قال: فقد فَرَسْتُ؛ قال سيبويه: قد يَضَعون أَفْعَلُ موضع فَعَلْت ولا يَضَعُون فَعَلْتُ في موضع أَفْعَل إِلا في مُجازاة نحو إِن فَعَلْتَ فَعَلْتُ.
وقوله: وأَبي خَفْضٌ بواو القَسَم، وقوله: رَاعِي الكواعِب يكون حالاً من التَّاء المقدَّرة، كأَنه قال: فَرَسْت رَاعِياً للكواعب أَي وأَنا إِذ ذاك كذلك، وقد يجوز أَن يكون قوله وَأَبي مُضافاً إِلى راعِي الكواعِب وهو يريد بِرَاعي الكَواعِب ذاتَهُ: أَتَتْهُ ذِئابٌ لا يُبالين رَاعِياً أَي رجالُ سُوء فُجَّارٌّ لا يُبالُون من رَعَى هؤلاء النساء فنالوا منهنّ إِرادَتَهُم وهواهُمْ ونِلْنَ منهم مثلَ ذلك، وإِنما كَنَى بالذِّئاب عن الرجال لأَن الزُّناة خُبَثاء كما أَن الذئاب خَبيثة، وقال تَشْتَهِي على المبالغة، ولو لم يُرِد المُبالَغة لقال تريد أَن تُفَرِّس مكان تَشْتَهِي، على أَن الشهوة أَبلغ من الإِرادة، والعقلاء مُجْمعُون على أَن الشَّهوة غير محمودة البَتَّة. فأَما المراد فمِنْه محمود ومنه غير محمود.
والفَريسَة والفَرِيسُ: ما يَفْرِسُه؛ أَنشد ثعلب: خافُوه خَوْفَ الليثِ ذي الفَرِيس وأَفرسه إِياه: أَلقاه له يَفْرِسُه.
وفَرَسَه فَرْسَةً قَبيحة: ضَرَبه فدخل ما بين وِرْكَيْه وخرجَتْ سُرَّته.
والمَفْرُوسُ: المكسُور الظهر.
والمَفْروس والمفزور والفَريسُ: الأَحْدَب.
والفِرْسَة: الحَدْبَة، بكسر الفاء.
والفِرْسَة: الرِّيح التي تُحْدِب، وحكاها أَبو عُبَيد بفتح الفاء، وقيل: الفِرْسَة قَرْحة تكون في الحَدَب، وفي النَّوبة أَعلى (* قوله «وفي النوبة أَعلى» هكذا في الأَصل، ولعل فيه سقطاً.
وعبارة القاموس وشرحه في مادة فرص: والفرصة، بالضم، التوبة والشرب، نقله الجوهري، والسين لغة، يقال: جاءت فرصتك من البئر أَي نوبتك.)، وذلك مذكور في الصاد أَيضاً.
والفَرْصَة: ريح الحَدَب، والفَرْس: ريح الحَدَب. الأَصمعي: أَصابته فَرْسَة إِذا زالت فَقْرة من فَقار ظهره، قال: وأَمّا الرِّيح التي يكون منها الحَدَب فهي الفَرْصَة، بالصاد. أَبو زيد: الفِرسَة قَرْحَة تكون في العُنُق فَتَفْرِسها أَي تدقها؛ ومنه فَرَسْتُ عُنُقه. الصحاح: الفَرْسَة ريح تأْخذُ في العُنُق فَتَفْرِسُها.
وفي حديث قَيْلَة: ومعها ابنة لها أَحْدَبَها الفِرْسَة أَي ريح الحدَب فيَصير صاحبها أَحْدَب.
وأَصاب فُرْسَتَه أَي نُهْزَته، والصاد فيها أَعرف.
وأَبو فِراسٍ: من كُناهُم، وقد سَمَّت العرَب فِراساً وفَراساً.
والفَرِيسُ: حَلْقَة من خَشب معطوفة تُشَدُّ في رأْس حَبْل؛ وأَنشد: فلو كانَ الرِّشا مِئَتَيْنِ باعاً، لَكان مَمرُّ ذلك في الفَرِيسِ الجوهري: الفَريس حَلْقَة من خَشب يقال لها بالفارسيَّة جَنْبر.
والفِرْناس، مثل الفِرْصاد: من أَسماء الأَسد مأْخوذة من الفَرْسِ، وهو دقّ العُنُق، نونه زائدة عند سيبويه.
وفي الصحاح: وهو الغليظ الرَّقبة.
وفِرْنَوْس: من أَسمائه؛ حكاه ابن جني وهو بناء لم يحكه سيبويه.
وأَسد فُرانِس كفِرْناس: فُعانِل من الفَرْس، وهو مما شذَّ من أَبنية الكتاب.
وأَبو فِراس: كُنية الأَسد.
والفِرس، بالكسر: ضرب من النَّبات، واختَلَف الأَعراب فيه فقال أَبو المكارِم: هو القَصْقاص، وقال غيره: هو الحَبَنٌ، وقال غيره: هو الشَِّرْشَِرُ، وقال غيره: هو البَرْوَقُ. ابن الأَعرابي: الفَراس تمر أَسود وليس بالشِّهْرِيزِ؛ وأَنشد: إِذا أَكلُوا الفَراسَ رأَيت شاماً على الأَنْثال منهمْ والغُيُوبِ قال: والأَنْثال التِّلال.
وفارِسُ: الفُرْسُ، وفي الحديث: وخَدَمَتْهم فارِسُ والرُّوم؛ وبِلادُ الفُرْس أَيضاً؛ وفي الحديث: كنت شاكِياً بفارس فكنتُ أُصلي قاعدا فسأَلت عن ذلك عائشة؛ يريد بلادَ فارِس، ورواه بعضهم بالنون والقاف جمع نِقْرِس، وهو الأَلم المعرُوف في الأَقدام، والأَول الصحيح.
وفارِس: بلدٌ ذو جِيل، والنسب إِليه فارسيّ، والجمع فُرْس؛ قال ابن مُقْبِل: طافَت به الفُرْسُ حتى بَدَّ ناهِضُها وفَرْسٌ: بلد؛ قال أَبو بثينة: فأَعْلُوهم بِنَصْلِ السَّيف ضرْباً، وقلتُ: لعلَّهم أَصحابُ فَرْسِ ابن الأَعرابي: الفَرسن التفسير (* قوله «الفرسن التفسير» هكذا في الأصل.)، وهو بيانُ وتفصيلُ الكتاب.
وذُو الفَوارِس: موضع؛ قال ذو الرُّمَّة:أَمْسى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِطِيَّتِهِ، مِنْ ذِي الفَوارِس، تَدْعُوا أَنفَه الرِّبَبُ وقوله هو: إِلى ظُعْنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِفٍ، شِمالاً، وعن أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ يجوز أَن يكون أَراد ذُو الفَوارِس.
وتَلُّ الفَوارس: موضع معروف، وذكر أَنَّ ذلك في بعض نسخ المصنف، قال وليس ذلك في النسخ كلها.
وبالدَّهْناء جِبال من الرَّمْل تسمَّى الفَوارِس؛ قال الأَزهري: وقد رأَيتها.
والفِرْسِنُ، بالنون، للبعير: كالحافِر للدابة؛ قال ابن سيده: الفِرْسِن طَرف خُفّ البعير، أُنثى، حكاه سيبويه في الثلاثي، قال: والجمع فَراسِن، ولا يقال فِرْسِنات كما قالوا خَناصِر ولم يقولوا خِنْصِرات.
وفي الحديث: لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئاً، ولو فِرْسِن شاة. الفِرْسِن: عَظْم قليل اللحم، وهو خُفّ البعير كالحافر للدابة، وقد يستعار للشَّاة فيقال فِرْسِن شاة، والذي للشّاة هو الظِّلْف، وهو فِعْلِن والنون زائدة، وقيل أَصلية لأَنها من فَرَسْت.
وفَرَسان، بالفتح: لقَب قبيلة.
وفِراس بن غَنْم: قبيلة، وفِراس بن عامر كذلك.

وسق (لسان العرب)
الوَسْقُ والوِسْقُ: مِكْيَلَة معلومة، وقيل: هو حمل بعير وهو ستون صاعاً بصاع النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو خمسة أَرطال وثلث، فالوسْقُ على هذا الحساب مائة وستون مَناً؛ قال الزجاج: خمسة أَوسق هي خمسة عشر قَفِيزاً، قال: وهو قَفِيزُنا الذي يسمى المعدّل، وكل وَسْق بالمُلَجَّم ثلاثة أَقْفِزَةٍ، قال: وستون صاعاً أَربعة وعشرون مكُّوكاً بالمُلَجَّم وذلك ثلاثة أَقفِزَةٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليس فيما دون خمسة أَو سُقٍ من التمر صدقة. التهذيب: الوَسْقُ، بالفتح، ستون صاعاً وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز، وأَربعمائة وثمانون رطلاً عند أَهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمُدِّ، والأَصل في الوَسْق الحَمْل؛ وكل شيء وسَقَتْه، فقد حملته. قال عطاء في قوله خمسة أَوْسُقٍ: هي ثلاثمائة صاع، كذلك قال الحسن وابن المسيب.
وقال الخليل: الوَسْق هو حِمْل البعير، والوِقْرُ حمل البغل أَو الحمار. قال ابن بري: وفي الغريب المصنف في باب طلع النخل: حَمَلت وَسْقاً أَي وِقْراً، بفتح الواو لا غير، وقيل: الوَسْق العِدْل، وقيل العِدْلان، وقيل هو الحِملُ عامة، والجمع أوْسُقٌ ووُسوق؛ قال أَبو ذؤيب: ما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عامَ غِيارِه، عليه الوُسُوقُ، بُرُّها وشَعِيرُها ووَسَقَ البعيرَ وأَوْسَقه: أَوْقَره.
والوَسْقُ: وَقْر النخلة.
وأَوْسَقَت النخلةُ: كثر حَمْلها؛ قال لبيد: وإلى الله تُرْجَعون، وعند الـْ لمَه وِرْدُ الأُمور والإصدارُ كلَّ شيء أَحْصَى كتاباً وحِفْظاً، ولَدَيْهِ تَجَلَّت الأَسْرارُ (* في رواية أخرى: وعِلماً بدل وحفظاً). يوم أَرزاقُ من يُفَضَّلُ عُمٌّ، موسِقاتٌ وحُفَّلٌ أَبكارُ قال شمر: وأَهل الغرب يسمون الوَسْق الوِقْر، وهي الأَوْساق والوُسُوق.
وكل شيء حملته، فقد وَسَقْته.
ومن أَمثالهم: لا أفعل كذا وكذا ما وَسَقَت عيني الماءَ أَي ما حملته.
ويقال: وَسَقَت النخلةُ إذا حملت، فإذا كثر حملها قيل أَوْسَقَتْ أَي حملت وَسْقاً.
وَوَسَقْت الشيء أَسِقُه وَسْقاً إذا حملته؛ قال ضابئ بن الحرث البُرْجُمِيُّ: فإنِّي، وإيَّاكم وشَوْقاً إليكُمُ، كقابض ماء لم تَسِقْهُ أَنامِلُهْ أَي لم تحمله، يقول: ليس في يدي شيء من ذلك كما أَنه ليس في يد القابض على الماء شيء، ووَسَقَت الأَتان إذا حلت ولداً في بطنها.
ووَسَقَت الناقة وغيرُها تَسِقُ أَي حملت وأَغْلَقَتْ رَحِمَها على الماء، فهي ناقة واسِقٌ ونُسوق وِساقٌ مثل نائم ونِيَام وصاحب وصِحَاب؛ قال بشر بن أَبي خازم:أَلَظَّ بِهِنَّ يَحْدوهُنَّ، حتى تَبَيَّنت الحِيالُ من الوِساقِ ووَسَقَت الناقةُ والشاةُ وَسْقاً ووُسوقاً، وهي واسِقٌ: لَقِحَتْ، والجمع مَوَاسِيق ومَواسِق كلاهما جمع على غير قياس؛ قال ابن سيده: وعندي أَن مَوَاسيق ومَوَاسق جمع ميساق ومَوْسق.
ولا آتيك ما وَسَقَتْ عيني الماءَ أَي ما حملته.
والمِيسَاق من الحمام: الوافر الجناح، وقيل: هو على التشبيه جعلوا جناحيه له كالوَسْقِ، وقد تقدم في الهمز، ويقوي أَن أَصله الهمز قولهم في جمعه مَآسيق لا غير.
والوُسُوق: ما دخل فيه الليل وما ضم.
وقد وَسَقَ الليلُ واتَّسَقَ؛ وكل ما انضم، فقد اتَّسَق.
والطريق يأتَسِقُ؛ ويَتَّسق أَي ينضم؛ حكاه الكسائي.
واتَّسَق القمر: استوى.
وفي التنزيل: فلا أُقسم بالشَّفَق والليل وما وَسَق والقمر إذا اتَّسَق؛ قال الفراء: وما وسَقَ أَي وما جمع وضم.
واتَّساقُ القمر: امتلاؤه واجتماعه واستواؤه ليلة ثلاث عشرة وأَربع عشرة، وقال الفراء: إلى ست عشرة فيهن امتلاؤه واتِّسَاقه، وقال أَبو عبيدة: وما وَسَقَ أَي وما جمع من الجبال والبحار والأشجار كأنه جمعها بأَن طلع عليها كلِّها، فإذا جَلَّلَ الليلُ الجبال والأَشجار والبحار والأَرض فاجتمعت له فقد وَسَقَها. أَبو عمرو: القمر والوَبَّاص والطَّوْس والمُتَّسِق والجَلَمُ والزِّبْرقان والسِّنِمَّارُ.
ووَسَقْت الشيءَ: جمعته وحملته.
والوَسْق: ضم الشيء إلى الشيء.
وفي حديث أُحُد: اسْتَوسِقُوا كما يَسْتَوْسِق جُرْبُ الغنم أَي استجمعوا وانضموا، والحديث الآخر: أَن رجلاً كان يَجوز المسلمين ويقول اسْتَوسِقُوا.
وفي حديث النجاشي: واسْتَوْسَقَ عليه أَمْرُ الحَبَشة أَي اجتمعوا على طاعته واستقر الملك فيه.
والوَسْقُ: الطرد؛ ومنه سميت الوَسِيقةُ، وهي من الإبل كالرُّفْقة من الناس، فإذا سُرِقَتْ طُرِدت معاً؛ قال الأَسود بن يَعْفُر: كَذَبْت عَلَيْكَ لا تزال تَقُوفُني، كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ وقوله كذبت عليك هو إغراء أَي عليك بي، وقوله تقوفني أَي تَقُضُّني وتتبع آثاري، والوَسِيقُ: الطَّرْد؛ قال: قَرَّبها، ولم تَكَدْ تُقَرَّب من آل نَسْيان، وَسِيقٌ أَجدب ووَسَق الإبلَ فاسْتَوْسقت أَي طردها فأَطاعت؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:إنَّ لنا لإبلاً نَقانِقا مُسْتَوسْقاتٍ، لو تجدْنَ سائقا أَراد مثل النَّقانِق وهي الظِّلْمانُ، شبهها بها في سرعتها.
واسْتَوْسَقت الإبل: اجتمعت؛ وأَنشد للعجاج: إنَّ لنا قلائصاً حقَائقا مُسْتَوْسقات، لو تجدْنَ سائقا وأَوْسَقْتُ البعير: حَمّلته حمْله ووَسَقَ الإبل: طردها وجمعها؛ وأَنشد:يوماً تَرانا صالحينَ، وتارةً تَقومُ بنا كالوَِاسِقِ المُتَلَبِّبِ واسْتَوْسَقَ لك الأَمرُ إذا أَمكنك.
واتَّسَقت الإبل واسْتَوْسقَت: اجتمعت.
ويقال: واسَقْتُ فلاناً مُوَاسقةً إذا عارضته فكنت مثله ولم تكن دونه؛ وقال جندل: فلسْتَ، إنْ جارَيْتني، مُوَاسِقِي، ولسْتَ، إن فَرَرْتَ مِنِّي، سابِقي والوِساقُ والمُوَاسقة: المُنَاهدة؛ قال عدي: ونَدَامَى لا يَبْخَلُون بما نا لوا، ولا يُعْسِرون عند الوِساقِ والوَسِيقةُ من الإبل والحمير: كالرُّفْقة من الناس، وقد وَسَقها وُسُوقاً، وقيل: كل ما جُمِع فقد وُسِقَ.
ووَسِيقهُ الحمار: عانته.
وتقول العرب: إن الليل لطويل ولا أَسِقُ بالَهُ ولا أَسِقْهُ بالاً، بالرفع والجزم، من قولك وَسَق إذا جَمَع أَي وُكِلت بجمع الهموم فيه.
وقال اللحياني: معناه لا يجتمع له أمره، قال: وهو دعاء.
وفي التهذيب: إن الليل لطويل ولا تَسِقْ جزم على الدعاء، ومثله: إن الليل طويل ولا يَطُلْ إلا بخير أَي لا طال إلا بخير. الأَصمعي: يقال للطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار: هو المِيساقُ، وجمعه مَآسِيق؛ قال الأَزهري: هكذا سمعته بالهمز. الجوهري: أَبو عبيد المِيساقُ الطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار، قال: وجمعه مَياسِيقُ.والاتّساقُ: الإنتظام.
ووَسَّقْتُ الحِنطة تَوْسيقاً أَي جعلتها وَسْقاً وَسْقاً. الأَزهري: الوَسِيقةُ القطيع من الإبل يطردها الشَّلاَّل، وسميت وَسيقةً لأن طاردها يجمعها ولا يَدَعُها تنتشر عليه فيلحَقُها الطلبُ فيردها، وهذا كما قيل للسائق قابض، لأَن السائق إذا ساق قطيعاً من الإبل قبضها أَي جمعها لئلا يتعذر عليه سوقها، ولأَنها إذا انتشرت عليه لم تتابع ولم تَطْرِدْ على صَوبٍ واحد.
والعرب تقول: فلان يسوق الوَسِيقة وينسُل الوَدِيقة ويحمي الحَقيقة؛ وجعل رؤبة الوَسْق من كل شيء فقال: كأَنَّ وَسْقَ جَنْدَلٍ وتُرْبِ، عليَّ، من تَنْحيب ذاك النَّحْبِ والوَسِيقةُ من الإبل ونحوها: ما غصبت. الأَصمعي: فرس مِعْتاق الوَسِيقة وهو الذي إذا طُرِدَ عليه طرِيدةٌ أنجاها وسبق بها؛ وأَنشد: أَلم أَظْلِفْ عن الشعراء عِرْضي، كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟